لكل السوريين

بنكهاته الخاصة.. “البرغل بالحمص” طعام شعبي تميزت به مناطق الساحل السوري

اللاذقية/ سلاف العلي  

كان للعيد في قرى الساحل السوري نكهة خاصة مميزة، فالعيد ليس فقط معايدات وألبسة جديدة وشراء حلويات أو تحضيرها في المنزل واصطحاب الأطفال إلى مدن الألعاب والملاهي، بل هناك تقليد شعبي تتناقله الأجيال في مدن وقرى الساحل السوري وهو أكلة البرغل بالحمص، والتي تضيف قيمة للعيد.

ولقد اشتهرت قرى ومدن الساحل السوري منذ القديم بمأكولات شعبية، وتنفرد بها دون بقية المدن السورية، والتي اعتمدت على المنتجات المتوفرة في البيئة وباتت من التراث الشعبي الخاص بأهالي الساحل، وفي مقدمة هذه الأكلات البرغل بالحمص التي ارتبط طبخها في أكثر الأحيان بالأعياد والمناسبات والولائم باعتبارها تقليداً شعبياً ومتفقاً عليها بين جميع الأذواق التي تُجمع على محبتها.

وتعتبر هذه الأكلة من القواسم المشتركة النادرة بين طعام الفقير التي كان يتم إعدادها بتكاليف مالية زهيدة بدون اللحم، وطعام الغني الذي يطبخه في الأعياد والولائم غنيا بأنواع اللحم، فرغم مرور الزمن وانتشار الكثير من الأصناف الجديدة إلا أن أكلة البرغل بالحمص ما زالت لها المكانة الخاصة والميزة الجامعة بين موائد الأغنياء والفقراء. وأن بعض الأشخاص يقومون في الاعياد بتحضير كميات كبيرة من البرغل بالحمص ويوزعونها على الفقراء والمحتاجين في تقليد أعطى نكهة خاصة لطقوس العيد في قرى الساحل السوري.

أكلة البرغل بالحمص تتجاوز عند بعض الأهالي اعتبارها مجرد أكلة، لتصبح جزءا من الذاكرة مع أشخاص ومناسبات مرتبطة بسنوات ماضية لتجمع العائلة والأقارب والأصدقاء، حيث كانت مناسبة للتلاقي، والامهات يعلمن بناتهن الصبايا كيف يتم طبخ البرغل بالحمص حتى ينضج ويستمتع من يتذوقه بالطعم الرائع.

اما أفضل الطرق لتحضيره فتتم كما يلي: بالبداية يقمن بسلق لحم الخاروف أو العجل أو الفروج مع الحمص في الماء مع إضافة بصلة وإكليل الجبل والقرنفل وورق الغار والمطيبات، وبعد نصف ساعة الى ثلاث ارباع الساعة يقمن بتصفية الماء والحمص المسلوق من الشوائب مع وضع اللحم جانباً حتى يبرد، ثم يعاد الماء الساخن والحمص إلى القدر الذي يطبخ فيه البرغل بالحمص، يوضع فوقه البرغل بعد أن يغسل وينقى من الحصى والشوائب , حيث تستغرق مدة الطهو حوالي الساعة تقريباً حيث يستخدم الحطب المتوسط عادة في عملية الطبخ مخافة أن يتعرض المقلي لنار قوية تؤدي إلى احتراق البرغل في أسفله ,وثم يوضع في اواني التقديم وعلى سطحه اللحم المقطع بعد إضافة  زيت الزيتون إلى الأكلة بعد انتهاء عملية الطهو، وخاصة إن كان زيت “خريج” وهو زيت معروف فقط في قرى الساحل السوري.

وحسب ما مورد عند الباحث في الموروث الشعبي نبيل عجمية، أن إعداد أكلة البرغل بالحمص عدا عن أنها مرتبطة بالعادات والتقاليد الشعبية الموروثة في الساحل، فهو يرتبط أيضاً بإعدادها في” المقلي” الذي هو عبارة عن إناء مصنوع من التراب الأحمر النقي ويعطي لأي أكلة يتم طهوها فيه نكهة مميزة وخاصة إذا وضع على نار الحطب.

وأن عمر “المقلي” يزيد على ثمانية قرون ويعد من أقدم الأدوات المستخدمة في قرى الساحل السوري، ويضفي على الطعام نكهة الأصالة وطعم الطبيعة، وكان أغلب سكان القرى الساحلية يأكلون البصل اليابس أو الأخضر مع البرغل بالحمص مستخدمين معالق خشبية وصحون فخار، التي تسمى باللهجة المحلية “الغضارة”.