لكل السوريين

أزمة الغواصات في طريقها إلى النهاية.. فهل تنتهي معها المشاكسة الفرنسية الأميركية

تقرير/ لطفي توفيق   

أعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي نهاية الأزمة الفرنسية الأميركية التي أثرت على العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد، ورحب بتعزيز التعاون عبر الأطلسي.

وقال جوزيب بوريل للصحافيين بعد لقائه نظيره الأميركي أنتوني بلينكن “لن نلح مراراً وتكراراً على مشاكلنا، علينا تجاوزها والتطلع إلى المستقبل”.

واعتبر أن الأزمة حدثت بسبب سوء الفهم، و”النقص في التواصل”.

وقال بوريل “من الواضح أن الرغبة في التعاون وبناء شراكة أكثر توازنا هي، بالنسبة لكلا المعسكرين، حجر الزاوية في هذه الشراكة الجديدة”.

ورحب بقرب إطلاق حوار أميركي أوروبي حول الأمن والدفاع، وبالقرار الذي أعلنه مع بلينكن بإجراء “مشاورات رفيعة المستوى حول منطقة المحيطين الهندي والهادئ” نهاية العام.

وكان بوريل قد أعرب الشهر الماضي عن تضامن الاتحاد الأوروبي مع فرنسا في الأزمة “غير المسبوقة” مع الولايات المتحدة.

وبدأت الأزمة مع إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن عن تحالف جديد في منطقة المحيط الهندي والهادئ مع أستراليا وبريطانيا، وهو ما أدى إلى نسف صفقة الغواصات بين باريس وكانبيرا، وأثار غضب السلطات الفرنسية التي اعتبرته خيانة للثقة.

طعنة في الظهر

أثار إلغاء كانبيرا لاتفاقها مع مجموعة نافال الفرنسية لبناء أسطول من الغواصات التقليدية، غضب فرنسا، حليفة الولايات المتحدة وبريطانيا في حلف شمال الأطلسي، ودفعها لاستدعاء سفيريها لدى واشنطن وكانبيرا.

ووضع واشنطن في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة مع فرنسا قد تلحق ضرراً بالتحالف الأميركي مع أوروبا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي إن بلاده تعيد تقييم موقفها تجاه حلفائها في إطار الرد على الإعلان عن شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا.

وكشف جان إيف لودريان عن أن الأوروبيين قرروا اعتماد استراتيجية خاصة بهم في المحيطين الهندي والهادئ.

واعتبر ما جرى في قضية الغواصات “أزمة خطيرة ستؤثر على مستقبل حلف الناتو”، ودعا الحلف إلى أخذ هذه الأزمة في الاعتبار.

واتهم الوزير الفرنسي أستراليا والولايات المتحدة بالكذب، كما اتهم بريطانيا بالانتهازية الدائمة.

كما اعتبر بيان للخارجية الفرنسية أن اتفاقية “أوكوس” بين أميركا وبريطانيا وأستراليا، “طعنة في الظهر”.

وندد البيان بالتخلي عن صفقة الغواصات التي أبرمتها أستراليا وفرنسا منذ عام 2016، وقال “إن الإعلان عن شراكة جديدة مع الولايات المتحدة سلوك غير مقبول وستؤثر عواقبه على مفهوم فرنسا لتحالفاتها وشراكاتها، وأهمية منطقة المحيطين الهندي والهادي بالنسبة لأوروبا”.

واشنطن تخفف من غضب باريس

أكد مسؤول بالبيت الأبيض أن بلاده تتعاون بشكل وثيق مع باريس بشأن الأولويات المشتركة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وستواصل القيام بذلك.

واعتبر أن تنشيط التحالفات والشراكات لدعم النظام الدولي يعني تعزيز العلاقات التاريخية طويلة الأمد “بما في ذلك مع حلفائنا في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي”.

وأشار إلى  أن بلاده تتطلع للعمل مع الاتحاد الأوروبي لتعزيز الأهداف المشتركة في المنطقة،

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن بلادها ستواصل العمل والتعاون مع الشركاء والحلفاء بأوروبا لضمان أمن منطقة المحيطين الهندي والهادي.

كما نوهت بتقدير واشنطن للعلاقات مع فرنسا، وأشارت إلى أن شراء أستراليا تقنيات أميركية شأن يخص الأستراليين.

وبدوره قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن بلاده وبريطانيا وأستراليا ستعزز تعاونها في مجالات الدفاع والأمن، ضمن مبادرة “أوكوس” التي أعلنها بايدن.

وأكد بلينكن أن المبادرة تعكس التزام البلدان الثلاثة بحماية السلام والاستقرار في منطقة المحيطين الهادي والهندي.

يذكر أن معظم الفرنسيين يعتقدون بأنهم أصحاب رسالة عالمية أيضاً، ولذلك لا يستسيغون فكرة القوة العظمى الوحيدة التي تفرضها واشنطن على العالم.

في حين لا يتفهم معظم الأميركيين طموحات باريس، وسعيها للعب دور عالمي أكبر من حجمها.

ولذلك تتأرجح العلاقات بين البلدين بين التحالف القوي في بعض المواقف، والخلاف العميق في مواقف أخرى، ويكشف التاريخ عن أكثر من قرنين من العلاقات المتذبذبة التي اتسمت أحيانا بالتعاون العميق، وشابتها في أحيان أخرى الشكوك المتبادلة والتنافس وسوء الفهم.

وغالباً ما يستدعي أي خلاف بين الدولتين، الطرفة الشائعة، حيث قال دبلوماسي فرنسي لنظيره الأميركي: لولا مساعداتنا في حربكم للاستقلال عن التاج البريطاني لكانت الملكة إليزابيث هي رأس الدولة الأميركية اليوم.

ورد الدبلوماسي الأميركي: ولولا تدخلنا مرتين في حربين عالميتين لكانت الألمانية هي لغة فرنسا الرسمية اليوم.