كشفت مصادر طبية في السويداء عن زيادة ملحوظة في الطلب على الأدوية النفسية خلال السنوات القليلة الماضية، في ظل تزايد الأزمات النفسية وانتشار أعراض الاكتئاب والقلق، نتيجة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المستمرة.
وأفاد مرجع طبي بأن معدلات الاكتئاب شهدت ارتفاعاً كبيراً في المحافظة منذ عام 2017، كما تفاقمت “حالات الذهان”.
وأرجع الطبيب المتخصص بالطب النفسي تزايد الأزمات النفسية إلى تأثير الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت بها الحرب، وأسهمت في تعميق الاضطرابات النفسية لدى العديد من أفراد المجتمع بمختلف شرائحه.
وأشار إلى أن الضغوطات النفسية شكلت ثقلاً أكبر على فئة الشباب، بسبب وضعهم الاقتصادي وانعدام فرص العمل أمامهم، وتقييد تحركاتهم الداخلية، ومنعهم من السفر مما تسبب في تبديد أحلام الكثيرين منهم بالعمل على تأمين مستقبلهم، وعمّق إحساسهم بالضياع في ظل استمرار الأوضاع السائدة، وعدم وجود أي مؤشرات جدية على نهايتها، أو التخفيف منها على الأقل.
كما أشار أحد المتخصصين بالعلاج والدعم النفسي إلى خطورة هذه الظاهرة وسرعة تفشيها، في ظل استمرار مسبباتها، وغياب دور المؤسسات اللازمة في مواجهتها أو الحد منها.
زيادة الطلب على الأدوية النفسية
من جانبه، أكد أحد الصيادلة في السويداء على الزيادة الكبيرة في وصفات الأدوية النفسية بالمحافظة، وأشار إلى أن معظم هذه الوصفات تتضمن مضادات اكتئاب، وأوضح أن بعض المرضى يحتاجون إلى تناول عدة أدوية في الوقت نفسه لمواجهة حالات الاكتئاب العميقة.
وذكر أن أسعار الأدوية النفسية تتراوح بين عشرة وعشرين ألف ليرة سورية، مما يشكل عبئاً مالياً إضافياً على المصابين بحالات الاكتئاب والقلق وعلى أسرهم.
وأشار إلى أن هذه الأدوية لا تصرف عادة إلّا بوصفة طبية، ولا تؤخذ إلّا ورغم ضرورة تحت بإشراف طبيب متخصص، إلّا أن بعضها يصرف أحياناً دون وصفة، نظراً لإلحاح المكتئبين وأسرهم لاستخداماتها المتعددة في علاج مشاكل صحية أخرى، وللتخلص من تكاليف مراجعة عيادات الأطباء المتخصصين التي تفوق قدرة ذوي المرضي في معظم الأحيان.
تزايد حالات الانتحار
احتلت محافظة السويداء نسبة عالية في عدد حالات الانتحار مقارنة ببقية المحافظات، حسب أرقام المصادر الطبية الحكومية، حيث وثقت أربعين حالة انتحار خلال عامي 2021 و2022، وكانت منظمات محلية قد وثقت 25 حالة انتحار غالبيتهم من الشباب، خلال عام 2018.
ولا شك في أن عدد حالات الانتحار أكبر من ذلك بكثير، حيث لا يتم توثيق جميع حالاته، إضافة إلى عدم اعتراف بعض الأسر بانتحار أبنائها لأسباب اجتماعية.
وفاقمت ظاهرة انتشار تعاطي المخدرات وإدمان المشروبات الكحولية، والعزلة الاجتماعية، والتفكك الأسري، حالات الاكتئاب، وهي من أهم الأسباب التي تدفع للانتحار، إضافة إلى الضغط النفسي الناجم عن الوضع الاقتصادي المتردي، وغياب أي أفق لمعالجته أو الحد منه على الأقل.
وقرعت اختصاصية بالصحة النفسية والإرشاد النفسي في منظمة محلية بالسويداء، ناقوس الخطر بسبب تفشي طاهرة الانتحار، ونبهت إلى إنه يجب تدخل المجتمع المحيط بالمكتئب بمجرد ظهور علامات توحي بميله إلى التفكير بالانتحار، من أجل إنقاذه من العزلة التي يفرضها على نفسه، والمسارعة إلى استشارة المتخصصين والعمل بنصائحهم.
وطالبت بتكاتف المجتمع لمكافحة الانتحار قبل أن يصبح ظاهرة تصعب السيطرة عليها، ويتحول إلى ثقافة يصعب اقتلاعها.