لكل السوريين

في ذكرى الجلاء.. الاستقلال.. ملحمة ورسائل

لطفي توفيق

ما من فرحة مرت على السوريين في النصف الأول من القرن الماضي تعادل فرحتهم بجلاء المستعمر الفرنسي عن بلادهم في نسيان 1946.

وما من بهجة عاشها السوريون تقترب من بهجتهم بعيد الجلاء الذي صار رمزاً للوطنية.. وللتضحيات الجسام التي قدمها الشعب السوري ثمناً للاستقلال.

وفي مثل هذا اليوم من كل عام.. ومع زهور نيسان ونسماته.. تنبعث ذكرى معطرة بدماء الشهداء.. وعرق المجاهدين الذين صنعوا هذا النصر بتضحياتهم ودمائهم والتفاف مختلف فئات الشعب السوري حولهم لصناعة هذه الملحمة الوطنية الخالدة.

ملامح الاستقلال بدأت قبيل الاحتلال.. عندما تصدى الشهيد يوسف العظمة للغزاة في معركة غير متكافئة..

وأوصى بالمقاومة قبل أن يعانق جسده ثرى ميسلون.

وما إن دخل الاحتلال الفرنسي حتى اندلعت الثورات ضده على مساحة الوطن.. ثورة ابراهيم هنانو، والشيخ صالح العلي، وحسن الخراط.. وغيرهم.

وعندما انطلقت الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش من جبل العرب وامتد لهيبها لبساتين الغوطة وقراها ولجميع أنحاء دمشق، وشملت كافة المناطق السورية  كان شعارها: “الدين لله والوطن للجميع”.

وكان هدفها طرد الاحتلال الفرنسي.. واستقلال سورية وتوحيد أقاليمها التي كانت مقسمة بقرارات فرنسية.

وبعد الاستقلال.. جاء في خطاب للرئيس شكري القوتلي: إننا نطوي اليوم صفحة الجهاد في سبيل استقلالنا.. لنفتح صفحة الجهاد لصيانته…. وقد تكون صيانة الاستقلال أشق من الظفر به.

كما جاء في وصية قائد الثورة السورية الكبرى: اعلموا أن الحفاظ على الاستقلال أمانة في أعناقكم بعد أن مات من أجله العديد من الشهداء وسالت للوصول إليه الكثير من الدماء.

من حق هذه الملحمة الوطنية أن نحتفي بها كل عام..

ومن حقها أيضاُ ألّا ننسى الرسائل التي أرسلتها للأجيال اللاحقة.

وبعد مرور كل هذا الزمن.. لابد من التساؤل:

هل قرأت الأجيال اللاحقة رسائل الملحمة كما يجب؟

وهل صانت هذه الأجيال الاستقلال.. بهمة وتضحيات كما فعل صانعوه؟

وهل عملت على استمراره بمعناه الأوسع.. استقلال الوطن.. والإرادة.. والقرار؟

تساؤلات برسم التأمل.. والتبصّر.. والتداول.

وخاصة في زمن كهذا.