تقرير/ سلاف العلي
كان العمل البحري (العمل على متن السفن) في سوريا يقتصر بشكل رئيسي على سكان المناطق الساحلية، وعلى رأس هؤلاء العاملين أبناء جزيرة أرواد ومدينة طرطوس ثم اللاذقية، وغالباً ما كان الأفراد العاملون في هذا القطاع يتوارثون هذه المهنة من جيل إلى آخر في أسرهم.
وشهدت هذه المهنة تصاعدا في المنافسة على فرص العمل، إذ أصبحت الوظائف مغرية بسبب الرواتب المجزية التي تقدم في العمل البحري مقارنة بالأجور المحلية بالليرة السورية المتهاوية، إذ يمكن أن تصل الرواتب في البحر إلى مئات الدولارات بالنسبة الى السوريين والآلاف في الشركات العالمية.
بالتوازي، انخفض عدد السفن التي ترفع الأعلام السورية من 350 سفينة إلى ثلاث سفن حكومية فقط، إذ اتجهت غالبية الشركات الخاصة إلى رفع أعلام دول أخرى لتجنب العقوبات على سوريا، حتى أن البعض منها غادر مقره في سوريا، ما جعل مهمة العثور على فرصة عمل بالنسبة إلى البحارة السوريين الجدد أكثر صعوبة.
لكن وزارة النقل الحكومية بدأت الحديث عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك عن ورود شكاوى من المقبلين على العمل البحري أو ممن يعملون به، مفادها أنه: هناك أشخاص يقومون بالنصب والاحتيال تحت اسم (سماسرة البحر) بحجة تأمين فرص عمل على متن السفن التجارية من خلال تقديم فرص عمل وهمية ليس لها وجود، ومن خلال تأمين عقود عمل على بواخر متهالكة غير صالحة للإبحار، وعليه يقومون بتقاضي مبالغ مادية ضخمة عن كل شخص وعبر مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي (وأتساب – فيسبوك)، أو مكاتب وهمية غير مرخصة لمزاولة مثل هذه الأعمال وتضر بالشباب الباحثين عن فرص عمل.
يشار إلى أن مديرية عام الموانئ معنية بقضايا الوثائق الخاصة بالبحارة فقط، كالشهادات وعقود العمل البحرية وجوازات البحارة وتراخيص المهن البحرية، أما موضوع تأمين فرص العمل البحرية لا علاقة لها به نهائيا، إلا من خلال تنظيم العقود للعاملين أصولا عن طريق مديرية الموانئ وفروعها، وعندما ترد حالات احتيال أو غش تحال للجهات المعنية للتحقيق بها واتخاذ الإجراءات القانونية أصولا، وهذا الأمر ينطبق أيضا عندما وجود خللا بالوثائق والشهادات البحرية، إذ نتخذ كافة الإجراءات وفقا للقوانين والأنظمة النافذة، كذلك فأن أصحاب المهن البحرية يقومون بافتتاح مكاتب لإنجاز الأعمال البحرية، ويتم تشكيل لجان من قبل المديرية للتفتيش على رخص هذه المكاتب، ويجري إغلاق أي مكتب غير مرخص وفقاً للقوانين، وهنالك تحذير الى البحارة من أجل تجنب التواصل أو التعامل مع مثل هذه الشبكات، المجموعات، أو المكاتب غير المرخصة، ودعت لتقديم الشكاوى لمكافحة هذه الظاهرة المنتشرة في محافظتي اللاذقية وطرطوس خاصة، في أي مهنة في العالم، يوجد أشخاص مبتدئون يستحقون فرصتهم الأولى، لكن في العمل البحري في سوريا، لا يعترفون بهذا الأمر، يريدون منك أن تملك خبرة من دون منحك فرصة، أو أن تدفع كل ما تملك كي تنال هذه الفرصة.
السيدة عائشة من بانياس قالت: دفعنا لابني زياد مبلغ عشرين آلاف دولار أميركي، لقاء سنوات دراسته في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، التي يقع مقرها في مدينة الإسكندرية المصرية، وكان أملنا تهيئة الأبن ليكون بحاراً يتقاضى أجورا مرتفعة تعوض سنوات الدراسة والاغتراب، ولكن كانت الصدمة عندما وقع الابن ضحية لعملية احتيال أفشلت حلمه بالإبحار للمرة الأولى، فقد تخرج في الأكاديمية في 2022 بصفة طالب ضابط، بعدما أتم عامين أكاديميين، وعليه الآن أن يمضي في البحر خدمة لمدة سنة واحدة على أي سفينة تجارية في العالم، ومن ثم العودة إلى الإسكندرية لدراسة سنة إضافية مقسمة إلى جزأين، ستة أشهر دورة لنيل لقب ضابط ثان، وبقية السنة هي بكالوريوس في العلوم البحرية، لكن من دون السماسرة، لن يتمكن من خوض أول سفر بحري، وهو ما يمثل التحدي الأصعب لخريجي الأكاديميات البحرية الجدد، على ما أكد طلاب في الأكاديميات البحرية حديثي التخرج، بل أكثر من ذلك، فإن السمسار قد يؤمن للحالمين الجدد بالسفر ختما على الجواز على أنهم أبحروا لمدة عام ومارسوا كل المهام المطلوبة منهم، باعتبار أن طلاب الأكاديميات يدرسون لمدة سنتين دراسة نظرية وسنة إلزامية عملية يجب إمضاؤها على ظهر السفينة لنيل شهادة التخرج، وبينما نجح البعض بالإبحار للمرة الأولى عن طريق سماسرة بعدما دفعوا لهم مبالغ كبيرة، تعرض آخرون لعمليات احتيال، إذ دفعوا مبالغ طائلة لأشخاص ادعوا أنّهم سماسرة يعملون مع شركات نقل بحري، ثم اختفوا بعد الحصول على الأموال من البحارة الجدد، يحصل هذا في ظل عجز نقابة البحارة والعاملين في أعالي البحار السورية، ومقرها مدينة اللاذقية، عن التحرك ومواجهة ظاهرة السمسرة.
السيد خلدون وهو من أهالي اللاذقية قال: تتعاظم هذه المكاسب بالاحتيال في ظل عجز الضحايا عن مواجهة المحتالين من السماسرة، والذين يعملون في السر وبأسماء وهمية، في أروقة القضاء السوري، لعدم وجود نص قانوني يجرم مهنة السمسرة قانونياً، على عكس الاحتيال الذي تجرمه المادة 641 من قانون العقوبات، تتعمق المأساة عندما يسلم الضحايا سلفا بأن رفع مثل هذه الدعاوى ضد السماسرة المحتالين سيكون خاسرا لأن السمسرة أولا غير مجرمة، وهي مهنة معروفة ويمارسها كثير من الأشخاص، تكمن صعوبة دخول هذا القطاع في المنافسة الحادة بين الشبان الراغبين في دخوله، فهو بمثابة طوق نجاة لهم أمام الكثير من الظروف من ناحية الرواتب، ومن ناحية أخرى يسعى الكثيرون الى جمع آلاف الدولارات لدفع بدل الخدمة العسكرية التي تقارب 10 آلاف دولار أميركي، مع شرط البقاء خارج سوريا لسنوات عدة، فيما يحاول آخرون استغلال فرص السفر التي يوفرها العمل البحري للجوء إلى أوروبا عبر الموانئ الأوروبية التي ترسو فيها السفن التي يعملون عليها، وفي المقابل يتخوف أصحاب السفن من الأشخاص الجدد بسبب ضعف خبرتهم وعدم الثقة بالتزامهم.
ويضيف السيد طلال قائلا: إن السبب وراء انتشار السمسرة في العمل البحري، كثرة الطلب على السفر من الشباب سواء خريجي الأكاديميات البحرية أو الراغبين في العمل كبحارة أو مساعدي طباخ وغيرها من المهن، فالجميع يريد السفر لتأمين بدل خدمة العلم أو تقاضي رواتب بالعملة الصعبة، وأحيانا للهروب إلى أوروبا، وهنا الطامة الكبرى، يملك الراغبون في العمل بالبحر في سوريا خيارين لخوض هذه التجربة، إما العمل لمدة 36 شهرا متواصلة على متن سفينة، يتخللها دورات تأهيلية، أو الدراسة في الأكاديميات البحرية على مدى عامين، وتتوافر في سوريا اثنتان فقط، بالإضافة الى بعض الأكاديميات العربية في سوريا وبعض المعاهد.
السيد يزيد من اللاذقية قال: إن غالبية الشركات المالكة للسفن، والتي تعلن دوريا عن طلبات توظيف خريجين جدد، لا تملك مقرات في سوريا، إذ أقامت لها مقرات في الخارج، وهي السفن ترفع أعلاما غير سورية بسبب العقوبات المفروضة على البلاد، ما يجعل حركتها صعبة ويعيق دخولها الى الكثير من الدول لو رفعت علم سوريا، وبالتالي لا يمكن فرض أي شروط توظيف على هذه الشركات كونها تعامل معاملة الشركات الأجنبية، في حين لم تتجه الأكاديميات الى عقد أي تعاون مع شركات النقل البحري لمنح الخريجين فرصتهم الأولى، لعدم تعاون الشركات، وتنتشر على فيسبوك عشرات الإعلانات عن فرص في العمل البحري في سوريا، غالبيتها مقابل مبالغ سمسرة (تذكر صراحة أو بعد التواصل عبر برنامج الدردشة الشهير وأتساب غالبا، وتطلب هذه الإعلانات المكتوبة بلغة عربية ركيكة، دفع مبالغ مالية مرتفعة لقاء تأمين هذه الفرص، أن الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على الشخص الذي يقبل بدفع مبالغ كبيرة، وأضاف هؤلاء هم من خربوا السوق لأنهم حرموا غيرهم ممن يملكون خبرة من الحصول على الفرصة ولا يملكون المال الكافي، كما أنهم شجعوا السماسرة على مزيد من الطمع.
أن غالبية أصحاب السفن أكدوا أنهم يؤمنون الطاقم في عملية تجاوز توقعات العملاء، ويتم توظيف ذوي الكفاءات العالية وتدريبهم وتطويرهم بشكل مستمر، من خلال توفير فرص العمل المختلفة في مجال خدمات الدعم البحري وإدارة السفن وبرامج العمليات التجارية، والتي ستصنع ببيئة عمل تنافسية تقدم المزايا المختلفة والمكافئات التي تحفز على العطاء المستمر،وهناك العديد من الفرص لجميع الطواقم في مختلف المجالات ضمن الاسطول البحري و الناقلات، ووضع معايير السلامة و الإمتثال و معايير حماية البيئة و جودة الخدمة للصناعات الرائدة، والقيام بقياسها للإدراك التام بأهميتها في توفير بيئة عمل صحية لجميع الموظفين، ويتم تقديم الخدمات خدمات لا تشوبها شائبة ولا مثيل لها في جميع مجالات العمل لأن السلامة أولى الأولويات، واستخدام آخر ما توصلت له التكنولوجيا للوصول لخدمة مثالية ومنصة رقمية قوية تساعد على التعاون بشكل أفضل لاتخاذ قرارات تعتمد على البيانات المعطاة والتي تربط جميع مجالات العمل.