تصاعدت عمليات التضييق على اللاجئين السوريين في لبنان، حيث أعلنت سلطاته العسكرية توقيف 237 شخصاً، أغلبهم من السوريين، بتهمة محاولة مغادرة البلاد عبر البحر بطرق غير شرعية.
وحسب بيان للجيش اللبناني، نفّذت دوريتان من مديرية المخابرات بمساندة وحدة من الجيش، عمليات دهم أسفرت عن توقيف 204 سوريين أثناء محاولتهم مغادرة البلاد بشكل غير قانوني. كما أوقفت 54 سورياً آخرين في بلدة ببنين شمال البلاد، و150على شاطئ العريضة.
وفي عملية أخرى، أوقفت وحدات من الجيش عشرات السوريين مقابل شاطئ منطقة القليعات، أثناء محاولتهم مغادرة لبنان عبر البحر.
وتتكرر عمليات توقيف اللاجئين السوريين في لبنان بشكل دوري، حيث يعلن الجيش اللبناني بين وقت وآخر عن حملات مشابهة تهدف إلى منع الهجرة غير الشرعية، وتسارعت هذه الحملات في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتصاعدت مع تصاعد الخطاب العنصري ضدهم، مما وضعهم تحت ضغوط خانقة، فاختار بعضهم العودة إلى سوريا خلسة، بينما يحاول آخرون الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
تسييس ملف اللجوء
يبدو أن حملات التضييق على اللاجئين السوريين في لبنان آخذة في التنامي، وتعالت الأصوات التي تطالب بضرورة إرجاعهم إلى بلدهم، وشرعت هيئات سياسية وحكومية باتخاذ المزيد من الإجراءات بهذا الشأن.
وتحوّل ملف اللاجئين إلى ورقة ابتزاز سياسي تتجاذبها أطراف الصراع إقليمياً ودولياً، حيث تشترط دمشق على المجتمع الدولي سلسلة من المطالب للموافقة على عودتهم إلى وطنهم.
وفي أواخر العام الماضي، قال وزير الخارجية السوري إن عودة اللاجئين تواجه صعوبات بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي تسببت به العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على البلاد، وأضاف “لكي يعود اللاجئ يحتاج لبنى تحتية ومرافق خدمية”.
بينما تتجه الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ إجراءات متسارعة لتسييس ملف اللاجئين السوريين، كما أشار “مركز وصول” لحقوق الإنسان، واكد أن حملة أمنية واسعة ضد اللاجئين السوريين في لبنان بدأت في شهر نيسان من العام الماضي وهددت حياة الآلاف وأمنهم.
وذكر المركز أن لديه شهادات تثبت تنامي خطاب الكراهية ضد السوريين في لبنان، وتعرّض اللاجئين إلى الاعتقال والتعذيب في ثكنات الجيش اللبناني قبل نقلهم “بشكل جماعي إلى المعابر الحدودية لتسليمهم إلى السلطات السورية بشكل غير قانوني”.
وتتسابق هيئات وقوى سياسية لبنانية مختلفة إلى بث المخاوف التي يسببها تواجد نحو مليوني لاجئ سوري على بنية المجتمع اللبناني القائمة التوازنات الطائفية.
تضييق قديم ومتجدد
تنامي ثقافة الكراهية والشعور المعادي للاجئين السوريين ليس بالأمر الجديد في لبنان، إلّا أن إجراءات التضييق عليهم تزايدت في الفترة الأخيرة، ولا سيما بعد انفجار الأزمة الاقتصادية الحادة عام 2019.
وسبق أن تحدث تقرير لوكالة رويترز، عن وجود تجييش ضد الوجود السوري في لبنان، وحثّ أصحاب العمل على التوقف عن توظيفهم حتى في الأعمال البسيطة، وأشار التقرير إلى إصدار بعض البلديات الأوامر بحظر تجول السوريين ليلاً، ووصل الأمر إلى حد طردهم من البيوت التي يستأجرونها، وتفكيك بعض مخيماتهم.
ووصل التوتر إلى مستويات خطيرة في نيسان الماضي عندما تم خطف وقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية، حيث وجهت الاتهامات للسوريين وتعرّضوا للضرب والإهانة في الشوارع.
وقبل ذلك، استهدفت سلطات محلية ومجموعات أهلية في عدة مناطق لبنانية السوريين الذين يقيمون في البلاد بشكل غير شرعي، كإجبارهم على إخلاء المنازل أو المجمعات التي يقيمون فيها، والضغط على اللبنانيين لعدم تأجير المنازل لهم.
وفي حديث صحفي، أعلن وزير المهجرين اللبناني أن وزارته “لديها ورقة تفاهم للبدء بتفكيك المخيمات، وتمتلك خطة لإعادة 15 ألف سوري كل شهر، وتنتظر القرار السياسي لتنفيذها”.
وأشار الوزير إلى أنه “بالنسبة للمعارضين السياسيين فأمامهم ثلاثة حلول، إما الاستفادة من العفو الرئاسي السوري، وإما الهجرة لدولة ثالثة بالتنسيق مع المفوضية، أو الذهاب لمناطق المعارضة في شمال شرق سوريا”.