لكل السوريين

فقدان أصناف دوائية في صيدليات طرطوس ما ينذر بكارثة دوائية

تقرير/ أ ـ ن

فُقدت أصناف من اﻷدوية في صيدليات طرطوس مؤخراً، في وقت تضاعفت أسعارها بالسوق السوداء، وتذمر الأهالي نتيجة صعوبة العثور على بعض الأصناف الدوائية، وخاصة المضادات الحيوية والأدوية المخصصة لمعالجة الأمراض المزمنة، وهنالك شح بالأدوية ونقص في بعض الزمر الدوائية، ومع انتشار فوضى اﻷسعار ونشاط بيع اﻷدوية المفقودة في السوق السوداء، حيث تباع بأسعار مضاعفة عن سعرها الحقيقي، ومؤخرا وزارة الصحة الحكومية رفعت أسعار الأدوية 30%، بذريعة أن تلك الزيادة ستسهم في توفره في السوق.

السيد الصيدلي معن بين لنا: هناك انقطاعا في العديد من الزمر الدوائية، حيث أن قطاع صناعة الأدوية يستنزف رأسماله بسبب الأزمة الاقتصادية، ودوما هناك نقصا في الأدوية بانقطاع عدة زمر دوائية من خلال المستودع المركزي التابع للنقابة، إضافة إلى أن شريحة الربح للصيدلي لم يتم تعديلها منذ عام 2009 وهي 13 في المئة وبالتالي هي غير كافية في ظل الظروف الحالية، وان النقابة بطرطوس وضعت الوزارة في صورة الموضوع، ووصفت لها الواقع، والكرة حاليا في ملعبها لإيجاد حل لهذا الموضوع، وأن الموضوع يحتاج إلى حل حكيم من الوزارة، ومن خلال التواصل مع المعامل لمعرفة الزمر المقطوعة، استنتجنا أن واقع الصيادلة مأساوي وأن الصيدلي يستنزف رأسماله، إضافة إلى أن علبة الدواء التي يبيعها لا يستطيع تعويضها إضافة إلى أن هامش ربحه بسيط.

الصيدلانية رحاب أوضحت لنا: إنه ليس من المعقول أن يتم تمويل استيراد المواد الأولية لصناعة الأدوية على سعر المصرف المركزي، بينما يتم تسعير الأدوية على سعر أكبر ومختلف، أن كثيرا من المعامل لم تعد تنتج زمرا دوائية خاسرة، وتعاني الصيدليات في طرطوس نقصا كبيرا في الأدوية والمواد الطبية على اختلاف أنواعها، ما يدفع الأهالي للتوجه إلى السوق السوداء للحصول على أدويتهم بأسعار قدرت بأضعاف الأسعار المحددة من قبل وزارة الصحة.

الصيدلانية مايا أوضحت: هناك فقدان العديد من الأصناف الدوائية الأساسية من السوق بطرطوس وريفها، نتيجة توقف المعامل عن الإنتاج في محاولة للضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار الدواء، رغم ان اصحاب المعامل أكدوا أن المعامل أنتجت كل المواد الفعالة التي لديها وهي غير قادرة على الاستيراد والإنتاج للبيع وفقا للأسعار الحالية ودون تمويل، لكن انخفاض أسعار الأدوية هو السبب الرئيسي في توقف المعامل عن الإنتاج لوجود كثير من الأصناف بأسعار غير واقعية، وتمت المطالبة بالتحرك السريع لحل المشكلة التي وصلت إلى فقدان أدوية الأمراض المزمنة كأمراض القلب، والسكر، والضغط وغيرها، حيث أن النقص طال مستودع النقابة الرئيسي، وأغلقت العديد من الصيدليات أبوابها في حادثة أثارت موجة من الانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بررها صيادلة بأن صيدلياتهم فارغة من أهم الأصناف الدوائية كون المعامل والمستودعات لا تزودهم بالأدوية وإن تم تزويدهم بها فبعلبة أو علبتين لمريض أو مريضين فقط، بينما اتهم البعض الصيادلة بأنهم شركاء بأزمة الدواء ويمتنعون عن البيع بالسعر الحالي بانتظار بيع ما لديهم بالسعر الجديد المرتفع ضاربين بعرض الحائط حاجة المرضى.

الطبيب حازم وعامل في احد المعامل اخبرنا : إن زمر دوائية مقطوعة وليس أسماء تجارية معينة، مثلا كل الأوغمنتين وبدائله (أوغماسيل – أوغمافام – كلافينين – أوغمنتا …الخ) غير متوفرة، إضافة إلى الكلايثرومايسين شراب: كلاسيد (يونيفارما) وكلاريل (الفارس) وكلاريثرو (بحري)، وغيرهم الكثير من الزمر، واكد أن المعامل تستورد المواد الفعالة وفقا لسعر الصرف بالسوق الموازي، بينما مصرف سورية المركزي لم يمول المعامل بقرش واحد لاستيراد المواد الأولية الداخلة في صناعة الأدوية، وتابع : فقدان الأدوية جاء نتيجة عزوف أصحاب المعامل عن استيراد المادة الفعالة الداخلة في صناعة الأدوية بسبب رفض المصارف تمويل مستورداته بالسعر الرسمي، رغم أن المواد الأولية للصناعات الدوائية تعد من المواد العشرة المشملة بقرار تمويل المستوردات، وأضاف : منذ منتصف 2019 بدأت الهوة تزداد بين سعر الصرف الرسمي الذي يتم اعتماده لتسعير الأدوية وسعر السوق الموازي التي يقوم صاحب المعمل مجبرا على التزود بالقطع الأجنبي منها ليتمكن من الاستيراد، أن وزارة الصحة لا تأخذ بعين الاعتبار عند تسعير الأدوية سوى المادة الفعالة المستوردة دون احتساب تكاليف الإنتاج الأخرى من زجاج وبلاستيك كمستلزمات تعبئة وتغليف التي لم تعدل منذ 2011، أن أصحاب المعامل قادرون على الالتفاف على عقوبات قانون قيصر كما التفوا طيلة سنوات الحرب على العقوبات الاقتصادية السابقة والسوق تشهد بذلك، مضيفا : نحن لا نطالب بقرارات خاصة أو جديدة، لكن المطلوب فقط هو تطبيق القرار الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بتمويل المستوردات المواد الأولية للصناعات الدوائية بشكل جدي.

الصيدلي غسان اكد: يتصدر الصيدلي المشهد ويتحمل انتقادات الناس علما أنه المتضرر الوحيد من هذه الأزمة حيث أن نسبة ربحه من الدواء 13% فقط وما تزال هذه النسبة على حالها رغم كل المتغيرات الاقتصادية التي حدثت منذ 2011، بينما تستفيد المعامل من كل رفع للأسعار، أن رفع أسعار الأدوية سبب كارثة للصيادلة الذين فقدوا رأسمالهم نتيجة بيع الأدوية بالسعر الحالي واضطراهم إلى شراء الأدوية بالسعر الجديد ليبيعوها بذات النسبة التي لا تؤمن لهم حياة كريمة، وهذه ليست المرة الأولى التي تفقد فيها أصنافاً من الأدوية من الصيدليات بسبب توقف المعامل عن الإنتاج، وشهدت الأيام الأخيرة تهافت المواطنين إلى الصيدليات للحصول على الأدوية استعدادا للأسوأ، في ظل فقدان العديد من الأنواع التي كانت موجودة، أو اللجوء إلى السوق السوداء أو حتى الأدوية المهربة، حيث أن حياة بعضهم تعتمد على هذه الأدوية.

الدكتور في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين اقترح عدة حلول، منها : أن يتم تحرير سعر الدواء بحيث كل شركة تسعر وفق رؤيتها الخاصة، وهذا يسمح بأن يكون هناك منافسة بين الشركات، ويرى الحل الثاني بأن يتم تثبيت سعر الصرف، ومقابل ذلك يتم تسعير الدواء وفق سعر الصرف الثابت، وفي هذه الحالة لا تريد المعامل تمويلا من المصرف المركزي، أما الحل الثالث فيعتقد بأن يتم تمويل معامل الأدوية على سعر صرف محدد، وهنا أثار تساؤلا حول أن التمويل يتم عبر شركات صرافة، وهي تطلب أكثر من 50% من قيمة المبلغ كعمولة ليتم تحويلها لحساب المعامل، ويؤكد الدكتور بالاقتصاد: بأن جميع الأدوية ستفقد في حال استمر الوضع على ما هو عليه والوضع ذاهب إلى الأسوأ، لأن الدولار بارتفاع دائم والخسائر تكبر يوما بعد يوم، فلذلك ترى المعامل أن توقف العمل وتدفع رواتب موظفيها للحفاظ على الكادر أفضل بكثير من الخسائر التي تتراكم يوما بعد يوم، باختصار الصناعة الدوائية تتعرض لتدمير منهجي بهذه الطريقة، كل شيء ارتفع بالنسبة للمواطن، ومعامل الدواء ليس من مصلحتها رفع أسعار الدواء، إنما تريد فقط أن تكون الأسعار منطقية وبسعر التكلفة فقط وأن لا تكون سببا للخسائر.

السيد علي أحد أصحاب المستودعات الدوائية بطرطوس أوضح: نحن حلقة الوصل بين الجهة المنتجة للدواء وبين الصيادلة، والذين يعانون بدورهم من بسبب هذه الأزمة، أن المشكلة تكمن في اختلاف تسعير وزارة الصحة عن أرض الواقع، ان الدواء مسعر وفق سعر صرف يقل كثيرا عن السعر الحقيقي في السوق السوداء، والمعامل تشتري المواد الأولية بالقطع الأجنبي فقط، لذلك هذه العملية غير رابحة بالنسبة لها أبدا، فأوقفت العمل تماما، ونتيجة لذلك هناك أدوية مفقودة في الأسواق منذ فترة أكثر من شهرين، ووزارة الصحة لا تسمح بزيادة أسعارها أبدا، لأنها تعتبر أن الدواء خط أحمر ولا يجوز أن يرفع سعره بالنسبة للمواطن، وهم يقولون أنهم يمنحون المعامل الدولار بسعر تفضيلي لكن في الواقع لا يعطونهم أي شيء أبدا.