تقرير/ أ ـ ن
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة التدخين بين طلاب المدارس الإعدادية والثانوية في مختلف المدن والقرى بطرطوس، وبشكلٍ ملفت، خاصةً أن أغلب الأطفال تأثروا بتداعيات الاحداث في سورية والتي انعكست سلبا عليهم وجعلت معظمهم دون أب أو معيل، إضافة لقلة وسائل التوعية وتراجع دور المدرسة وتسربهم من المدارس بأعداد كبيرة، وانتقدت صفحات عديدة للتواصل الاجتماعي من خلال صور نشرتها على صفحاتها والتي تظهر عددا من الأطفال وهم يقومون بشرب الأراجيل والسجائر هذه الظاهرة التي باتت تظهر بشكل علني وواضح، في الشوارع وفي الحارات، وحتى داخل المدارس، مطالبين الأهل والجهات المسؤولة مكافحة هذه الظاهرة، واتخاذ الإجراءات المناسبة للقضاء عليها بشكلٍ كامل، ومحاسبة البائعين وأصحاب المقاهي والمطاعم الذين يقدمون الأراجيل ويبيعون الدخان للأطفال.
هذا ويلجأ الأطفال للتدخين عادة وشرب الأراجيل هربا من واقعهم القاسي الذي يعيشون فيه ولشعورهم بالإحباط واليأس وعدم قدرتهم على تغيير واقعهم، إضافة لشعورهم أنهم يحققون ذاتهم وللتخلص من عقدة النقص والخجل.
لا شك أن جميعنا يعلم مضار التدخين وتأثيره على الصحة بشكل عام، لكن اللافت في الأمر هو الإصرار على الاستمرار به رغم الدراية الكاملة بمخاطرة، والأمر المثير للريبة أكثر، انتشاره بشكل كبير بين الشباب من الذكور والإناث، دون وجود أسباب واضحة لذلك، باعتراف الكثيرين منهم، الذين يؤكدون أنه فقط تنفيخ، ما يعني أن الإدمان على السيجارة، فقد تحول وعلى ما يبدو، بين الكثيرين إلى موضة أو ربما تقليد للآخرين.
ولا بد من الإشارة الى ارتباط مشكلة استخدام التبغ بين طلاب الإعدادية والثانوية، بالعديد من العوامل الديموغرافية والشخصية والنفسية، مما يضفي أهمية كبيرة بضرورة إدخال برامج التوعية الصحية حول مخاطر استخدام التبغ في مناهج التعليم، حيث أن التدخين، يعد عاملا رئيسا للعديد من الأمراض المزمنة، وهو من أهم المشكلات الصحية العامة المتنامية، رغم ان الكثيرين يعتبرون أن النرجيلة ليست من أنواع التدخين، مع أن مضارها أكبر، مما يؤكد على الحاجة الملحة لتدخلات فعالة لمواجهة هذه الظاهرة، خاصة مع تفاقم المشكلة بسبب انتشار المنتجات الإلكترونية كالسجائر الإلكترونية والأيكوس، التي تزيد من خطر الإدمان بين الأطفال، وقد تزايدت المطالبات من قبل الأهالي بضرورة مكافحة التدخين بين الأطفال، والمطالبة بإجراءات صارمة ضد البائعين وأصحاب المقاهي الذين يستغلون الأطفال في هذه التجارة الضارة.
السيد خالدية دكتورة في الطب النفسي بصافيتا قالت: في فترة المراهقة تظهر التغيرات الاجتماعية والثقافية السريعة على اليافعين الذين يسعون لإنشاء منظوماتهم القيمية الخاصة، وتأسيس مكانة اجتماعية ترضي إحساسهم المتنامي بالفردية، وخلال هذه المرحلة الحساسة يبدأ بعض المراهقين بالإقبال على التدخين، ليس فقط نتيجة التأثيرات النفسية والاجتماعية وضغط الأقران، إنما استجابة لرغبة تأكيد الذات، وتشير الأبحاث الحديثة أنه قد تكون هناك أسباب بيولوجية تتسم بها هذه المرحلة العمرية، وهناك تأكيد على أن التدخين المتقطع يمكن أن يؤدي إلى تطور إدمان التبغ لدى بعض المراهقين.
وفي هذا السياق بينت الدكتورة اعتدال وهي موظفة في برنامج مكافحة التدخين في مديرية الصحة، أن مديرية الرعاية الصحية الأولية تقوم بعدة أنشطة، بالتعاون مع وزارة التربية ومديرية الصحة المدرسية، الغاية منها القضاء على ظاهرة التدخين في كل المدارس، ورفع شعار: مدارس خالية من التدخين، وتعميم المبادرة على كل مدارس المحافظة والتوسع فيها لتشمل التعليم الابتدائي، وتم تنفيذ النشاط في /22/ مدرسة للفئة العمرية (13-15) سنة، وبأنشطة صفية ولا صفية ومعارض رسوم ومسرحيات، وندوات توعوية حول أضرار التدخين مع استبيان طلابي للكادر الإداري والتدريسي، ومن خلال هذا الاستبيان تبين وجود ارتفاع بنسب التدخين بين طلاب الفئة العمرية/13/ سنة، وارتفاع نسبة التدخين العابر والتدخين السلبي لكل الفئات العمرية من (13-15) سنة، ولوحظ من خلال الدراسة ارتفاع نسبة تدخين النرجيلة بين طلاب الشريحة المدروسة، وبنسب متقاربة بين الذكور والإناث في تعاطي النرجيلة، كذلك انتشار التدخين بين الكادر الإداري والتدريسي داخل المدرسة، مع العلم أن المرسوم التشريعي رقم 62 لعام 2009 ، والخاص بمكافحة التدخين يمنع نهائيا وجود تدخين في المدارس والجامعات والأماكن التعليمية، وبعد ذلك تم تنفيذ مجموعة من الأنشطة المختلفة، حول التوعية بأضرار التدخين من ندوات ومجموعات عمل، ومعارض رسوم، لكن الحد منها يتطلب تضافر جهود الأهل والمدرسة.