لكل السوريين

عصر التنوير

التنوير حركة فكرية مهمة في تاريخ أوروبا الحديث بدأت أوائل القرن السابع عشر الميلادي، واستمرت حتى القرن التاسع عشر.

قام بها فلاسفة وعلماء نادوا بقوة العقل وقدرته على فهم العالم وإدراك قوانين حركته، واعتمدوا على التجربة العلمية والنتائج المادية الملموسة بدلا من الاعتماد على الخرافة والخيال.

وعصر التنوير مصطلح يشير إلى نشوء حركة ثقافية اعتمدت على العقلانية ومبادئها كوسائل لتأسيس النظام الشرعي للأخلاق والمعرفة بدلاً من الاعتماد على الموروث الديني والاجتماعي، وشدَّد فيها الفلاسفة على العقل باعتباره أفضل وسيلة لمعرفة الحقيقة.

واعتبر رواد هذه الحركة مهمتهم قيادة العالم إلى التطور والتحديث، وتجاوز الأفكار اللاعقلانية والتقاليد القديمة السائدة ضمن الفترة الزمنية التي أطلقوا عليها اسم “العصور المظلمة”.

ودعوا إلى خروج الإنسان من عجزه عن استعمال عقله، لأن العيب لا يكمن في العقل نفسه، بل في الافتقار إلى القرار والشجاعة في استعماله.

دور العالم الإسلامي في عصر التنوير

مع بداية القرن التاسع عشر، نشر الفلاسفة والعلماء أفكارهم على نطاق واسع عبر اللقاءات العلمية في الأكاديميّات والصالونات الأدبية والمقاهي، ومن خلال الكتب المطبوعة والصحف والمنشورات، وانتشرت الحركات الفكرية الليبرالية والكلاسيكية الحديثة.

وكان دور العالم الإسلامي مهماً في تاريخ الفكر التنويري، حيث قام العلماء المسلمون بدراسة الأفكار الإغريقية، ومن خلال ترجمة ابن رشد وتعليقاته حول أرسطو تم تقديم الفكر النقدي العقلاني إلى أوروبا، حيث درِّست الأطروحات التي قدمها في الجامعات الأوروبية الأولى مثل باريس، وبولونيا، وبادوا، وأكسفورد.

اشتمل التنوير في هذه المرحلة على مجموعة من الأفكار التي ركزت على سيادة العقل والأدلة بوصفها مصدر المعرفة، وعلى المثل العليا كالحرية والرقي والتسامح والإخاء، وتميز بالتركيز على المنهج العلمي والتشكيك بالعقائد الكنيسة السائدة.

وأصبحت باريس مركز النشاط الفلسفي والعلمي الذي تصدى للعقائد التقليدية، من أجل بناء مجتمع يقوم على العقل مثلما كان المجتمع في اليونان القديمة، ونظام مدني جديد يقوم على القانون وعلم يقوم على التجربة والملاحظة.

وقدم الفيلسوف السياسي مونتسيكيو فكرة فصل السلطات في الحكومة، وهو مفهوم تبناه فيما بعد كتّاب دستور الولايات المتحدة بحماس.

ورغم أن فلاسفة التنوير الفرنسي كانوا من طبقة النبلاء، فقد لعبت أفكارهم دوراً مهماً في تقويض شرعية النظام القديم، والتهيئة للثورة الفرنسية.