لكل السوريين

تجربة التعليم الجامعي الكترونيًا في ظل أزمة كورونا

الحالة الاستثنائية فرضت نوعاً جديداً من التعليم في جامعاتنا السورية, يقوم على نشر محاضرات المدرسين على المواقع الالكترونية لكليات الجامعة ليتاح بعدها لجميع الطلبة متابعتها، ومراجعتها، والتحضير للامتحان النهائي.

هذه الحالة التي فرضتها الظروف ربما تقربنا أكثر من مفهوم الجامعة الافتراضية، والتي من خلالها يتم التواصل بين المدرسين، وطلابهم الكترونياً.

جامعة تشرين كانت سباقة، وحريصة على مصلحة الطلبة بدعوة أعضاء الهيئة التدريسية إلى إرسال محاضراتهم إلى الكليات المختلفة ليصار إلى نشرها على الموقع الإلكتروني للكليات كي لا يكون هناك زمن مهدور لا ينتفع منه الطلبة، وذلك للتعويض عن فترة الانقطاع الدراسي بموجب قرار وزارة التعليم العالي القاضي بتعليق الدوام في الجامعات، والمعاهد التعليمية التابعة للوزارة.

بالطبع الحالة لها أهميتها الكبيرة من خلال التغلب على الظروف الاستثنائية، وهذه التجربة أثبتت أن التعلم متاح، وممكن أياً كانت الظروف، وأياً كان نوعها.

لقد اتضحت بعض النقاط الهامة حول هذه التجربة المستجدة, والتي بدأت بتحميل المحاضرتين الأولى، والثانية لكافة المقررات الدراسية خلال فترة تعطيل الجامعات لتعويض المحاضرات النظرية خلال هذه الفترة فقد تم بدايةً نشر إعلان بهذا الخصوص على موقع الكلية لتنبيه الطلاب لضرورة المتابعة اللحظية لهذا الموقع، وتعيين مدير حسابات للربط بين موقع الكلية وموقع الجامعة لتحميل المحاضرات عند استلامها من أساتذة المقررات الدراسية إن هذه التجربة لها أهمية كبيرة بتوصيل المعلومة للطالب، واستمرارية التواصل الذهني، والعلمي مع الطلاب، وأن نجاح هذه الآلية من التعليم، والذي يسمى التعليم الالكتروني متاحة حيث كافة الطلاب، وبكافة السنوات الدراسية، وبكل الاختصاصات لديهم صفحة مشتركة على تطبيق الواتس آب، ويمكن لأي دكتور أن يتواصل معهم، وفي حال وجود كتاب جامعي بين أيدي الطلاب يمكن تقرير صفحات من الكتب، والتواصل عن طريق السؤال، والجواب لوسائل التواصل المتاحة.

لقد فرضت أزمة كورونا تقديم المحاضرات عن طريق الأنترنت بوسائط متعددة حيث يمكن للأستاذ أن يتواصل مع طلابه عن طريق مجموعات على الفيس بوك، أو على الواتس آب، أو على تلغرام، أو أي وسيلة تواصل أخرى فالمطلوب من الجامعة هو تنظيم هذا الأسلوب، واعتماد نظام تعليم الكتروني موحد لكل الكليات، وكذلك اعتماد نظام محاضرات الكترونية لكل الكليات، وهذا النظام معروف على مستوى عالمي لاستمرار ديمومة المحاضرات، وإمكانية التواصل، والتفاعل مع الطلبة بأكثر من شكل إضافة لإمكانية إعطاء الوظائف، وغير ذلك من أشكال التفاعل بين الأستاذ، والطلبة.

إنه اختبار مهم لكن هذه التجربة كغيرها من التجارب لها إيجابيات يجب تعميقها، ولها أيضًا بعض السلبيات يجب تخطيها، ومعالجتها أما عن الإيجابيات فهي فرصة للطالب للوصول إلى المعلومة ضمن المحاضرة بكل سهولة، وفي الوقت الذي يختاره دون عناء، وتشجيع الطالب على ترميم المعلومات التي قد تنقصه من خلال المراجع العلمية لا سيما أن الوصول اليها متعدد المصادر في ظل الوسائل المتاحة في وقتنا الحاضر، أيضاً هي فرصة للابتعاد عن أسلوب إعطاء المعلومة جاهزة للطالب ضمن قوالب جامدة كما يحصل في القاعات الدراسية، والذي هو أقرب إلى التلقين، وأن التعليم الالكتروني يعد خطوة مهمة لتعليم الطلاب ومساعدتهم أيضاً في تقديم الأبحاث في المستقبل، كما أنه وسيلة من الوسائل التي تدعم العملية التعليمية وتحولها من طور التلقين إلى طور الإبداع والتفاعل وتنمية المهارات، وبجمع كل الأشكال الالكترونية للتعليم والتعلم، حيث تستخدم أحدث الطرق في مجالات التعليم والنشر باعتماد الحواسيب ووسائطها التخزينية، أما عن سلبيات هذه التجربة من التعليم الالكتروني, فيمكن تكثيفها بما يلي: يعد ضعف التعامل المباشر بين المعلمين والمتعلمين والتركيز بالدرجة الأولى على الجانب المعرفي أحد السلبيات، وكذلك فقدان الحوار مما قد يؤثر على ذكاء الطالب المنطقي، فمن خلال الحوار والتعامل المباشر يتعلم الطالب أدب النقاش والاستماع وكيفية طرح الأسئلة واحترام الطرف الآخر وانتقاء الألفاظ والمصطلحات، إضافة إلى أن هناك نسبة من الطلاب لا يملكون الوسائل المناسبة لهذه التكنولوجيا، كما أن مواد الكلية التطبيقية تعتمد معظمها على الناحية العلمية، وبذلك فإن بعد الطالب عن الجامعة سيشكل شرخاً بين المعلومات النظرية والعملية.

أن الإشكالية الأساسية في هذه التجربة هي صعوبة الحصول على الأنترنت من قبل الطلاب حيث لا يملك كافة الطلاب الأنترنت الكافي لفتح الملفات والوصول للمحاضرات بطريقة متكافئة فعلى سبيل المثال هناك بعض المناطق النائية التي يؤدي انقطاع التيار الكهربائي فيها لفترات طويلة إلى انقطاع الأنترنت حيث أن معظم الوصلات ضوئية كما أن وسائل التواصل لبعض الطلاب وخاصة في السنوات الأولى من هاتف محمول وحاسوب غير متوفرين، وإن وسيلة التواصل الالكترونية هي أداة ليست كافية للحلول محل المحاضرات التفاعلية التي يحضرها الطالب حيث يستطيع الأستاذ إيصال الفكرة بطريقة مباشرة.

إن إمكانية تطوير هذه  التجربة متاحة، حيث الأساليب متنوعة، ومنها تحميل المحاضرات بملف مع ميزة الصوت وتفسير كل الدارات والبرامج والمعلومات الهندسية للطالب والعمل على ايصال المعلومات التي يجب على الطالب استيعابها.

ولكن هناك قلقاً من عدم استيعاب كامل المعلومات بدون شرح من قبل الدكتور كما هو الحال التقليدي، وبعض الطلبة ليس لديهم استعداد أو مقدرة على دراسة المقررات بهذه الطريقة، حيث أن الحضور والمناقشة والتطبيق العملي يساعد على تركيز المعلومات، وربما هذه الطريقة قد تكون ناجحة بالفروع الأدبية ولكن بالكليات التطبيقية قد لا تكون مجدية.

تقرير/ اـ ن