لكل السوريين

موجة عنف عنصرية جديدة في لبنان.. تثير قلق اللاجئين السوريين

تحقيق/ لطفي توفيق

عاش معظم السوريين في لبنان حالة من القلق الشديد بسبب موجة العنف العنصرية الجديدة التي واجهتهم على خلفية مقتل مسؤول في حزب القوات اللبنانية، وتوجيه الاتهام لسوريين بقتله.

ورغم رفض الحزب اللبناني للاعتداءات العشوائية على السوريين، وقوله إن قتل المسؤول في الحزب “عملية اغتيال سياسية حتى إثبات العكس”.

إلّا أن العديد من أنصاره قطعوا الطرقات في مناطق كثيرة واعتدى بعضهم بالضرب على لاجئين سوريين، حسبما أظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول رواد المواقع مقاطع مرئية تظهر فيها حملات اعتداء وضرب من قبل غاضبين تهجّموا على اللاجئين السوريين وحرقوا ممتلكاتهم في بعض البلدات.

ووثقت مقاطع أخرى توجيه مهلة للسوريين في منطقة برج حمود بالعاصمة بيروت، بإخلاء المنازل والمحال التجارية خلال أيام، كما تداولت المنصات صور منشورات تحذّر السوريين من البقاء في منازلهم وتهددهم بالانتقام.

وفي إشارة إلى تحميل حزب الله مسؤولية الجريمة، قال حزب القوات اللبنانية في بيان “الوجود غير الشرعي لحزب الله أدى إلى تعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور”، وأشار إلى أن ذلك أفسح هذا الأمر المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلَّح، ونفى حزب الله هذا الاتهام واعتبره تحريضاً على الفتنة الطائفية.

وفجّرت عملية خطف واغتيال باسكال سليمان موجة جديدة من معاداة السوريين في لبنان الذي يستضيف نحو مليونَي سوري، وأثارت حالة من الجدل حول المسؤول والمستفيد من العملية.

اعتداءات وتحريض 

أدى مقتل باسكال سليمان إلى ملاحقات انتقامية واعتداءات عشوائية طالت السوريين في مناطق لبنانية مختلفة.

وشهدت مناطق برج حمود وسد البوشرية والجديدة وبشري وجبيل وجونية وذوق مصبح وذوق مكايل وطبرجا ومناطق أخرى، سلسلة اعتداءات على عمال ولاجئين سوريين بينهم نساء.

كما جرى تحطيم سيارات تحمل لوحات سورية، والهجوم على مساكن يقطنها سوريون، فيما اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حملات تحريض وبث مكثف لخطاب الكراهية ضد اللاجئين ودعوات لترحيلهم.

وانتشرت مقاطع مصورة توثق الاعتداءات، وأخرى تظهر مجموعات مدنية لبنانية تتنقل في المناطق وتعطي السوريين مهل زمنية لإخلائها تحت التهديد والوعيد.

واتخذت بلديات لبنانية كثيرة إجراءات مشددة حدّت من تحركات السوريين، وفرضت عليهم حظر تجول شامل غير محدد التوقيت، كما قامت بعض البلديات بتوزيع مناشير مطبوعة تدعو السوريين إلى مغادرة البلاد، وتتهمهم بتهديد الأمن والسلامة العامة في لبنان، مما تسبب بتصاعد حملات التحريض ضدهم، وجعلهم في الكثير من المناطق اللبنانية سجناء في منازلهم، يعيشون لحظات من القلق والترقب والخوف، ويتوقعون اعتداء أو ملاحقة في كل خطوة يقومون بها.

تشديد على اللاجئين

دعا وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي، إلى التشدد في تطبيق القوانين على اللاجئين السوريين في لبنان بعد توقيف سبعة سوريين يشتبه بضلوعهم في مقتل باسكال سليمان الذي عثر على جثته في سوريا.

وقال في مؤتمر صحفي بعد اجتماع استثنائي لمجلس الأمن المركزي في بيروت “أكدنا على القوات الأمنية التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على اللاجئين السوريين، وعلى ضرورة الحدّ من الوجود السوري في لبنان بطريقة واضحة”.

وفي إشارة على تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الجريمة قال مولوي “لا يمكن أن يتحمل لبنان مزيداً من المشاكل والفتن”.

في حين أعلن ناشطون سوريون في لبنان عبر بيان تداولته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أنهم “براء من كل من يعمل أو يتسبب بأذية الشعب اللبناني”.

وجاء في البيان “نشدد على مطلبنا بأن لا تتهاون السلطات اللبنانية بكافة أطيافها الحكومية والعسكرية والأمنية بمحاسبة ومعاقبة كل من يثبت تورطه بهذه الجريمة النكراء، وسوقه إلى العدالة لينال الجزاء العادل، ونؤكد كلاجئين سوريين في لبنان على التزامنا واحترامنا لكل ما يصدر عن السلطات اللبنانية حكومية وعسكرية وأمنية، وعلى أننا تحت سقف القانون اللبناني”.

يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها السوريون في لبنان لموجات العنف العنصرية، لكن خطورتها تتزايد الآن في ظل تزايد رقعة الصراعات والحروب في المنطقة، وفي وقت لا تزال العودة الآمنة للسوريين إلى بلادهم غير ممكنة.