لكل السوريين

جامعيون من حمص يبحثون عن مستقبلهم بعيداً عن شهاداتهم

حمص/ بسام الحمد

دفع الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا، وغياب فرص العمل الجيدة، نسبة كبيرة من الأهالي بحمص ، وخاصة فئة الشباب، إلى التوجه نحو الأعمال الخاصة رغم صعوبة ذلك. لكن تحويل الوظيفة الحكومية إلى مجرد مضيعة للوقت، بحسب آراء معظم الشباب داخل سوريا، عزز قدرتهم على العمل في وظائف أخرى، يكون مردودها المادي أفضل من الحكومي.

ذلك لم يقتصر على الشباب فحسب، بل أن نسبة كبيرة من النساء افتتحنّ أعمالهنّ الخاصة أو صالونات تجميل نسائية أو العمل في التسويق الإلكتروني من المنزل، أو حتى العمل في بيع الخبز والقهوة والفستق على الطرقات، حتى لو كانت هذه الأعمال ليست مألوفة لدى المجتمع، لكن الحاجة المادية والظروف الاقتصادية السيئة تفرض نفسها.

واليوم، معظم الطلبة وشباب اليوم لم تعد تقنعهم الوظيفة الحكومية ماديا ولا حتى نفسيا، وحتى مَن توجّه إليها منهم فهدفه تحصيل رأس مال أو سحب قرض ليساعده في إطلاق مشروعه الخاص وإن كان صغيرا.

وباتت الوظيفة بحسب آراء شباب تحتاج إلى علاقات وواسطة في سوريا، لذلك لجأ الكثير منهم للعمل بقطاعات أخرى. أي التخلي عن الشهادة والطموح في سبيل تأمين لقمة العيش، وسط الظروف الاقتصادية السيئة، ومن اقتحم سوق العمل من الصعب عليه التفكير في أي وظيفة بأي قطاع حكومي أو خاص، لأنه لا يمكن مجاراة ارتفاع الأسعار “الجنونية” في الأسواق نتيجة عدة أسباب ومنها تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي

إذ لا يمكن الاعتماد على الوظيفة الحكومية، حيث أن الراتب لا يكفي ليومين، ولا يستطيع العيش بهذا الراتب الهزيل، لذا الكثير من الشباب في حمص اتجهوا للعمل بمهن أخرى تدر لهم دخلا وفيرا.

يشير اقتصاديون إلى وجود 61 بالمئة من نسبة العاطلين عن العمل في سوريا من فئة الشباب، ولذلك يتجه معظم الشباب وخاصة خريجي الجامعات إلى العمل الخاص أو تأسيس مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر خاصة بهم لأنها تُعد أكثر ريعية من الوظيفة في القطاع العام.

من الواضح أن السبب هو ضعف الراتب في القطاع العام على الرغم من أن معظم الشباب يعمل في أعمال أو قطاعات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم الجامعية، وفق قريط.

يعتبر مثل هذا الأمر استنفادا للكوادر في القطاع العام ما سيؤثر سلبا فيه، والمعالجة تكمن في زيادة الرواتب والحوافز في القطاع العام ووضع الإنسان المناسب في المكان المناسب مع تشجيع الكوادر الشابة على الاهتمام بمشاريعهم الخاصة، ولكن خارج أوقات الدوام كعمل إضافي لتحسين أوضاعهم المعيشية.

نتيجة للغلاء المعيشي المهول في سوريا، وفي ظل تدني الرواتب والمداخيل، اتجهت نسبة كبير من الجامعيين للعمل في أعمال تبدو غريبة على المجتمع السوري، مثل تنظيف البيوت أو العمل في المعامل والمِهن الحرفية أو التجارة اليدوية الحرة، كتصميم حرفيات خزفية سواء خشبية أو فضة وبيعها للمحال التجارية. كما يوجد بعض الشباب الجامعيين يعملون في بيع الخضار أو الفواكه أو أي مهنة أخرى في الأسواق، أو حتى سائق “تاكسي” أو عامل في مطعم، بغية إعالة أنفسهم وأُسرهم، وتغيير واقعهم الاقتصادي الهش إلى مستويات تتناسب مع الواقع المعيشي الصعب الراهن.

كما أن البعض يعمل في المطاعم والفنادق طمعا بوجود البقشيش والإكراميات، إذ غالبا ما يترك الزبون هامشا من المال على الطاولة للعامل. إذ يقول أحد العاملين في مطاعم دمشق القديمة إنه لولا الإكراميات التي يأخذها من الزبائن في المطعم، لكان قد ترك وظيفته، نظرا لأن الراتب ضعيف، وما يشجعه في البقاء هو موضوع البقشيش، وفي معظم الأحيان يكون البقشيش أكثر من الراتب نفسه.

يبدو أن الحاجة المادية تدفع الإنسان إلى أمور لم يعتد على خوضها. فبسبب تردي الأوضاع المعيشية لجأت نسبة كبيرة من السيدات السوريات إلى العمل بمِهن تبدو غريبة على المجتمع السوري.