لكل السوريين

واقع المرأة الفراتية -2-

زليخة عبدي

وعليه ساعدت الأفكار العشائرية بالمنطقة بعدم، وصولها للمراتب العليا، وبالعكس ساهم في تعقد العادات، والتقاليد المقيدة للمرأة من حيث مبدأ اختيار الزوج المناسب لها دون أن يكون لها رأي في تقبل هذا الزوج العائلة تقرر، ويرون بأن رأيهم صائب، ولا يجوز أن تخالفه لأنها لا تعرف مصلحتها فهي لا تمتلك قوة العقل بأن تحدد مصيرها دائمًا ينعتونها بأنها ناقصة عقل وحسب تعبيرهم بأنهم يختارون الصح، وبعد الزواج تحدث المشاكل، والخلافات دون مراعاة لحقوقها تقوم العائلة بضربها، وعليها إطاعة زوجها مهما تكن الظروف في نهاية المطاف تخضع، وتكمل حياتها دون أي معنى.

ناهيك عن عادة الحيار التي لاتزال تعاني منها فيتم إجبار الفتاة بالزواج بابن العم رغم عنها لأن له الحق في الزواج منها حتى، ولو لم ترضى، وإذا حدث، وأظهرت الرفض يجعلها تمنع من الزواج طيلة حياتها مادام لم تقبل به زوجاً لها، وبالمقابل كذلك عانت، وماتزال تعاني المرأة الرقاوية من تزويجها بسن قاصر لا تتجاوز العمر ١٣، أو ١٤ عاماً بذريعة إنهم يطبقون شريعة الإسلام، وبهذه الحجة استطاعوا أن يتحكموا بمصير المرأة، ويفصلوا لها كما يرونه على حد تعبيرهم بأنهم يرسمون لها الطريق الصحيح، وللأسف لا يراعون مدى حجم الضرر الملحق بها من حيث عدم اكتمال نموها الجسدي، والفكري.

بعد بضعة أشهر تصبح حامل لا تعرف الجوانب المتعلقة بأمور الحمل، وممكن أن تتعرض للوفاة لكون جسدها ما يزال هزيلًا ضعيف ،بالإضافة إلى تحويل المرأة في هذه المنطقة إلى سلعة تباع من خلال ظاهرة المهر الغالي، وعدم قدرة الشباب على الزواج نتيجة نظرة الأهل لظاهرة المهر الغالي فهم يتباهون عندما يتم تزويج بناتهم مقابل مبالغ خيالية، وكل ذلك نتيجة الحداثة الرأسمالية التي حولت المرأة من خلال الدعايات إلى سلعة رخيصة، وتأثيراتها عمقت من الفكر العشائري الموجود في المنطقة، كما أُبعدت المرأة عن ميادين الاقتصاد فقط كانت عاملة تعمل دون مقابل في الأراضي، وبعض المحلات، وعندما يلزمها شيء من الاحتياجات الخاصة تطلب من الرجل من أجل تلبية الغرض لها بعد معاناة مريرة حيث ينعتها بأنها تصرف على أمور شكلية في حين تكون محتاجة لتأمين طلبها، ويقوم الرجل ببذر كل الأموال التي تجنيها المرأة من تعبها في أعمال لا أخلاقية من شرب الخمر، ولعب القمار، أو يتزوج من امرأة ثانية.

كل ما ذكر هي ما عانته المرأة الفراتية في فترة النظام البعثي الحاكم لتواجه مرة أخرى إلى جانب واقعها المرير بتواجد داعش في الرقة بعد فرض سلطتهم عليها، وفرض قوانينهم القاسية بحق المرأة فقد جردت المرأة من كونها إنسانة، وتلبيسها اللباس الشرعي على حد زعمهم وفي حال مخالفة هذا اللباس كانت تتعرض للملاحقة في الشوارع فيتم أخذها عن طريق سيارات الحسبة، ومعاقبتها بالجلد، وإخضاعها لشراء اللباس الشرعي منهم.

فأصبحت سجينة المنزل لا تغادره خشية أن تعتقل لأي سبباً كان، وقاموا بإصدار حكم الإعدام بالرمي بالرصاص بحق النساء في الرقة عند علمهم بأنهن ذهبن لإكمال دراستهن في دمشق كما قاموا بإنشاء كتيبة الخنساء التي وكلت بمهام البحث عن زوجات للأمراء، وفتح ملتقى الفتاة المسلمة لنشر فكرهم عن طريق النساء للعمل بإقناع الشعب بأنهم يتبعون الإسلام الصحيح ،وفتح كلية الطب لتدريب نساء الرقة على أعمال التمريض لمعالجة عناصر التنظيم، وعند بيع النساء الإيزديات التي شهدتها مدينة الرقة تركت أثر في قلب كل امرأة رقية باحثة للانتقام من داعش، وإفنائهم لأنهم اقترفوا جرائم لا إنسانية لا تغتفر بحق المرأة الإيزدية، والرقية فترة داعش تحمل في صفحاتها الكثير من القصص المؤلمة بحق المرأة لتبدأ المرأة الرقية مرحلة جديدة مع إشراقة بزوغ شمس الحرية، والانخراط في المشروع الديمقراطي الذي طالما حلمت بأن تكون لها مكانة في مجتمعها فأصبحت مقاتلة تثأر لنفسها من داعش في جبهات القتال وقدمت روحها فداءً لتحرير المدينة أمثال هيلين رقة، وزيلان فرات، وتقدمت لتشارك في إنشاء تنظيم خاص بها فبادرت بالانضمام للكومين، وتشكيل مجالس خاصة، والتي توجت بالإعلان عن إدارة خاصة بها هي إدارة المرأة في الرقة.

بالرغم من كل النجاحات التي حققتها المرأة الفراتية لا نستطيع الإنكار بأن داعش ترك لنا إرث فكري حقيقي في ذهنية مجتمعنا، وبالأخص النسوة اللواتي تزوجن من عناصر التنظيم أمام كل ما تم ذكره من واقع تعيشه المرأة الفراتية تبقى تعاني من تفشي عادتي تعد الزوجات، وزواج القاصرات، والنظرة الوحيدة التي ينظرونا لها، وهي بأنها شرف العائلة.

لكي نستطيع الحد من هذا الواقع المرير علينا اتباع ما يلي:

زيادة حملات التوعية الفكرية للمرأة بالدرجة الأولى لتعرف بأنها ليست ضعيفة، وبالمقابل الرجل كي يستطيع التخلص من الذهنية التي اكتسبها من العائلة.

التركيز على الندوات، وشرح كل النقاط التي ذكرناها، وكيفية إصلاحها.

إقامة ندوات خاصة للتعريف بمبادئ الإسلام اتجاه المرأة للقضاء على فكر داعش الذي شوه الإسلام الحقيقي.

إدراج مناهج مدرسية تؤمن بمكانة المرأة، ودورها في بناء المجتمع حتى نبني جيل قادر على مواكبة التطورات العالمية، والابتعاد عن الأفكار المتطرفة.