لكل السوريين

اللاجدوى قد تقتل الحلم

لطفي توفيق

بدأت ظاهرة العبث واللاجدوى..

تنتشر في مجتمعاتنا.

وخاصة بين جيل الشباب الذي يبدو وكأنه فقد البوصلة وسط هذه الظروف المعقدة.

وفقد ثقته بنفسه.. ووطنه.. وبكافة ثوابته التي يختزنها..

أو تلك التي أقحمت في ذاكرته قسراً.

العبث سلوك فردي.

قد يعكس فقدان صاحبه القدرة على تقدير المواقف..

كما يجب أن تقدّر..

ورؤية الأشياء كما يجب أن تُرى..

وقد يضرّ العبث بصاحبه..

وربما بمن حوله.

واللاجدوى.. حالة اجتماعية مرعبة.

تنتج عن حالة يأس..

واصطدام مرير بواقع أكثر مرارة.

وعن الشعور بعدم القدرة على تغيير هذا الواقع..

أو التأثير فيه.. وعليه كما يجب.

ولقد أسست الأزمة السورية لمناخ اجتماعي مناسب لهذه الحالة.

وقد يستمر هذا المناخ لفترة طويلة بعد زوالها.

وربما يساهم في انتشارها وتطورها في المناطق الأكثر نكبة..

ويتسرب منها إلى مختلف المناطق.

واللاجدوى.. شعور يمزق الرغبة بمواصلة العطاء..

ويعيق التقدم والتحرر والانعتاق..

ومن أخطر مراحلها..

أن تصل بأصحابها إلى أنه..

ليس على هذه الأرض ما يستحق الحياة.

وليس في هذا العمر ما يستحق المزيد.

وليس في هذا الوطن ما يستحق التضحية..

والتضحية من أجل الوطن ليس بالموت وحده.

ولكنها باستمرار الحياة النابضة بالمحبة والعطاء..

لإعادة بنائه كما يستحق.

جميل قول من قالوا نموت ليحيا الوطن.

ولكن الأجمل.. والأكثر جدوى..
أن يقول القائلون

نعيش في وطن يقدّر حريتنا وكرامتنا.

ليعيش هذا الوطن بحرية وكرامة.

فعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة..

وفي هذا الوطن ما يستحق كل أنواع التضحية..

ليبقى وطن الجميع..

ويحترم ثقافات الجميع..

وعلى السوريين أن يرموا ثقافة اللاجدوى إلى الجحيم.

ويخرجوا من كوارثهم..

كما تخرج العنقاء من رمادها أكثر قوة.. وأشد عزيمة.

وليس ذلك بعسير على بلد أهدى البشرية أول أبجدية مكتوبة ومتكاملة.

وساهم في نشر العلم والمعرفة بكل اتجاه.

وليس ذلك بعسير على شعب يعرف كيف يقرأ رسالة السوري “بعل”

الذي قال منذ ما يزيد عن خمسين قرناً..

حطم سيفك.. وتناول معولك.. واتبعني..

لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض..

أنت سوري..

وسوريا مركز الأرض.