تشهد الزراعات الاستوائية اقبالا متزايدا لدى المزارعين في الساحل السوري وخصوصا في محافظة طرطوس نظرا لمردوديتها العالية مقارنة بالزراعات التقليدية والمحمية الأخرى، وايضا لتوفر عوامل مساعدة للإنتاج كالمناخ الملائم والمياه والتربة المناسبة، ومن أهم الأصناف التي تلاقي رواجا الموز والدراجون الأحمر والأبيض والمنجا والأفوكادو والقشطة والشوكولاتة البيضاء والسوداء وجوز الهند والكاكاو ، ولهذه الزراعة أهمية هذه الزراعة ومن الضروري اعتماد زراعات رديفة للزراعات الموجودة بالساحل السوري ومن بينها وأهمها الفواكه الاستوائية، وبعد تجارب ناجحة الناجحة ويجب أعطائها الدعم الكامل وتكون بالتالي رديفة للحمضيات والقمح والزيتون، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي استطاعت هذه الزراعة أن تنتشر بين أهل الساحل ويتعرفون إليها وعلى مناطق زراعتها، كما أن الصور التي رفعت على هذه المواقع أسهمت بشكل كبير في تحفيزهم على شرائها أو تجريبها، وهنا اصطدم البعض بأسعارها المرتفعة التي لم تكن في الحسبان، إذ إن حبة المانغا التي قد يصل وزنها كيلوغراما واحداً تباع بما يقارب الـ 60 الى 70 ألف ليرة سورية ، كما وصل سعر الموز لأسعار تقارب 35-45 ألف ليرة سورية والأفوكادو مثله، وهنا بدأت أصوات المزارعين في المطالبة بالانفتاح على التصدير، الذي يعتبر خجولا ومقتصراً على بعض المناطق المجاورة، فوجود هذه المنتجات في السوق مع عدم قدرة المواطنين على شرائها إلا فيما ندر يهدد بكساد المحاصيل التي انتظر مزارعوها سنوات ليروا نتاج ثمارهم.
السيد حسين مزارع في ريف طرطوس قال: لم تعد الحمضيات هي ملكة الزراعات في الساحل السوري، إذ بدأ حضورها يبهت ، وما كان يعود على المزارعين سابقا بالربح الوافر نتيجة تصديره وتصريفه لم تعد له قيمة اليوم في السوق، فتكاليف العناية به خلال أيام زراعته اعلى بكثير من أسعار بيعه ، وفي ظل هذا الوضع ظهرت زراعة الفواكه الاستوائية كتجارب فردية في البداية لكنها كللت بالنجاح، مما أسهم بتعميمها على طول الشريط الساحلي السوري الدافئ والملائم لهذا النوع من الفواكه، ولم يكن دخول الأشجار الاستوائية إلى الساحل السوري مقرونا فقط بالسنوات الأخيرة ، وقد أبدت هذه الشجرة تأقلمها مع مناخ تلك المنطقة.
السيد طاهر وهو مزارع، أضاف: أن زراعة شجرة الموز في الساحل السوري تعتبر قديمة لكنها انحصرت بجهود فردية، وكانت تزرع في حدائق البيوت الخاصة، لكنها انتشرت على نطاق واسع بشكل مكشوف بسبب التغير المناخي وكزراعة بديلة للزراعات الخاسرة المتعددة ، لكن كلفها العالية ، مما دفع بعض الفلاحين الى الغاء زراعة البندورة والاتجاه للموز وأقام له مزارع خاصة، ويبدو أن المزارعين راضون عن الإنتاج الذي أصبح برأيهم يضاهي المستورد، فالموز كلفه عادية ولا يحتاج عناية كبيرة، عدا حاجته الكثيفة للمياه التي يعتبرها المزارعون متوافرة، إضافة إلى سرعة نموه، وبما أن زراعة الموز كشجرة استوائية نجحت، فقد أصبحت المعيار الرئيس لتوسيع الزراعات الاستوائية، فأدخل بعض المزارعين أنواعا استوائية أخرى كزراعة المانغا والسابوتا الأسود أو ما تعرف بالشوكولا، والدراجون أو فاكهة التنين التي تتميز بشكلها ولونها اللافت، إضافة إلى شجرة السدر والقشطة وغيرها من الأصناف التي تخطت حدود الـ40، وأصبحت كلها اليوم موجودة على طول الشريط الساحلي السوري.
يتحدث فراس وهو صاحب أحد هذه الأراضي التي زرعها بالفواكه الاستوائية، عن البيئات الملائمة لزراعة هذه الأصناف، ويحدد كل صنف على حدة، قائلا: البيئة الملائمة تختلف من شجرة إلى أخرى، فشجرة البابايا جذرها سطحي مع ارتفاع ثلاثة أمتار، لذلك تعتبر بنيتها هشة جدا ولا تتحمل الهواء ودرجات الحرارة المنخفضة، لذلك لم تنجح زراعتها إلا في الشريط الملاصق مباشرة للبحر حيث الحرارة الدافئة، كما ذكر البيئة الملائمة لأصناف أخرى، فالمانغا شجرة حساسة وبحاجة إلى عناية خاصة من الهواء والأمراض، أما القشطة فهي تنضج بشكل طبيعي ومثالي وتتحمل بعض البرودة أكثر من غيرها، كما أن الأفوكادو هو الشجرة الأكثر مقاومة وإنتاجا.
لكن المشروع الذي أحدث فارقا ووجه الأنظار إلى هذه المحاصيل، هو مشروع الغابة الاستوائية الذي أنشأه صاحبه حسن محمد عام 2013 على مساحة ثمانية آلاف متر مربع، في المكان ما بين مدينة بانياس وطرطوس، والذي أصبح وجهة سياحية ومقصدا للسياح الذين سمعوا به عبر أصدقائهم الذين زاروه والتقطوا له صورا أبرزت جماله وغرابته، وعمل القائمون على هذا المكان على تقديم الخدمات الترفيهية من جلسة في وسط الغابة، إلى تقديم الفواكه التي تنتجها الأرض، إضافة إلى العصائر بأنواعها، بينما تعج المنطقة المحيطة الباقية بأعداد هائلة من الأشجار وأصناف الفواكه التي بدأت كتجربة وتطورت حتى أصبحت تعطي إنتاجا هائلا.
السيد فاضل وهو مزارع في طرطوس قال: بشكل واسع انتشرت مؤخرا الزراعات الاستوائية في مناطق الساحل السوري، وشهدت الأسواق انتشارا لعدة أنواع من الفاكهة الاستوائية في المحال التجارية والبسطات، وذلك بعد أن كان بيعها محصورا بالمولات وبعض المحال بسبب غلاء أسعارها، قسم كبير من المزارعين في الساحل، اتجهوا إلى زراعة هذه الأنواع، بسبب مردودها المادي المرتفع، مقارنة بالخضار والحمضيات، وذلك في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، سيما وأن الفواكه الاستوائية تتميز بقيمة غذائية عالية لوفرة المعادن والفيتامينات فيها، وما يجب الإشارة إليه هو أن هذه الفاكهة يتم بيع معظم أنواعها بالحبة، حيث يبلغ سعر الحبة الواحدة من فاكهة البابايا ما بين ال40الى 45 الف ليرة سورية، وسعر حبة الدراجون الاستوائية 50 الى 55 الف ليرة سورية، وسعر كيلو من المانغا80 الى 85 الف ليرة سورية ، وسعر حبة فاكهة الشوكولا الاستوائية 50 الى 55 الف ليرة سورية، بينما سعر حبة القشطة 50 الى 55 الف ليرة سورية، وتختلف الأسعار حسب الجودة والوزن.
يشار الى أن المواطنين في معاناة اليمة من الفاكهة في هذه الأيام، بعد أن ارتفعت أسعارها إلى أرقام كبيرة، وضعف قدرتهم على شرائها ، رغم أنها في موسمها ويفترض أن تكون رخيصة أو ذات أسعار معقولة، فقد بلغ سعر كيلو التفاح الجيد نوعا ما12 الى 14 الف ليرة، والدراق ما بين 14 الى 18 الف ليرة حسب نوعه، والخوخ 10 الى 14 الف ليرة، والإجاص الجيد ما بين 14 الى 16 الف ليرة، والنوع الثاني ما بين 10 الى 12 الف ليرة، والعنب ما بين 10 الى 13 الف ليرة، والتين تراوح سعر الكلغ ما بين 10إلى 13الف ليرة، والكرز النوع الأول ما بين 15-الى 17الف ليرة والثاني بين 12الى 14 الف ليرة، أما البطيخ الأحمر فالكيلو يباع ما بين 4000الى 5000 ليرة، والبطيخ الأصفر تراوح سعر الكلغ ما بين3000 إلى 5000 ليرة للكيلو، والأسعار تختلف بين سوق وآخر.
كذلك يشار الى ان معظم المزارعين منذ مطلع العام الحالي، يعانون من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف الزراعة لمختلف المحاصيل، ما جعلهم يلجؤون إلى تسويق محاصيلهم عبر التجار والشركات المستقلة بعيدا عن الجهات الحكومية، التي تم تحييدها في ظل فشلها في إيجاد آلية ترضي المزارع وتراعي التكاليف.