لكل السوريين

ارتفاع مشاركة المرأة السورية في سوق العمل رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية

تشهد المدن السورية وعلى رأسها العاصمة دمشق حضوراً متزايداً للمرأة في سوق العمل وسط ظروف اقتصادية خانقة وأعراف اجتماعية ما تزال تشكل عائقاً أمام العديد من النساء. ووفق بيانات رسمية حديثة ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي إلى نحو 50% في تحول لافت بدورها داخل المجتمع السوري.

ويأتي هذا الارتفاع في ظل واقع معيشي صعب حيث لا يتجاوز متوسط دخل المرأة العاملة في القطاع العام 40 دولاراً شهريا نحو 400 ألف ليرة سورية بينما بلغ معدل التضخم نهاية العام الماضي حوالي 800%.

وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من نصف النساء العاملات هن من الأرامل أو المطلقات ما يجعلهن المعيلات الوحيدات لأسرهن. كما أن 15% من العاملات أميات أو يملكن حد أدنى من القراءة والكتابة في حين تمثل خريجات الجامعات والمعاهد 35% و40% من النساء العاملات على التوالي ما يعكس أهمية التعليم في فتح آفاق مهنية جديدة.

ولم تعد مشاركة المرأة تقتصر على قطاعات التعليم والتمريض بل توسعت لتشمل مجالات كانت حكرًا على الرجال مثل البناء والتمديدات الصحية والكهربائية وقيادة سيارات الأجرة والعمل في الأسواق الشعبية والزراعة في المناطق الريفية حيث تبلغ نسبة العاملات في هذا القطاع نحو 45% في بعض المحافظات.

رغم ذلك تواجه النساء تمييزاً واضحاً في الأجور وبيئات عمل تفتقر إلى الأمان وضغوطاً اجتماعية تضعف من شرعية عملهن. وتعمل كثيرات منهن لساعات طويلة مقابل أجور متدنية دون تأمين صحي أو حماية قانونية.

وفيما تتسع رقعة المشاريع الصغيرة لا تتجاوز نسبة سيدات الأعمال 6% بينما تعمل 12% فقط من النساء لحسابهن الخاص. وتبقى صعوبة الحصول على التمويل والدعم الفني من أبرز العوائق أمام النساء الراغبات بتأسيس مشاريعهن الخاصة.

ويغيب الدعم المؤسساتي عن المرأة العاملة فبرامج التوجيه المهني والحماية القانونية غير فعالة أو غير موجودة في ظل ضعف الرقابة على بيئات العمل ما يجعل كثيرات عرضة للاستغلال.

رغم التحديات تشير تحليلات اجتماعية إلى أن المرأة السورية لم تكتف بدور الضحية في ظل الأزمات بل تحولت إلى عنصر فاعل في الصمود الاقتصادي. ومع بوادر الاستقرار النسبي يبرز دورها كركيزة أساسية في إعادة إعمار البلاد بشرط دمجها بشكل منصف ضمن سياسات التنمية.

ويرى مراقبون أن التحديات التي تواجه المرأة في سوق العمل لا تقتصر على الجانب الاقتصادي بل تشمل أبعاداً اجتماعية وثقافية ولا يمكن تحقيق تنمية شاملة دون تمكين النساء من الوصول إلى التمويل والتدريب وضمان حقوقهن القانونية وتغيير الصور النمطية من خلال حملات التوعية المجتمعية.

المرأة التي واجهت الأزمات وتحملت أعباءها تستحق أن تكون شريكاً كاملاً في بناء مستقبل سوريا لا أن تبقى أسيرة للفقر والتهميش.

- Advertisement -

- Advertisement -