أربعة عشر عاماً مضت من عمر الثورة في سوريا كانت كفيلة بتغيير حياة السوريات وقلبها رأساً على عقب، والمميز بالموضوع بأنها كانت الدرع المتين والمضحية بشكل دائم فمنهن من فقدت فلذة كبدها ومنهن من فقدت عائلتها أو زوجها.
تتعدد الروايات والقصص للنساء السوريات لدى سؤالهن عن المقارنة بين ما قبل عام 2011 ويومنا الحالي أم خليل إحدى النساء التي عاشت هذه الفترة وفقدت ابنها الوحيد تقول بألم والدمعة تكاد تذرف من عينيها وهي تقول، “هذه الأعوام مرت عليَّ ثقيلة جداً فقد فقدت ابني الوحيد خليل خلالها ولم تتكحل عيني برؤية جثمانه فقد صدر اسمه بقائمة المساجين المتوفين بسجن صيدنايا”.
وتكمل: “عانينا كثيراً خلال أعوام الثورة ونتمنى أن تتحسن الأوضاع في البلد فالسوريون من حقهم الفرح والسعادة بعد هذه السنين الصعبة”.
واضطرت بعض النساء السوريات خلال فترة الثورة لدخول لسوق العمل والعمل أحياناً بأعمال شاقة ومرهقة على عكس ما كانت قبل الثورة السورية وتقول سهام النزال، وهي سيدة أربعينية تعمل في معمل لصناعة الألبان والأجبان في مدينة حلب، في حديثها للسوري: “بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السوريون والأوضاع المعيشية الصعبة اضطررت لدخول سوق حتى أساعد زوجي في تأمين ما يلزم للمعيشة فقط”.
وأضافت، “أعمل في معمل للألبان والأجبان بأحر يومي لا يتجاوز 25 ألف ليرة سورية وهو ما يعادل دولارين وهو مبلغ زهيد جداً بالنسبة لعائلة مكونة من ستة أشخاص ولكن ما باليد حيلة “.
حياة حاج موسى معلمة في إحدى مدارس مدينة حلب وتعمل مساءً بمشغل للخياطة قالت للسوري: “أجبرتني الظروف على الدخول لسوق العمل وقبلت أن أكون عاملة في ورشة خياطة وقبل الثورة السورية لم أكن اتصور يوماً أن أعمل بدوام مسائي ولكن تغيرت أحوالنا 180 درجة وصرنا بزمن الما بشتغل ما بيعيش”.
وأفادت المعلمة: “وقتي الآن مليء بالكامل وهذا يتطلب مني بذل جهد كبير ولكن لقمة العيش صعبة جداً، بدأت العمل منذ خمسة أعوام بينما زميلاتي بالمدرسة دخلن سوق العمل بعدي بعدما شجعتهن على الفكرة فمنهن من تعمل بصناعة الإكسسوارات ومنهن من تعمل بغسيل السجاد ومنهن من تعمل بتحضير المونة وبيعها ومنهن من تعمل بالتطريز ومنهن من تعمل في محلات لبيع الألبسة النسائية والكل مرغمات على العمل بقهر الحاجة والعوز”.
ولو اطلعنا على حياة الأرياف لوجدنا الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً ولكن ما يسهله هو اعتياد نساء الريف على الأعمال المرهقة أم عبدو إحدى النساء من بلدة سفيرة تقول للسوري: “نعمل حالياً في ورشة لإزالة الأعشاب الضارة من حقول الفول ومن بعدها سنعمل بحقول الكمون ويليه موسم الحصاد وهكذا فلا يوجد فترة من العام بدون عمل باستثناء شهر أو شهرين في أربعينية الشتاء وبالنسبة للأجور فهي قليلة بالمقارنة مع الجهد الكبير الذي نبذله”.
وبحسب تقارير وإحصائيات فإن النساء السوريات قد تعرضن للعنف الجسدي والنفسي خلال الثورة السورية ولا توجد إحصائيات دقيقة حول هذا الجانب وكان للحقوقية رندة حبيب رأي في هذا الموضوع حيث قالت: “تعرضت السوريات خلال سنوات الثورة السورية للكثير من حالات العنف الجسدي والنفسي فسجلت حالات اغتصاب وقتل وتعذيب وتعنيف جسدي ونفسي “.
وأشارت الحقوقية بأن ما تعرضت له النساء من جرائم خلال فترة سيطرة مرتزقة “داعش” على مساحات واسعة من سوريا أكبر دليل على العنف الذي ارتكب بحق النساء من رجم وجلد وغيره من الجرائم.