لكل السوريين

محاولات مكثفة لاحتواء نتائج أحداث بيروت الدامية

تقرير/ محمد الصالح

شهدت بيروت سلسلة اتصالات سياسية وأمنية مكثفة، لتطويق نتائج الأحداث الدامية التي عصفت بالعاصمة اللبنانية في منطقة الطيونة، حيث وقعت اشتباكات مسلحة قتل خلالها سبعة أشخاص وأصيب أكثر من أربعين بجروح متفاوتة، وتخللها ترويع اللبنانيين، وخاصة أهالي المنطقة الذين حوصروا في منازلهم تحت القصف، واضطر عدد كبير منهم إلى النزوح عن منازلهم خوفاً من تمدد الاشتباكات وتطورها، فيما أغلقت مدارس المنطقة أبوابها بعدما حوصر التلاميذ في مدارسهم لساعات قبل أن يتمكن الجيش والدفاع المدني من إخراجهم منها.

وجاءت هذه الاشتباكات خلال تظاهرة لمناصري حزب الله وحركة أمل ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، واعتبرت بمثابة تصعيد ينذر بإدخال البلاد في أزمة جديدة، ويذكّر بالحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في السبعينيات القرن الماضي، وخاصة في منطقة عين الرمانة – الشياح، ودوار الطيونة الذي أعاد إلى الأذهان أحد أشهر متاريس الحرب الأهلية وخطوط تماسها، كما أعاد إلى ذاكرة اللبنانيين صور انتشار القناصين الذين شكلوا أبرز معالم تلك الحرب التي كرست التناحر الطائفي والحزبي في بلاد الأرز التي كانت تعتبر نموذجاً للعيش المشترك بين جميع مكوناته.

جهود مكثفة باتجاهين

تمحورت الاتصالات المكثفة حول ضرورة توضيح ملابسات ما حدث في منطقة الطيونة من خلال تحقيق نزيه ومحايد.

ونقل متابعون للشأن اللبناني عن مصادر موثوقة، أن تلك الاتصالات والحوارات المكثفة تسير باتجاهين، يركز أحدهما على كشف المتورطين في الحادث، وتحديد المسؤوليات والأهداف الكامنة خلف الاشتباكات، و”إحالة هذه الجريمة إلى المجلس العدلي في أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء، ومنع العبث باستقرار لبنان، ودور الأجهزة العسكرية والأمنية في الحفاظ على الأمن، وردع أي محاولة من أي جهة كانت للعبث به”.

بينما يركز الآخر على البحث عن مخرج لـ”أزمة التحقيق العدلي” في انفجار مرفأ بيروت، التي تصدرت قائمة الاولويات بعد التطورات الاخيرة في لبنان.

وتحدثت التقارير عن مجموعة طروحات يجري بحثها، وتوقعت أن تظهر نتائج البحث في وقت قريب، نظراً لحساسية هذا الأمر، بسبب مطالبات حركة أمل وحزب الله وتيار المردة بإزاحة المحقق العدلي طارق البيطار عن ملف التحقيق، وإصرار حزب “القوات اللبنانية” على رفض هذه المطالب.

روايات متضاربة

ألقت حركة أمل وحزب الله مسؤولية الاشتباكات الدامية على حزب “القوات اللبنانية”، وقال بيان مشترك لهما إن أنصارهم “‏‏تعرضوا لإطلاق نار مباشر من قبل قناصين متواجدين على أسطح البنايات المقابلة، ‏‏تبعه إطلاق نار مكثف كان موجهاً إلى الرؤوس”.

واتهم البيان “مجموعات من حزب القوات اللبنانية” بممارسة أعمال القنص هذه، ودعا إلى “محاسبة المتورطين والمحرضين وإنزال أشد العقوبات بهم.”

بينما رفضت “القوات اللبنانية” الاتهام جملة وتفصيلاً، واعتبرت في بيان لها أن “الغاية من اتهامها، حرف الأنظار عن اجتياح حزب الله لهذه المنطقة وسائر المناطق في أوقات سابقة”، وأشار البيان إلى أن ما حصل “جاء نتيجة عملية للشحن الذي بدأه حسن نصرالله منذ أربعة أشهر بالتحريض في خطاباته كلها على المحقق العدلي والدعوة الصريحة والعلنية لكف يده”.

وأثارت رواية الجيش اللبناني للحادثة ردود فعل متباينة لدى الرأي العام اللبناني، بسبب ما وصف بأنه تباين في الرواية، فبينما كان قد نشر تغريدة قال فيها “خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو”.

وعاد الجيش ليشير في بيان لاحق إلى “وقوع إشكال وتبادل لإطلاق النار في منطقة الطيونة- بدارو، ما أدى إلى مقتل عدد من المواطنين”.

قلق الجهات الرسمية

أشارت تقارير إعلامية إلى أن الاتصالات السياسية والأمنية التي انطلقت بشكل سريع ومكثف بعد أحداث بيروت الدامية، تعكس قلق الجهات الرسمية من تطور الوضع الأمني، وانحداره الى ما هو أخطر.

حيث أجرى رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالات مع رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية وقائد الجيش، وتابع معهم تطورات الوضع الأمني في ضوء الاحداث التي وقعت في منطقة الطيونة وضواحيها، لمعالجة الوضع تمهيداً لإجراء ما يلزم لإعادة الهدوء إلى المنطقة.

ودعا رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب كان، وتابع مع قائد الجيش الاجراءات التي يجب أن يتخذها لضبط الوضع في المنطقة، وتوقيف المتسببين بالاعتداء، كما تواصل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري للغاية ذاتها.

كما تابع الوضع مع وزيري الداخلية والدفاع، وطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الامن المركزي لبحث الوضع المتوتر في البلاد، وإيجاد الحلول المناسبة له.