لكل السوريين

الظروف الاقتصادية السيئة تنعش عمالة الأطفال وسط سوريا

تقرير/ بسام الحمد

أدى دفع الأهالي بأبنائهم إلى العمل بمهن مختلفة قد تكون مصدر رزقهم، دون التفكير بمخاطر هذه المهن ومشقتها على أطفالهم، ومدى تأثيرها على نمو أجسادهم الغضة، إلى تحول عمالة الأطفال لمشهد مألوف في حمص وحماة وسط سوريا، وضرورة ملحة بالنسبة لكثير من العائلات التي فقدت معيلها وعدم قدرة المنظمات على تلبية احتياجاتهم.

كما أن غياب الوعي لدى الأهالي لأهمية تعليم الأطفال قد يتسبب بزيادة عدد المتسربين من المدارس والالتحاق بأعمال ومهن يستطيعون من خلالها كسب المال لتحقيق الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، دون التفكير بالآثار الجسدية والنفسية التي تخلفها تلك المهن على مستقبل هؤلاء الأطفال، وخاصة المهن التي تتطلب حمل أوزان ثقيلة قد تسبب أمراضا مزمنة وإعاقات دائمة.

تفاقمت ظاهرة عمالة الأطفال في سوريا بسبب الأوضاع المادية الصعبة والفقر الشديد الذي خلفته الحرب وفقدان المعيل للأسرة، كما أن تراجع مستوى التعليم لفترة طويلة ساهم في زيادة انتشار هذه الظاهرة لعدم وجود مدارس مجهزة للتعليم بالقرب من أماكن سكنهم، وغيرها من الأسباب، فكل منهم يحمل مأساة، وقصة وإن اختلفت تفاصيلها إلا أنها تتشابه بالنتائج.

يقول أطباء إن عمالة الأطفال بالعتالة في سن مبكر قد تسبب آلاما عديدة مثل: انقراص في الفقرات، أو انزلاق فقرات، أو مشكلات في الغضاريف، أو تمزق أربطة، لأن الطفل يكون في مرحلة نمو، كما أن ساعات العمل والشروط الصحية غير متوفرة في هذه المناطق، والبيئة غير المناسبة المحيطة بالطفل في أثناء العتالة، قد تتسبب له بمشكلات نفسية أيضا إذ يؤدي اختلاطه بمن هم أكبر منه سناً لسماعه ألفاظاً غير مستحبة ومواضيع أكبر من عمره، كما قد تتسبب له بمشكلات نفسية نتيجة التعنيف الجسدي، واللفظي، الذي قد يتعرض له في أثناء عمله ممن هم أكبر منه سنا.

وقد ينتج عن عمل الأطفال بمهن شاقة في سن مبكرة إعاقة نفسية لدى الأطفال، إذ من الممكن أن يصبح لدى الطفل سلوكيات عدوانية وشراسة تؤخر نموه النفسي، كما أن بعض المهن التي يعمل بها الأطفال في العتالة قد تكون مهنا خطرة من نواح أخرى مثل ورشات البناء وغيرها من المهن التي تصدر روائح لمواد كيماوية، إذ يسبب استنشاق الطفل لروائح تلك المواد  أمراضا تنفسية ورئوية تؤدي إلى أمراض مزمنة تحد من نمو الطفل السليم،  كما أن وجوده في العمل لساعات طويلة دون غيره من الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس ويمارسون حياتهم الطبيعية وهواياتهم يحطم نفسية الطفل ويشعره بحرمانه من أبسط حقوقه.