تشهد مناطق وسط سوريا إقبالاً على عمليات التجميل. وإنْ كان يسعى البعض من خلالها إلى إزالة تشوهات، فإنّ هدف آخرين هو التشبه بمشاهير أو الوصول إلى الجمال المبتغى بنظرهم.
ورغم ارتفاع أسعارها بشكل كبير، ازداد الإقبال على عمليات التجميل في سوريا هموماً وحمص بشكل كبير، حيث بلغت كلفة عملية شفط الدهون والنحت نحو 20 مليون ليرة سوريّة، وعملية تجميل الأنف 7 ملايين ليرة.
وبحسب قائمة الأسعار الجديدة لـ عمليات التجميل في العاصمة حمص، تتراوح كلفة عملية فيلر الذقن بين مليون إلى 2.5 مليون ليرة سوريّة، حسب نوع الحقن، في حين تتراوح كلفة فيلر الفم من مليون إلى 1.5 مليون ليرة، والبوتوكس بـ 850 ألفاً.
والإقبال على هذا النوع من عمليات التحميل، يؤكّد على أن كل هذا الارتفاع في الأسعار وطول سنوات الحرب، لم يمنع المرأة من الانتباه إلى جمالها.
وتنتشر إعلانات المراكز والعيادات التجميلية على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرض مزاياها بالاعتماد على شخصيات مؤثرة اجتماعياً وفنيا من أجل الترويج لها. حيث لم تعد الاجراءات التجميلية حكراً على الشخصيات الفنّية وميسوري الحال كما كانت سابقا، وهو ما يفسر انتشار مراكز للتجميل في الأحياء والمناطق الشعبية أيضاً.
وبعض الخبراء فسّروا ذلك بظاهرة ما يُعرف بـ”تأثير قلم الحمرة”، وهو مصطلح يشير إلى ميل المستهلكين إلى شراء السلع الكمالية الصغيرة، مثل مستحضرات التجميل، خلال فترات الأزمات الاقتصادية، محذّرين من مخاطر هذه الظاهرة، لأنّها قد تحوّل السلع الكمالية إلى ضروريات، ما يؤثر سلباً على ميزانيات العائلات.
وظهر مصطلح “تأثير قلم الحمرة” في ألمانيا، بعد الحرب العالمية الثانية، وعاد إلى الظهور مجدّداً خلال الأزمة الاقتصادية، عام 2001، ويرتبط ذلك بدوافع نفسية واقتصادية كامنة.
فعند مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة، يميل المستهلكون إلى التوفير في الفواتير الكبيرة (سيارات، عقارات) وغيرها، لكنهم يزيدون من الإنفاق على أشياء باهظة صغيرة، خاصة تلك التي تدعو إلى التفاؤل، ويُرجّح الخبراء أنّ “هذا السلوك ناتج عن رغبة الناس في تعزيز معنوياتهم والشعور بالسعادة في ظل الظروف الصعبة”.
ثم إنّ “تأثير قلم الحمرة” يعكس سلوكاً نفسياً لدى الأفراد يميلون فيه إلى البحث عن وسائل بسيطة وغير مكلفة لتحسين شعورهم النفسي، إذ لا يوجد طموح في الحصول على منزل أو سيارة أو السفر، لذلك يلجأ الناس إلى هذه المنتجات كوسيلة للتكيّف مع الضغوط المالية.
ويفسر البعض لجوء النساء السوريات إلى مراكز التجميل بأنه “ربما يكون نوعاً من الاستثمار الأنثوي في تحسين مظهرها ليكون لديها فرصة أكبر بالحصول على عمل أو زواج أو ترقية وظيفية”.
بينما يرى أطباء نفسيون أنّ ازدياد عمليات التجميل في سوريا قد يعود أيضاً إلى “غلبة الجنس الأنثوي” بعد الحرب، ما أدّى إلى ارتفاع معدلات التنافس بين النساء.
وإلى جانب الدوافع النفسية، تلعب العوامل الاقتصادية دوراً مهماً في “تأثير قلم الحمرة”، ففي ظل انخفاض قيمة الليرة السورية، أصبحت عمليات التجميل في سوريا أرخص بكثير مقارنة بالدول المجاورة، ما يجذب العديد من النساء من الدول المجاورة إلى إجراء هذه العمليات في سوريا.