لكل السوريين

تطورات جديدة في السودان؛ قد تقوده إلى المجهول

بعد معارك عنيفة بالأسلحة الثقيلة وتبادل القصف المدفعي بين الجيش وقوات الدعم السريع وسط الأحياء السكنية في مدينة زالنجي، أحكمت القوات قبضتها على الحامية العسكرية للجيش السوداني في المدينة، وهي ثاني مدينة في إقليم دارفور بعد أقل من أسبوع على سقوط نيالا أكبر مدن الإقليم، ما يهدد بسقوط مدن إقليم دارفور بأكملها في يد قوات الفريق حميدتي.

ونشرت قوات الدعم السريع مقاطع فيديو ظهر فيها قائد القوة وهو يؤكد الاستيلاء على الفرقة 21 مشاة” بكامل عتادها العسكري، في حين وزّع إعلامها نشرة صحفية أعلن فيها أسر قائد الفرقة، وخمسين من كبار الضباط ومئات الجنود.

ولم تصدر أي تصريحات رسمية من الجيش تؤكد أو تنفي سقوط المدينة، مثلما التزمت منصات الجيش الرسمية الصمت قبل ذلك حيال سقوط  نيالا بيد قوات الدعم السريع.

ومدينة زالنجي هي المدينة الثانية بعد نيالا من حيث الأهمية الاقتصادية والعسكرية، وهي عاصمة ولاية وسط دارفور، وتتوسط ولايات إقليم دارفور، وتحاذي من جهة الغرب تشاد، ومن جهة الجنوب جمهورية أفريقيا الوسطى، مما يجعل منها حلقة وصل مهمة لإيصال المعونات من الهيئات الإنسانية.

تهديدات متبادلة

أكد قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان أن القوات المسلحة مستمرة في المعركة “حتى دحر التمرد”، وأن الحل العسكري سيكون ضرورياً إذا رفضت قوات الدعم السريع السلام.

وحسب صفحة القوات المسلحة السودانية عبر فيسبوك، قال البرهان لدى مخاطبته ضباط وجنود منطقة وادي سيدنا العسكرية شمال أم درمان، إن الجيش ذهب إلى منبر جدة وفق ما اتفق عليه مسبقاً بخروج التمرد من أحياء المدنيين والمرافق الحكومية والخدمية والشوارع.

وحذر من أنه “إذا رفضت قوات الدعم السريع السلام والمضي في الحلول السلمية، فلا حل سوى الحسم العسكري”.

بينما دعا نائب قائد قوات الدعم السريع، البرهان إلى استسلام قواته التي اتهمها بقصف مدينة زالنجي من الجو.

وهدد دقلو البرهان في مقطع مصور من داخل الفرقة 21 بمدينة زالنجي، نشرته قوات الدعم السريع عبر منصة إكس قائلا “لم يتبق لك شيء.. لا يوجد جيش يقاتل.. أنتم الآن تدافعون في القيادة العامة من داخل البيدروم.. ونحن متقدمون وسنتسلمها منكم.

مبادرات دون جدوى

أعلن الاتحاد الأفريقي نهاية شهر أيار الماضي عن خريطة طريق لحل الصراع بالسودان، تضمنت وقف الأعمال العسكرية بشكل فوري ودائم، واستكمال العملية السياسية الانتقالية وتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية.

وأعلنت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تلقّيها مبادرة وطنية من الجبهة المدنية لحل الأزمة،

وتضم الجبهة قوى سياسية ونقابات وتنظيمات مجتمع مدني، وتسعى لوقف الصراع واستعادة الديمقراطية، وتطالب بأولوية حماية المدنيين، والعمل على إسكات صوت البنادق.

ثم تصدرت الوساطة الأميركية السعودية مبادرات وقف القتال في السودان، حيث استضافت مدينة جدة السعودية المفاوضات بين وفدي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ الخامس من شهر أيار الماضي.

ودعت المبادرة الثنائية إلى خفض التوتر وتهيئة الأرضية اللازمة للحوار، والالتزام بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، وفرض الهدنة وتمديدها وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإنشاء لجنة لمراقبته تتكون من ممثلين من الوساطة وطرفي الصراع.

ولكن كل هذه الجهود فشلت بسبب تعنت الطرفين وتمسك كل منهما بشروطه لوقف القتال، وعدم اتفاق اللاعبين الإقليميين والدوليين المؤثرين في السودان على إنهاء الصراع فيه.

يذكر أن القتال اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف شهر نيسان الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.

ومنذ ذلك الوقت تشهد البلاد حرباً دموية بين الجانبين، أسفرت عن تدمير شبه كامل للبنية التحتية، وأجبرت الملايين على الفرار من مناطقهم إلى مناطق أخرى وإلى دول الجوار.

كما أجبرت معظم المنظمات الإنسانية والبعثات الدبلوماسية على مغادرة البلاد.