لكل السوريين

هجوم إيران الجوي على إسرائيل.. نتائجه وتداعياته

تباينت الآراء حول الهجوم الذي نفذته إيران ضد إسرائيل، وبرزت تساؤلات كثيرة عمّا حققه كل طرف من مكاسب وما تكبده من خسائر على الصعيد السياسي، في وقت يواصل الطرفان التهديدات المتبادلة.

وتتجه الأنظار الآن إلى إسرائيل، وشكل الرد الذي تهدد بتنفيذه ضد إيران، وما إذا كان سيدفع طهران إلى الهجوم عليها مجدداً، خاصة أنها ألمحت إلى ذلك، وأشارت إلى أن ردها سيكون فورياً وشاملاً وعنيفاً.

وبينما يتواصل تسريب المعلومات حول السيناريوهات المتوقعة، يكاد يطغى التهديد المتبادل بين الطرفين على مجريات الحرب في غزة، والمأساة الإنسانية فيها.

وكان الرد الإيراني الذي جاء بعد أسبوع من التصريحات والتأكيدات التي أطلقها المسؤولون في طهران وشاركوها مع نظرائهم في المنطقة، قد دفع محللين سياسيين لاعتبار ما حصل لا يخرج عن نطاق “المسرحية” والتفاهمات المسبقة.

وعززت هذا الاتجاه طبيعة الإعلان عن الهجوم، وإعلان تل أبيب تصديها لمعظم المسيرات والصواريخ الإيرانية قبل أن تصل إلى هدفها، ودون أن تسفر عن أية خسائر.

بينما يرى محللون آخرون أن ما حدث حقق مكاسب سياسية للطرفين، وليس لطرف دون آخر.

وبغض النظر عن صوابية هذا أو ذاك، فقد حوّل هذا الهجوم الاهتمام الدولي والإقليمي عن قطاع غزة والمجاعة التي ضربت من بقي على قيد الحياة فيه، وعلى احتمالات اجتياح رفح.

حسابات الربح والخسارة

يعتبر محللون سياسيون الهجوم الإيراني رسالة تقول فيها طهران إنها قادرة على الوصول إلى عمق إسرائيل، ومعرفة مدى قدرة وجهوزية دفاعها الجوي، وإنها أطلقت هذه الكمية المهولة من المسيرات لكي تربك دفاعها، وتبين أن القبة الحديدية لم تتمكن من التصدي للصواريخ دون مساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى من خلال قواعدها في الشرق الأوسط.

ويرون في هذا الهجوم محاولة إيرانية لتغيير قواعد الاشتباك القائمة بين البلدين منذ عقود، واستعادة بعض هيبة إيران التي فقدتها في السنوات الماضية من خلال اتباعها ما يسمى “سياسة الصبر الاستراتيجي”، وتصوير نفسها أمام شعبها وحلفائها وأعدائها، على أنها تمتلك الإرادة السياسية التي تمكّنها من الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

ويرى محللون أن مكاسب تل أبيب من الهجوم أكثر من مكاسب طهران التي لم تحدث ضرباتها دماراً أو خسائر بشرية في إسرائيل، وأعادت الغرب إلى الوقوف معها، ودفعت واشنطن إلى حشد دعم غربي لتقديم السلاح والتعاون الاستخباراتي والدعم المالي لها.

وأن نتنياهو سيكسب سياسياً بسبب إعادة ترميم العلاقة مع الغرب، وخاصة مع الرئيس جو بايدن بعدما كان الغرب ينتقد إسرائيل بشدة على خلفية الأحداث في غزة، بعد أن تحولت الأنظار عن الأوضاع الكارثية والفظائع التي ترتكب فيها.

سيناريوهات متوقعة

بعد أسبوع من زعم إسرائيل عدم وقوع أي إصابات بشرية خلال الهجوم الإيراني، كشفت صحيفة إسرائيلية عن وقوع إصابات في مفاعل ديمونة النووي وقاعدة رامون العسكرية في محاولة على ما يبدو، للحصول على دعم دولي لأي ضربة قد توجّهها إلى إيران.

ونقلت صحيفة “معاريف” عن مصدر رفيع، أن المسيّرات والصواريخ التي أطلقتها إيران باتجاهها ألحقت الضرر بمفاعل “ديمونة” في صحراء النقب الذي يعتبر أكثر المنشآت العسكرية الإسرائيلية حساسية، وأوقعت إصابتين في محيطه، وخمس إصابات على الأقل، في قاعدة “رامون” العسكرية.

واعتبره خبراء عسكريون ما جاء في الصحيفة محاولة لتضخيم الحدث وخلق مبرر للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها لكي يوافقوا على توجيه ضربة عسكرية لإيران.

وما يعزز شكوك الخبراء حول الإعلان الإسرائيلي هو أن تل أبيب تتعمد إخفاء الحجم الحقيقي لخسائرها خلال أي حرب حفاظاً منها على الحالة المعنوية للجنود وتماسك الجبهة الداخلية، وتفرض رقابة عسكرية صارمة على كل ما يتعلق بأخبار الحرب قبل نشرها.

ويرجحون أن تشهد الفترة المقبلة سيناريوهات متصاعدة من الجانب الإسرائيلي، ويشيرون إلى حديث وزيري المالية والأمن القومي الإسرائيليين عن “الحاجة لجيش كبير ومتوحش”.

وإلى أن تراجع نتنياهو عن ضرب منشآت إيران النووية، رغم اتخاذه للقرار أكثر من مرة، يرجع إلى أنه يدرك أن إسرائيل لن تكون قادرة على القيام بهذه المهمة دون مساعدة الولايات المتحدة، وهو ما يفسر الكشف عن خسائر لم يتم الإعلان عنها خلال الهجوم الإيراني.