لكل السوريين

من أشهر المقبلات السورية.. الشنكليش الساحلي مزيج بين الطعمة والتاريخ

تقرير/ سلاف العلي

الطعام عند السوريين هو هوية خاصة بهم، واينما ذهبوا يحملون مطابخهم معهم، لان أسلوب حياة وذاكرة جميلة وخاصة الاكلات التراثية، التي يستمرون عليها من خلال كل مناسباتهم، ففي الساحل السوري هنالك العديد من الوصفات التراثية ومنها الشنكليش والتين اليابس.

يعتبر أشهر المقبلات المعتقة (لدرجة العفن) على الموائد الساحلية تتميز بملمسها اللين الطازج، وطعمها اللاذع، تتناول باردة بعد إضافة زيت الزيتون، أو البصل والبندورة والنعناع ليصبح الطبق المعروف شعبيا بالشعيفورة.

الشنكليش يعرف أيضاً بالسوركي وهي تسمية فرنسية، وأحد أشهر المقبلات المعتقة (لدرجة العفن) على الموائد السورية أما الشنكليش فهو اسم تركي جاء من قبيلة  (شنكله) التركية، التي سكنت الحدود شمال حلب بين سوريا وتركيا. الجزء الثاني من التسمية (إيش) تعني عمل باللغة التركية، فقد كانت قبيلة شنكله من البدو الرحل، وقد ابتكروا هذه الطريقة لحفظ اللبن من الفساد عبر تحويله إلى كرات مجففة حتى يحافظ على نفسه خلال الترحال الدائم.

السيدة هند وهي ربة منزل من قرية الطواحين بريف بانياس، وتعمل الشنكليش منذ أكثر من 30 سنة قالت لنا: إن إعداد الشنكليش يجري غالبا في موسم الربيع من خلال عملية طويلة نسبيا ومعقدة نوعا ما، فبعد بسترة الحليب لتخليصه من الكائنات الحية الدقيقة عبر غليه على حرارة تصل إلى (63 درجة مئوية)، لمدة نصف ساعة، يضاف إليه القليل من اللبن ليتحول الحليب إلى لبن رائب ثم يترك لثلاث ساعات.

ثم يتم خضه عبر آلة خاصة، لتفصل الزبدة عن اللبن العيران، لتأتي مرحلة التقريش، وهي الأساس الذي ينتج عنها هذه الوجبة اللذيذة، يتم غلي العيران مع إضافة قليل من الملح على نار هادئة لمدة ساعتين، لتلف بعد ذلك القريشة بمنديل نظيف وتعصر وتضغط بإحكام للتخلص من الماء الموجود فيها. ولينتج لدينا بعد عدة أيام ما نسميه الشنكليش الأخضر أو النيء، بعدها، تأتي عملية التمليح وإضافة بعض الفلفل باعتدال، ثم تكوير القريشة إلى كرات صغيرة قطر الواحدة بين 4-6 سم، توضع في طبق لتنشر تحت أشعة الشمس لثلاثة أيام، إذ ذاك ينتج لدينا ما نسميه السوركي اليابس أي الشنكليش غير الناضج الذي يحفظ بدوره في جرار(جرات) أو أكياس محكمة الإغلاق أو أوعية بلاستيكية في مكان دافئ لتحضير المناخ المناسب، لنمو الطبقتين الزرقاء والخضراء من العفن الملوكي بعد مدة تقارب الشهر، وليخرج لدينا ما يسمى بالشنكليش. وتؤكد السيدة هند أن هذه الوجبة التقليدية كانت تعد وجبة الفقراء، إذ كانوا يتناولها على فطورهم أو عشاءهم مع كأس شاي ساخن. أما اليوم وبسبب ارتفاع أسعارها صارت ضربا من ضروب الرفاهية. يباع الشنكليش اليوم بالقرص الواحد بعد أن كان في متناول جميع السوريين.

مقادير الشنكليش :4 كوب لبن زبادي – 1 كوب لبنة – 1 ملعقة كبيرة فليفلة حمراء- 1ملعقة كبيرة زعتر اخضر بري – 2 ملعقة صغيرة ملح – 1ملعقة كبيرة حبة البركة، للتغليف: 4ملاعق كبيرة زعتر اخضر بري – 4ملاعق كبيرة فليفلة حمراء

السيدة نظيرة من قرية القطيلبية بريف جبلة حكت لنا عن طريقة تحضيرها في البيت وبسرعة وفق ما يلي:

1- نضع اللبن الزبادي في وعاء كبير ونضيف اليه اللبنة ونحرك المكونات الى ان تمتزج جيدا

2- نضع اللبن الزبادي واللبنة في كيس قماش ونحكم اغلاقه ونضعه على مصفاة ونتركه لمدة يومين في مكان جاف

3- بعد يومين نضع اللبن الزبادي الخاثر في وعاء كبير ونضيف اليه الملح وحبة البركة والزعتر الاخضر البري والفليفلة الحمراء ويمكن استعمال الفليفلة الحارة حسب الرغبة، ونعجن المكونات جيدا الى ان تمتزج وتتكون عجينة متماسكة

4- نقسم العجينة الى كرات متساوية

5- بعد ان كورنا العجينة نصفها في صينية ونضعها تحت اشعة الشمس لمدة 6 ساعات تقريبا

6- نقسم كمية الكرات لقسمين قسم نغلفه بالزعتر البري والثاني بالفليفلة الحمراء

7- نضع الزعتر الاخضر البري في طبق ونغلف الشنكليشات

8- نضع الفليفلة الحمراء في طبق اخر ونغلف الشنكليشات

9- نضع الشنكليش في اكياس محكمة الاغلاق ونضعها بالبراد

ومن ثم قامت بتوجيه النصائح التالية:

يفضل حفظ الشنكليش في أوعية زجاجية أو فخارية محكمة الإغلاق.

يستخدم الحليب قليل أو خالي الدسم لصنع الشنكليش.

للحفاظ على مطحنة البهارات حادة: نقوم بطحن قليل من ملح الطعام فيها شهريا.

للحفاظ على نكهة البهارات: نخزنها بعيدا عن الضوء.

رائحتها منفرة، ولكنها ما تزال حتى الآن مادة غذائية مرغوبة في على مائدة الإفطار وفي السهرات، بقدر ما هي مثيرة للجدل، سواء بطريقة تصنيعها، أو بطبيعة فوائدها الغذائية، وتصنع السوركة في بعض قرى الجبال الساحلية السورية بطريقة بسيطة للغاية، ففي قرية شلف الواقعة في منتصف المسافة بين مدينتي اللاذقية وإدلب، تصنع كما يلي: تستخدم قريشة حليب الماعز، أو الأبقار، ولكل من هذين المصدرين طعم وميزة خاصة، وتمزج القريشة بمعجون الفليفلة، والملح ويتم دعكها جيدا، ثم تكور على شكل أقراص صغيرة، ثم توضع في الهواء لمدة يومين متتاليين، بعدها تجمع ويرش عليها الزعتر البري، وتصبح جاهزة للأكل مباشرة، وأحيانا يتم تغطية الإقراص بالتوابل وحبة البركة، والكزبرة، والشمرة، والسماق، ومواد أخرى تعتبر سر المهنة، وتنوع الخلطات ليس السبب الرئيس لتنوع منتجاته فلكل نوع طريقته الخاصة وتسميته الخاصة.