لكل السوريين

الشباب السوريون وضياع الأحلام

تقرير/ بسام الحمد

أن تجد أبياتاً من الشعر نشرها شابٌ سوري على وسائل التواصل الاجتماعي يعبّر فيها عن ضياعه وتلاشي أحلامه، يشكو فيها واقعاً مظلماً وطريقاً معبّداً بالأشواك محفوفاً بالمخاطر، لا يُرى في نهايته أي بصيص من الأمل أو النور، بات مألوفاً.

إذا ما نظرنا للواقع، سيبدو أن تأفف الشبان السوريين من الحال في بلدهم، قد يكون مبالغاً فيه، فهناك كثير من الشبان بذلوا جهداً لسنوات لبناء أساس يرتكزون عليه في مستقبلهم، وكثير منهم حجز معقداً بين الكبار، سواء في ميادين العمل أو العلم وغير ذلك.

لذا، لا بد من التعاطي مع هذه المسألة بتوازن، والنظر إلى تفاصيلها من كافة الجوانب قبل إطلاق الحكم، فعند الحديث عن واقع الشباب، يتوجب أخذ عدة معطيات بعين الاعتبار، منها نشأة الشباب، تنوع مناطق السيطرة واختلاف بيئة العيش فيها، تعدد الطموحات، تباين الأحلام، تفاوت الصعوبات والتحديات بين منطقة وأُخرى، لنستخلص على إثر ذلك نقاطاً رئيسية عن حال الشباب السوري في كافة مناطق النفوذ.

قبل أشهر من الآن، قال رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، باولو بينيرو، إنّ الجمود الحالي في البلاد لا يمكن التسامح معه.. الشباب السوري يفر من البلاد بأعداد كبيرة، والسوريون يرون ألا مستقبل لديهم في بلدهم، وسوريا ما تزال غير آمنة لعودة اللاجئين”.

معظم الشبان في سوريا ممن يبلغون العشرينيات من عمرهم الآن، كانوا أطفالاً أو في سنّ المراهقة عندما بدأت الأزمة السورية في عام 2011، وكغيرهم من فئات المجتمع، منهم من فضّل الالتحاق بالمظاهرات، ومنهم من آثر السكوت والحياد بضغط من ذويهم.

قبل عام 2011، كان مسار المواطن السوري شبه موّحد منذ طفولته، فعند سنّ السابعة يبدأ الطفل مرحلة التعليم الأساسي في المدرسة، وعند بلوغ المرحلة الإعدادية، تبدأ ملامح مستقبل الفتى بالتوضح، فغالباً ما تكون هذه المحطة هي مرحلة الفرز، هل سيكمل الطالب مساره التعليمي؟ أم أن فقد الأمل وقرر خوض تجربة جديدة بعيدة عن الدراسة والمدارس؟

بعض الشبان يقررون إكمال تعليمهم، واضعين عدة أحلام وطموحات في مخيلتهم، فمنهم من يحلم بأن يكون طبيباً أو مهندساً أو محامياً أو معلماً وغير ذلك، بينما يقرر آخرون الانقطاع عن التعليم والعمل في المجالات المختلفة التي لا تتطلب ذاك الكمّ من العلم والمعرفة.

كانت المهن متنوعة أمام هؤلاء الشباب المنقطين عن التعليم، ومنها الزراعة أو رعاية وتربية المواشي، فضلاً عن التجارة والصناعة والحدادة والنجارة والتبليط والدهان، وكذلك يمكن للشخص أن يكون سائقاً أو سماناً أو عاملاً حراً.

عند سن الـ 18 وعلى أبواب العشرينيات، تبدأ مرحلة جديدة أمام الشبان، فهناك من ينهمك بدراسته الجامعية، وآخرون يتحضرون للالتحاق بـ”الخدمة الإلزامية” في الجيش، وكانت هذه أقسى المراحل على الشبان، لما فيها من مصاعب ومشاعر متناقضة بسبب طبيعة الجيش التي يغلب عليها الفساد والطائفية والمحسوبيات.

وفي منتصف العشرينيات، تتوضح معالم المسار العام لكل شاب، وغالباً ما يكون الشاب يخطط للزواج في هذه المرحلة، ثم إكمال حياته على النسق الذي اختاره، سواء أتمّ دراسته أو لا، سواء أكان طبيباً أو عاملاً، مع الإشارة إلى أن مستقبل الشباب لم يكن مقتصراً على العيش داخل البلاد.

يطول الحديث عن التقلبات التي عاشها الشباب في سوريا خلال 13 عاماً الماضية، فقد عاصروا كثيرا من الأزمات والتبدلات العسكرية والاقتصادية والسياسية.

يفتقد الشبان في مختلف مناطق السيطرة للتأثير في المجتمع، لكون السلطات بمختلف مسمياتها تعمل بعقلية أمنية بحتة، قائمة على إقصاء الآخرين، ونبذ الشباب الأكاديميين، لصعوبة أدلجتهم تحت فكر محدد، مقارنة بغيرهم من الشبان غير المتعلّمين، ممن يسهل تسيّيرهم وفق رؤى السلطة.

ويمكن القول إن فئة الشباب تعاني من استبعاد متعمّد من العمل داخل المؤسسات العامة في مختلف المناطق، إذ يلحظ أن نسبة الشباب ضئيلة جداً.