لكل السوريين

بعد عام على الزلزال مآسي اللاذقية مازالت نازفة

تقرير/ سلاف العلي

مازالت مشاعر الخوف لدى جميع من عاش كارثة الزلزال في العام الماضي، في انعكاس لعديد الآثار النفسية التي خلفتها الكارثة، ضحايا الزلزال مازالوا بحاجة لعلاج صحتهم النفسية بعد عام على الزلزال في اللاذقية، وبعد مرور سنة على الكارثة تبدو محاولة الاطلاع على حياة بعض الناجين إنما هي مشاهدة جروح مفتوحة، إن آثار الزلزالين واضحة حتى اليوم في اللاذقية برغم إزالة ركام بعض الأبنية التي دُمرت، تحيط بها صور مهترئة لعدد من الضحايا.

السيدة هالة التي أصبحت مشردة وعائلتها بعد الزلازل قالت لنا: تهدمت بعض جدران منزلي، وحصلت مشكلة في التمديدات الصحية أصلحناها بشكل مؤقت، لكننا لم نستطع إصلاح الجدران، بعضها متهدم جزئيا وبعضها متشقق، نرجو أن نتمكن من ترميم الأضرار تدريجيا، وكانت تسكن في حي الرمل الجنوبي، في منزل تعرض لأضرار بفعل الزلزالين، وعجزت عن الانتقال إلى مكان آخر أكثر أمانا، ثم كفت عن المحاولة عقب تأكيد لجنة هندسية كشفت على المبنى أن الأضرار التي طاولته لم تتسبب بمشكلات إنشائية.

السيدة أم عمر التي أصبحت مهجرة إثر الزلزال كانت تجلس مع طفلتها على طرف رصيف أمام شركة الفؤاد للحوالات في اللاذقية وكان منظر الازدحام واضحا للمنكوبين من الكارثة، والذين حضروا لاستلام تعويضات مالية من هذه الشركة، وتقول أم عمر إن البعض ينجح باستلام المبلغ بعد انتظار ساعات طويلة ويضعون المبلغ في كيس أسود اللون يبدو ممتلئا برزم النقود، تساوي 2.700.000 ألف ليرة ما يقارب 180 دولاراُ، العملة قديمة لذلك الكيس كبير، يمكن هذا المبلغ لا يكفي حتى لتصليح حيط واحد، لكن الرمد أحسن من العمى، علما أن هنالك الكثير من الناس تضرروا من الزلزال و لا أحد زارهم أو سأل عنهم أو سمع فيهم حتى هذه اللحظة، وتضيف: إن حينا حي الرمل الجنوبي، المعروف شعبيا بالرمل الفلسطيني، أحد أشد المناطق ضررا داخل مدينة اللاذقية، فيما دفعت مدينة جبلة ومحيطها الفاتورة الأكبر في محافظة اللاذقية.

تستذكر السيدة فاطمة ما حدث في تلك اللحظات العصيبة التي عاشتها مع أبنائها الثلاثة، عندما حاولت الفرار من المنزل، تقول فاطمة: نزلنا الدرج مسرعين، كانت السماء تمطر بغزارة، رعد ورياح، وقفنا مع عشرات الجيران وسط الطريق ننتظر المجهول، وهي كانت تستأجر منزلا في المدينة، ورغم أن منزلها لم يصب بأية أضرار، وجميع أفراد عائلتها بخير، لكن أؤكد نحن احياء لكن الموت ورائحته منتشرة في كل تفاصيل حياتنا، ونعاني مثل الكثيرين من آثار نفسية مختلفة، واضطرابات ما بعد الصدمة، واضطرابات القلق ومنها اضطراب القلق الاجتماعي، والاكتئاب الشديد، والشكاوى الجسدية، واضطرابات النوم، بالإضافة إلى القلق والاكتئاب، وعلاوة على عيش محنة الزلزال بشكل مباشر، ساهمت متابعة وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية التي قامت بتغطية مختلف جوانب الزلزال وآثاره، في مراكمة الآثار النفسية، وهو ما ظهر بعد أسبوعين من الزلزال، فقد خرج مئات الآلاف إلى شوارع العديد من المدن السورية بعد هزة عنيفة، وتسببت حالة الخوف والهلع بوقوع وفيات وعشرات الإصابات سببها التدافع والقفز من الشرفات.

السيد أبو علي مهندس مدني متضرر من الزلزال أضاف وقال: بعد نحو خمسة أشهر من وقوع الزلزال، شاع خلالها استعمال تطبيقات رصد الزلازل والهزات حول العالم، لكن المهندس قرر حذف التطبيق الذي يستخدمه لهذا الغرض، بعد أن شعر أن وجوده لم يعد مهما، غير أنه عاد وقام بتحميله وتفعيله مرة أخرى مع اقتراب شهر شباط الحالي، ويؤكد أنه لم يكن وحيدا من فعل هذا، والكثير فعلوا الأمر نفسه، ويضيف خلال حديثه أن تكرار الكارثة الطبيعية غير مرتبط بذكرى حدوثها، قد تحدث في أي وقت، واحتمالية تكرارها في ذكراها تبدو شبه مستحيلة، لكن برغم ذلك تسرب القلق إلى حياتنا مع دخول شهر شباط، علما أنه والد لثلاثة أبناء، وقد تسبب الزلزال بأضرار متفاوتة في منزله وبتشريد عائلته لأكثر من شهر، ولا يستطيع النوم حتى بزوغ الفجر، ومراراً يحاول النوم ولكنه يعجز عن ذلك إلى أن يتجاوز الوقت ساعة وقوع الزلزال الرابعة والثلث فجراً.