لكل السوريين

رغم التحذيرات الدولية.. وبضوء أخضر من واشنطن إسرائيل تستعد لاجتياح مدينة رفح

تحقيق/ لطفي توفيق

يستعد جيش الاحتلال الإسرائيلي لاجتياح مدينة رفح، رغم كل التحذيرات الدولية من مخاطر هذا الاجتياح على حياة المدنيين الذين نزحوا إلى المدينة هرباً من المجازر التي ارتكبها في مختلف مناطق قطاع غزة.

وأعلن نتنياهو أنه أمر الجيش بـ”تحضير هجوم على مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة”، واعتبر أن الانتصار على حماس هو مسألة أشهر، وقال إن “عدم دخول رفح سيؤدي إلى خسارة الحرب والإبقاء على حماس”.

وكان مكتبه قد أعلن أنه طلب من الجيش وضع خطة لتدمير أربع كتائب تابعة لحركة حماس قال إنها منتشرة في رفح.

ودعا الوزير اليميني المتطرف بن غفير إلى عودة المستوطنين إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وإلى تهجير السكان الفلسطينيين إلى بلدان تقبل استقبالهم كلاجئين.

وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، قال إن لديه خطة تهدف إلى “تشجيع سكان غزة على الهجرة الطوعية إلى بلدان أخرى حول العالم من خلال تقديم حوافز مادية للقيام بذلك”، واقترح عقد مؤتمر دولي “لمساعدة إسرائيل في العثور على دول مستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين”.

تحذيرات متواصلة

تتوالى التحذيرات الدولية من اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي لمدينة رفح، وما سينجم عنه من مجازر بحق الفلسطينيين الذين نزحوا إليها من مختلف مناطق القطاع بسبب اجتياحها.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة من أن “تركيز إسرائيل عملياتها البرية على رفح يضاعف الكابوس الإنساني في غزة، مع عواقب إقليمية ضخمة لا يمكن توصيفها”.

كما حذّر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أن “تصريحات إسرائيل بالتحرك العسكري إلى مدينة رفح مقلقة، وتشكل خطراً على أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني أمرتهم بالتوجه إلى هناك”.

وأشار في تدوينة على منصة إكس، إلى أن “المنظمة الدولية تشعر بالقلق إزاء تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن التحرك العسكري إلى رفح، جنوبي قطاع غزة”.

وقال “إن هذه التصريحات تدق ناقوس الخطر بشأن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا، ومزيد من النزوح لمكان غير معلوم لأكثر من مليون فلسطيني أمرهم الجيش بالتوجه إلى رفح”.

وكان غالانت قد قال في بيان “إن الجيش الإسرائيلي يحقق مهمته في خان يونس جنوبي غزة، وسيصل إلى رفح”.

حسابات الائتلاف

يدرك الائتلاف الحاكم في إسرائيل برئاسة نتنياهو أنه لم يحقق أهداف الحرب التي أعلنها رغم التدمير الشامل والإبادة الجماعية التي ارتكبها بحق سكان غزة.

ويقرّ عدد كبير من المراقبين الإسرائيليين علانية أن المكاسب التكتيكية للاحتلال داخل القطاع لم تترجم إلى مكسب استراتيجي.

ولذلك تبحث حكومة الاحتلال عن فرصة لتحقيق إنجاز يحفظ ماء وجهها عن طريق احتلال رفح، مع أن هذه المغامرة ستسفر عن المزيد من خسائرها البشرية، وتهزّ صورتها في العالم.

كما يسعى الائتلاف إلى إطالة أمد الحرب، لإدراكه أن إسرائيل على موعد مع هزات داخلية كبيرة فور انتهائها، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية الإسرائيليين تريد إجراء انتخابات عامة مبكرة، وتؤكد أن أحزاب الائتلاف ستنهار في هذه الانتخابات على خلفية فشلها الذريع خلال عملية طوفان الأقصى، وفي إدارة الحرب على غزة.

ويرى حلفاء نتنياهو أن تدمير غزة وتنفيذ مجازر كبيرة فيها وترويع الفلسطينيين وزرع الخوف في نفوسهم، ستدفع شبابهم للهجرة عندما يكتشفون أن القطاع أصبح غير قابل للعيش فيه، وخاصة إذا تأخرت عملية ترميمه وإعادة إعماره التي تستطيع إسرائيل إعاقتها وتأخيرها.

ضوء أخضر أميركي

نقلت صحيفة بوليتيكو قول ثلاثة مسؤولين أميركيين لم يكشفوا عن هوياتهم “إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لن تعاقب إسرائيل إذا ما أقدمت على شن حملة عسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة دون توفير الحماية للمدنيين في المدينة”.

وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الإسرائيلية يمكنها دخول رفح وإلحاق الأذى بالمدنيين في المدينة دون التعرض لأي عواقب من الولايات المتحدة الأميركية.

ويرى مراقبون أن هذه المعلومات تمثل الضوء الأخضر من الإدارة الأميركية لحكومة نتنياهو للمضي قدماً في خطتها لاجتياح المدينة التي تعتبر آخر ملجأ لمئات آلاف النازحين، رغم الإدانة الدولية والتحذيرات المتصاعدة، مما سيترتب على ذلك من مجازر بحق المدنيين الأبرياء.

وتشير تصريحات كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إلى أن الاجتياح الإسرائيلي الوشيك للمدينة لن يؤثر على الدعم الأميركي لإسرائيل، رغم إعلان إدارة بايدن أنها تريد من إسرائيل وضع خطة لحماية المدنيين قبل بدء الاجتياح.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي رداً على سؤال عمّا إذا كانت واشنطن قد هددت بوقف المساعدات العسكرية لإسرائيل إذا مضت قدماً في خطتها لاجتياح المدينة، “إن واشنطن ستواصل دعم إسرائيل، وسنواصل ضمان حصولهم على الأدوات والقدرات اللازمة للقيام بذلك”.