لكل السوريين

ظبية الناصر: التاريخ المدون ظلم المرأة، ونساء شمال شرقي سوريا أثبتن أن الإرادة لا تقهر

حوار/ مطيعة الحبيب 

اعتبرت الإدارية في مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطي، أن النضال السياسي الذي مارسته المرأة السورية هو من جعل منها أيقونة النضال بكافة أنواعه، لافتة إلى أن النضال هو فطرة لدى المرأة بشكل عام، وليس وليد لحظة أو زمن معين.

والتقت صحيفتنا بالإدارية في مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطي، ظبية الناصر، وجاء نص الحوار على الشكل التالي:

كيف ترأست المرأة النضال السياسي في سوريا عبر التاريخ، وماذا على المرأة فعله لتكون سياسية ناجحة؟

السياسية هي عبارة عن التسيس وإعطاء كل شخص مهنة ودور مختلف ومحدد ليكون لكل شخص دور غير قادر الخروج من إطاره، يتفاوت اختلاف تعريف السياسة عن بعضها البعض لأن كل هيمنة تتبع سياستها وتسيسها المختلف حسب رغباتها وخططها التي تعمل على أنجازها، لكن المرأة السياسية أن شاركت مشاركتها تكون بلا حدود ولا إطارات فهي تناضل بكل ما تملك من قوة حتى تحقيق المستحيل، فالمرأة السياسية تفكر وتحمل على عاتقها حمل وعبء كل فرد من أفراد المجتمع بغض النظر عن الفرق العائلي أو المذهبي.

وتعتمد السياسة على الشخص المسيس لأي موضوع ما، فأن كانت المسيس ديمقراطي صاحب فكر سليم وحر، يعمل على توزيع الأدوار بشكل عادل ومتساوي على جميع أعضاء المجتمع.

والمرأة ليست جديدة على النضال فهي بوعيها الفطري ومنذ بداية الكون مدركة لدورها في المجتمع، فاليوم نلاحظ أن المرأة تناضل على مستوى الأسرة للحفاظ عليها سليمة سائرة بالمسار الصحيح، لتنتقل بنضالها من كافة اتجاهات الحياة ويتوسع بعدها على مستوى الحي ثم المجتمع ثم العالم، فالمرأة بطبعها مضحية فعندما تناضل على كافة الأصعدة تعتبره واجباً انسانياً عليها لخدمة مجتمعها وأسرتها للحفاظ على استمرارية الحياة التشاركية الندية والعيش الحر المتكامل.

لتكون المرأة نواة المجتمع فهي التي تنجب وتعمل على تربية جيل حر متكافئ وتعمل بكل ما لديها من جهد دون انتظار مقابل أو شكر من أحد، بالمرأة مناضلة بالفطرة، لتترأس المجتمع الطبيعي ومجموعات الكلان وتعمل على نشر المحبة والسلام، بالإضافة للكثير من الاختراعات والاكتشافات الغريبة والفريدة من نوعها آنذاك لتكون الآلهة.

حدثينا عن بعض الناشطات السياسيات اللواتي سُجلت اسمائهن في التاريخ، وكان لهن دور واضح في ترسيخ نضال المرأة؟

مع مرور الوقت والتاريخ نلاحظ أن هنالك الكثير من النسوة اللواتي سجلن أسمائهن بالتاريخ بحروف من ذهب لتشهد عليهن أعمالهن ونشاطاتهن الفريدة من نوعها فمنهن الكثير ما قبل الميلاد، وبعد الميلاد منهن من حكمن البلاد وكان لهن دور كبير في صناعة السلام وإيقاف الحروب كملكات عصر الفراعنة والرومان.

فلنتذكر اليوم بعض المناضلات الثوريات منهن نازك العابد التي عكست بآرائها ووعيها صورة المرأة و قدرتها على جعل الكلمة قوة فعالة من أجل التغيير, تميزت بنشاطها ونضالها ضد الاحتلال, جعلت من مجلة العروس منبراً لأفكارها، شاركت في معركة ميسلون في الفرقة العسكرية ، أنشأت المشفى الميداني، ساعدت ثوار الغوطة لمعرفتها الجغرافية للمنطقة، حازت على وسام فخري بدرجة نقيب، أغلق الاحتلال الفرنسي مجلتها و نفيت إلى خارج الوطن فراحت تتجول في أمريكا في أمريكا و عواصم الغرب شارحة واقع بلادها فذكرت الصحف الغربية جرأتها.

ونشرت تحت اسم مستعار في نور الفيحاء مقالات تدعو الى منح المرأة حق التصويت وناضلت في سبيل ذلك ونشرت في مجلات عديدة منها لسان العرب والعروس، وتطرقت الى المرأة وتحررها كي تكون سيدة مجتمع مثقفة وأسست جمعية المرأة الشامية وجمعية نور الفيحاء، وشاركت في المؤتمر النسائي الأول في دمشق 1930ثم القاهرة 1938 لدعم القضية الفلسطينية، أسست في بيروت 1950 جمعية العمل للاجئين الفلسطينيين.

وفي ثورة جبل الزاوية لا يمكن أن ننسى المجاهدة زكية هنانو، التي كرست حياتها في سبيل أهداف شقيقها إبراهيم هنانو والمبادئ التي ناضل من أجلها، وتبرعت بثروتها وأملاكها لصالح الثورة الوطنية، وآثرت أن تبقى دون زواج لتسهر على خدمة شقيقها، وتأمين راحته، وعندما اختفى شقيقها من وجه الفرنسيين بقصد إشعال نار الثورة في عام 1925، كانت تجتمع سراً مع الشخصيات الوطنية البارزة، وكانت همزة الوصل بينه وبينهم، وتقوم بالدعايات الوطنية وتترأس المظاهرات النسائية.

فقد برزت ثريا الحافظ أول امرأة ترشحت للانتخابات البرلمانية، لتكون شخصية جريئة بمحاولتها بالانخراط والمشاركة في السياسة.

سلبت الكثير من حقوق النساء المناضلات والثوريات ليترأس الرجل في القرون الوسطى الحكم ويعامل المرأة كجارية له، ماهي القوانين التي أجبرت المرأة آنذاك للرضوخ للهيمنة الذكورية؟

مع مرور الوقت وتطور الحياة البشرية سيطرت الهيمنة الذكورية على المجتمعات ككل, فباتت جميع الاكتشافات والاختراعات تنسب للرجل، نتيجة أنتشار السلطة الابوية، التي عملت على تهميش أعمال ودور المرأة حيث بات الرجل يعاملها كعبدة له، خادمة في المنزل ومربية للأطفال، فهذا أن دل يدل على أنه لا توجد عدالة في كتابة التاريخ، لأن التاريخ كتب على يد رجل سلطوي صاحب ذهنية تنسب لأفضلية لنفسه، تحت مسمى العيب والحرام عادات وتقاليد، حيث اقنعوا المرأة أن العلم والمعرفة ليس لكي فيها فائدة، بل عملك وحياتك ضمن البيت والمطبخ.

الوعي والمعرفة هو باب النور للمرأة للوصول لكل ما تحلم وتهدف أليه، ليجب على المرأة كتابة تاريخها بأناملها لكي تذكر الأجيال بأعمالها وتضحيتاها.

ماهو الدور الريادي للمرأة في شمال وشرق سوريا وما وجه الفرق بين مناطق شمال وشرق سوريا والنساء في الخارج السوري؟

شاركت المرأة في مناطق شمال وشرق سوريا، بكافة مجالات الحياة منها الميادين العسكرية وساحات القتال لتكون يد بيد مع الرجل لتحرير أراضهن، حيث عملن على تحرير مناطق شمال وشرق سوريا من يد المرتزقة داعش، بفضل كل قطرة دماء سقطت من وحدات حماية المرأة وقوات سوريا الديمقراطية، وترأست وشاركت في الكثير من الاحزاب السياسية كحزب سوريا المستقبل الذي كانت فيه ايقونة للسلام، ووردة للياسمين، لتتصدر المجال السياسي وتشارك فيه بصورة واضحة على العلن، وتترأس مناطق صنع القرار.

لا اقارن النساء في شمال وشرق سوريا بين النساء في الخارج السوري، لأن المرأة بطبيعتها مقاومة مقدادة وقادرة على العمل وتحقيق المستحيل، بل دعوني أعطي وجه المقارنة بين الفضاء الذي يحيط بالمرأة على مر العصور والأزمان، فالنساء في مناطق شمال وشرق سوريا سمحن لهن في الانخراط والمشاركة في كافة المجالات ودعمهن بدون مقابل، لكن النسوة اليوم مقيدات ضمن إطار ضيق في مناطق الداخل السوري ضمن حكم النظام البعثي.

فهذا أن دل يدل على أن المرأة هي قادرة ولن تتغير إرادتها يوماً ما بل الإطار الذي يحيط بها هو الذي يحصرها ويقيدها ليبعدها عن مسارها الصحيح.

لماذا تستهدف الاطماع الخارجية ومن بينهم الهيمنة التركيا المرأة على وجه العموم والمناضلات والناشطات السياسيات على وجه الخصوص؟

عندما تحاول السلطات الذكورية والإرهابية الاستيلاء على أي مجتمع ما أو بلد ما يتم استهداف المرأة بالدرجة الاولى، لأنها الأم والاخت نصف المجتمع وتربي النصف الاخر، الأم هي التي تبني الأجيال بأكملها فعندما انتهاك حرية المرأة يتم القضاء على الاجيال لأن المرأة هي المسيرة للمجتمعات بوعيها الكامل نحو جيل حر، فاستهداف المرأة يعني استهداف نواة المجتمع والحياة، كما حاول الارهاب الداعشي طمس حرية المرأة ضمن الاطار الاسود الذي احاطها به، لتتغيب عن جميع ساحات الحياة فتم السيطرة على المرأة في زمن داعش فكرياً حتى يستطيع السيطرة على بقية افراد المجتمع بكل سهولة أو مقاومة.

كما نشهد اليوم الكثير من الاغتيالات الارهابية التي تقوم بها الهيمنة العثمانية بحق الناشطات والسياسيات في مناطق شمال وشرق سوريا كالشهيدة الامين العام لحزب سوريا المستقبل هفرين خلف، وغيرهن الكثير من شهيدات الحرية، اللواتي تم استهدافهن بسبيل القضاء على حرية وفكر المرأة الحر.