طرطوس/ أ ـ ن
التلاج أو الثلاج حلويات شعبية اشتهرت بها محافظة طرطوس منذ عشرات السنين، وتواظب عليها نساء من محافظة طرطوس، وسط سوريا، يقال إنها انتقلت إلى طرطوس من مصر وتسمى فيها كولاج، وهناك من يقول إنها جاءت من ليبيا والتي تسمى فيها ورقة بوريك.
أم محمد، معلمة في إحدى مدارس الريف الطرطوسي، تقول لمراسلتنا: “التلاج رقائق خفيفة تشكل الحلويات الأكثر أصالة بطرطوس، رغم مكوناتها البسيطة والمألوفة إلا أنها لا تزال من أصناف الحلوى المحببة التي تشتهر بها طرطوس وتتميز بها عن المحافظات الأخرى أنها حلويات التلاج التي تعتبر منتجا سياحيا انطلاقا من جزيرة أرواد، وفي محال الحلويات الأكثر شهرة في مدينة طرطوس تبدو صواني التلاج غالبا شبه فارغة على عكس حلويات أخرى لكون أسعارها تناسب الكثير من الناس مقارنة مع باقي الأنواع”.
وتوضح: “دأبت عدة سيدات من أرواد بينهن نساء عائلته على تحضير الرقاقات مشيرا إلى أن بساطة المكونات وتوافرها جعل من هذا الابتكار سهلا إلى حد ما مع بعض اللمسات التي تميزه عن غيره”.
وتضيف: “صنع الرقاقة يتطلب وقتا وصبرا من خلال مد العجينة المكونة من السميد والماء والملح والزبدة دون مواد تخمير على طبق كبير من النحاس ثم شيها على الغاز لدقيقة أو أكثر بقليل حتى يصبح لونها أشقر لافتة إلى أن أسلوب الصناعة اعتمد سابقا على التمز كبديل عن الغاز وهي مادة من مخلفات عصر الزيتون تتكون من قشور حبات الزيتون والبذرة المطحونة مع نسبة من الزيت تسمح بالاشتعال لفترة طويلة وتعطي الطعام نكهة مميزة”.
وتشير إلى أن العجينة الناتجة تحتاج طريقة حفظ خاصة في أكثر الأماكن برودة في الثلاجة مع ضرورة تغيير مكانها إلى موضع أقل برودة قبل استخدامها بيومين لتأخذ وقتها الطبيعي في الذوبان قبل الاستخدام دون أن تفقد قابليتها للقرمشة التي هي أهم ما يميز التلاج ليتم بعد ذلك توريد العجينة إلى المحال التي تقوم بعملية الحشو.
ناديا، صاحبة محل صنع حلويات في طرطوس، تبين: “تنوع طرق تجهيز التلاج حيث يمكن مد الرقائق فوق بعضها على طبق مدهون بالسمن لتترك ساعة قبل شيها في الفرن ثم إضافة القطر كما يمكن حشوها بالجبن الحلو أو الجوز أو الفستق أو الكاجو حسب الرغبة، وأوضح أن الكثير من أبناء طرطوس المغتربين أو الذين يعيشون في المحافظات الأخرى يطلبون من أقاربهم إرسال حلويات التلاج إليهم عندما يأخذهم الشوق إلى طعمتها المميزة”.
وتشير السيد أمينة الوافدة إلى طرطوس من محافظة حلب إلى اهتمامها بشراء التلاج جاهزا أو تحضيره في البيت لسهولة إعداده وخصوصا بالجوز، حيث يعطي شعورا بالطاقة والدفء، وشرحت طريقة صناعة التلاج، وأكدت أن التلاج عبارة عن أكلة حلو إروادية، أما المكونات فهي: رقائق أبو الولد ومكسرات: كاجو والفستق- سمن، ويفضل أن يكون حلوب منشان النكهة تكون طيية، ويكون القطر يكون جاهز قبل بيوم، والطريقة: نقطع الرقائق مربعات حسب ما يحبها كبار ولا صغار، ونبقيها بالكيس مقطعين كي لا يصيبهم الهواء وييبسوا، ندهن كل واحده بسمنة ونحشيها مكسرات ونلفها متل ورق العنب ونصففها بالصينية لثاني يوم حتى لا يتفككوا، ونحطهم تاني يوم بالفرن على سمنة عائمة، وبعد أن نخرجهم من الفرن، نصفيهم بالمصفاة من السمنة ليبردوا، وعندما يبرد القطر، نفتره تفتير، ونغطسهم بالقطر ونصفيهم تاني مرة من القطر، هذه الطريقة سهلة، لكنها تأخذ وقت، كتير طيبة.
السيدة أم غانم التي تصنع رقائق التلاج في منزلها، وتقوم ببيعها في محلها بمدينة طرطوس، أوضحت: “أقوم بعجن السميد مع قليل من الملح لتصبح العجينة متماسكة، ثم أقوم بوضع العجينة على طبق معدني من النحاس فوق نار خفيفة، وتستغرق عملية شي العجينة دقيقة ليتم بعدها نزعها عن الطبق، ثم أقوم بوضع الرقائق بعضها فوق بعض على طبق مدهون بالسمن أو الزيت، وتترك مدة ساعة، ثم توضع بالفرن، وبعد أن تبرد يوضع فوقها القطر الذي هو: ماء مغلي وسكر وقطر صناعي، وتقطع الرقائق حسب الطلب، رغم أن الرقاقة تكون أطيب على التمز، لكن وجود الغاز خفف الجهد والوقت، وساهم في إنجاز عدد أكبر من رقائق التلاج”.
السيدة تغريد والتي تعمل في صناعة التلاج منذ ثلاثين عاما أخبرتنا: تعلمت المهنة على يد المرحومة أم قاسم من أرواد، لكن هذه الأيام العمل يتطلب جهدا ووقتا طويلا لإنجاز الكميات المطلوبة، وأصعب ما في الأمر التعامل مع النار، ففي الصيف يتوقف عملنا بسبب الحر الشديد، وأحيانا نتعرض لخسائر مادية بسبب سوء نوع السميد الذي يرتخي في كثير من الأحيان، ما يضطرنا لاستبداله، فالعمل على الغاز عوضا عن التمز سهل الكثير من الأمور، وساهم في إنجاز عدد أكبر من رقائق التلاج، نقوم بصنع الرقاقات، وبيعها إلى عدد من محلات الحلويات، والثلاج حلويات شعبية يكثر الطلب عليها في فصل الشتاء ونحن نقوم بصنع الرقائق وتوزيعها في الأسواق، كما نلبي طلبات الجيران والتي تكون في معظم الأحيان رقائق ملفوفة ومحشوة بالجوز أو بالكاجو أو بالفستق الحلبي وذلك حسب الطلب.