لكل السوريين

مطار دمشق الدولي هدف إسرائيلي متكرر.. فما السبب؟

حاوره/ مجد محمد

بعد السابع من تشرين الأول ليس كما قبله، تاريخ أفرز تداعيات عسكرية على الإقليم برمته نتيجة تكاثف شظايا التداعيات الإقليمية للحرب المشتعلة في قطاع غزة بين حماس وإسرائيل في أجواء دول الجوار، وأظهرت عمليات القصف المتكررة نفذتها إسرائيل وأمريكا وكذلك فصائل موالية لإيران في كل من سوريا والعراق اتجاهاً متصاعداً لإعادة تسخين التحركات العسكرية بالمنطقة، بعد هدوء نسبي مؤقت في عدد العمليات المشابهة خلال الشهور القليلة السابقة على اشتعال الجبهة الفلسطينية.

تداعيات خطيرة رغم أن واشنطن وشركائها منعوا من توسع الحرب حتى الآن، إلا أن الافتقار إلى قواعد واضحة على بعض الجبهات وخاصة سوريا قد خلق بيئة خطيرة قد تتجاوز فيها أي جهة فاعلة عن غير قصد الخطوط الحمراء التي وضعتها جهة أخرى.

شظايا هذه الحرب تتوسع والهدف كل نقطة استراتيجية تساهم في سير المعركة بدءاً من القواعد العسكرية وصولاً إلى المطارات الحيوية التي تساهم في نقل الأسلحة، وعن الغارات الإسرائيلية المتكررة على المطارات السورية لها قراءات ورسائل كثيرة، حيث تسبب قصف إسرائيلي في إخراج مطار دمشق مجدداً عن الخدمة بعد ساعات قليلة من استئناف العمل.

وصعدت إسرائيل وتيرة استهدافها للأراضي السورية منذ شن حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول هجوماً غير مسبوق على إسرائيل، ورغم أن هذه الضربات التي تنفذها عادة الطائرات الإسرائيلية من خارج الحدود كما تشير الرواية الرسمية في دمشق سبق أن شاهدتها البلاد على مدار السنوات الماضية، ولا تزال الأنظار تتجه إلى الساحتين السورية واللبنانية وما إذا كان التصعيد في غزة سينسحب إليهما أم لا، ولاسيما في ظل تواصل التحذيرات من أن تتوسع الحرب إلى نطاق إقليمي.

وبهذا الخصوص وعن هذا الموضوع عقدت صحيفتنا لقاءاً مطولاً مع السياسي المستقل الأستاذ بدران الميمي، ودار الحوار التالي:

*أستاذ بدران مرحباً بك بداية، شظايا حرب غزة تصيب المطارات السورية، ما المقصود من ذلك وما رسالته؟

أهلاً بك، من الواضح أن سوريا أصبحت الحلقة الأضعف في سلسلة المقاومة والممانعة التي شكلتها إيران، فنعلم إن سوريا بعد الحرب الأهلية التي دامت ١٢ سنة من الصراع بات الجيش السوري غير مستعد لأي مواجهة، لذلك أصبح الحلقة الضعيفة وتستخدمه إسرائيل والكيان الصهيوني لتهديد المقاومة والممانعة.

أيضاً هناك بعض المعلومات تقول أن عندما حزب الله يشعل الجبهة أكثر فأن ذلك لا يهدد لبنان وإنما يهدد سوريا، لذلك هذه الرسائل تأتي دائماً إلى سوريا ولا تأتي إلى لبنان، ونحن نعلم جيداً إن حزب الله هو حليف للحكومة السورية بالإضافة إلى أن إذا قامت الحرب على سوريا ستسقط الحكومة السورية وهذا ليس من مصلحة حزب الله وخط المقاومة والممانعة، لذلك أصبحت سوريا هي ما يسمى الكبش الذي دائماً إسرائيل تهدد به وتهدد بقصفه لأن سوريا للأسف الشديد لا تستطيع الرد.

وإذا كنا نتكلم أن فلسطين محتلة من قبل إسرائيل فسوريا أيضا محتلة من تركيا وأمريكا وروسيا وإيران لذلك سوريا ضعيفة جداً اقتصاديا وعسكرياً ولذلك هي مستهلكة من قبل الكيان الصهيوني للضغط على حزب الله لعدم توسيع الجبهة بما يسمى الجبهة الشمالية، فتقريباً قصف إسرائيل لمطار دمشق الدولي ليس قصف عسكري لأن الشحنات العسكرية الإيرانية لا تأتي عن مطار دمشق ومطار حلب، هم يريدون فقط ما يسمى شل سوريا اقتصاديا وهذا ما تريده للضغط على حزب الله، ولو كانوا يريدون توقيف الشحنات العسكرية الإيرانية لضربوا مطار اللاذقية فهي تأتي من خلاله الآن، ولكن الروس متواجدون به ويخافون من هذه المواجهة بمعنى إنهم لا يريدون مواجهة مع روسيا على أراضي سوريا.

*لماذا هذا الاستهداف المتكرر لمطار دمشق على وجه الخصوص، وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية من وراء القيام بهذا النوع من الغارات؟

بالتأكيد الغارات كانت دائماً وابداً إسرائيلية حتى قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وكان الهدف منها حزب الله، الهدف الرئيسي لكل هذه الغارات هو الوصول إلى الأسلحة التي تصل إلى حزب الله وربما تدميرها وتدمير حزب الله وعدم منح حزب الله أي فرصة من أجل تقوية نفسه والحصول على أسلحة أو صواريخ دقيقة أو ما شابه ذلك، على اعتبار أنه دائماً الاستراتيجية الإسرائيلية تقول أن إيران هي الداعم الأول والأخير لحزب الله وبالتالي معظم الأسلحة أو جميعها تصل من إيران دمشق إلى حزب الله جنوب لبنان، ولكن الآن هناك احتمال كبير أن الحرب على غزة وبالتالي رغم أن توقفها بهدنة ووقف إطلاق النار ولكن هناك احتمال كبير أن تتحول إلى حرب إقليمية وهذا ما تخشاه إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية خوفاً على مصالحها في المنطقة، حتى هذه اللحظة الجيش الإسرائيلي لا يسيطر على مدينة غزة رغم ادعاءاته بالسيطرة على القسم الشمالي منها ولكن عند تحرير الأسرى تم تحريرهم من شمال غزة التي يدعي الجيش الإسرائيلي إنه مسيطر عليها، وهذا يعني أن الاحتلال الإسرائيلي لم يحكم سيطرته ولم يحتل شمال غزة، وبالتالي على مدينة صغيرة لم يستطع فرض احتلاله فهو يخاف من فتح جبهات أخرى، وكما قلت لك الاستراتيجية الإسرائيلية هي قصف مطار دمشق الدولي هو لتوجيه رسائل لمحور المقاومة والممانعة وخصوصاً حزب الله وذلك خوفاً من فتح الجبهة الشمالية.

*هناك من يؤكد إن هذه الضربات هي استباقية لمرحلة تصعيدية خطيرة قد تقوم بها إسرائيل ضد الحكومة السورية في دمشق وحلفائها في المنطقة، ما رأيك؟

لا اتوقع ذلك، الاستخبارات العسكرية لم تعد قوية كما كان متوقعاً، والموساد الإسرائيلي تم اختراقه بكل بساطة في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، إسرائيل تفعل كلما تفعله في دمشق فقط للترهيب والضغط الاقتصادي والعسكري، فلا اتوقع أن إسرائيل قادرة على شن حرب جديد أو القيام بحملة عسكرية أخرى لأنها مجهدة جداً في حرب غزة وغارقة بها.

*ماذا عن التعزيز الأمريكي من بوارج حربية وغيرها وصلت إلى إسرائيل والمنطقة، برأيك هل ستسمح أمريكا بتوسع رقعة الحرب؟

بالتأكيد السابع من أكتوبر/تشرين الأول هو نقطة تحول في الشرق الأوسط وليس في غزة فقط، نقطة تحول هامة ونقطة تحول تاريخية في الشرق الأوسط لمحو علاقات التطبيع التي حصلت، التعزيزات الأمريكية جاءت لمساندة إسرائيل بالمرتبة الأولى وكذلك رسالة لروسيا والعرب ومحور المقاومة لعدم التدخل في حرب إسرائيل لأنها ستوجههم بنفسها، وبالتالي أمريكا تريد تثبيت حدود الشرق الأوسط كما هي عليه ولا تريد تغييرها فهذا يعني إنها لا تريد توسعة الحرب وتريد حسرها في غزة وفلسطين فقط.

*ختاماً، إيران أعلنت عدم تدخلها بالحرب بشكل رسمي، ما معنى استهدف الفصائل المحسوبة عليها للقوات الأمريكية في سوريا والعراق؟

منذ أسبوعين أفرجت أمريكا عن ١٠ مليار دولار من أموال إيران المجمدة، بمعنى إن العلاقات ما تزال مستمرة بين طهران وواشنطن ولكن عملياً الحوثيين هم جزء من القيادة الإيرانية وأيضاً حزب الله العراقي جزءاً من إيران، فإيران لا تريد المشاركة في الحرب بشكل رسمي ومباشر لأنها تريد الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع الحكومة الأمريكية ولكن هي تفعل ذلك من خلال فصائلها كنوع من الضحك على العقول إنها دولة اسلامية وتدعم المقاومة وتضرب مساندين الاحتلال ومن ذلك القبيل.