لكل السوريين

مبعوث ماكرون إلى بيروت.. زيارة متعثرة والشغور الرئاسي مستمر

خلال زيارته الأولى إلى بيروت، التقى المبعوث الرئاسي الفرنسي الجديد مرجعيات وقيادات سياسية وجهات دبلوماسية ورؤساء الكتل البرلمانية على مدار ثلاثة أيام لبحث أزمة الفراغ الرئاسي التي فشلت جلسة البرلمان اللبناني الشهر الماضي في حلّها.

وبحث جان إيف لودريان مع الجهات التي التقاها إمكانية بلورة حل توافقي لأزمة الشغور   الرئاسي المستمرة منذ مغادرة الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري اللبناني نهاية شهر تشرين الأول من العام الماضي.

وجاءت زيارة لودريان، المعروف بخبرته بقضايا لبنان، بعد فشل محاولات باريس المستمرة في لعب دور أساسي في المشهد اللبناني، وآخرها المقايضة التي طرحتها لانتخاب زعيم تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً مدعوماً من حزب الله وحركة أمل، مقابل تكليف نواف سلام برئاسة الحكومة، كشخصية مدعومة من القوى المعارضة للثنائي الشيعي.

وتمحورت الزيارة حول معرفة الحد الأدنى والأقصى لطلبات كل طرف، وتصوره لشكل التسوية ومدى قابليته للحوار وشروطه، وبحث إمكانية الذهاب باتجاه مرشح رئاسي ثالث.

ولم يتوقع المراقبون للشأن اللبناني أن تسفر هذه الزيارة عن نتائج إيجابية في المدى المنظور.

زيارة متعثرة

كرّست جلسة البرلمان اللبناني في الرابع عشر من الشهر الماضي الانقسام الطائفي بشكل غير مسبوق منذ توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر عام 2006.

ورسخت حالة من الاستعصاء بين تمسك الثنائي الشيعي بترشيح سليمان فرنجية للرئاسة، وتمسك خصومه بترشيح جهاد أزعور للمنصب، مما فتح الباب أمام تدخل فرنسا لكسرها، خاصة أن الفرنسيين اعتمدوا في مبادرتهم على نتائج المباحثات الجانبية بين الرئيس ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ولكن موقف فرنسا يواجه بفتور من القوى المسيحية التي عبّرت عن رفضها لتسوية تدعم ترشيح فرنجية، ودعت إلى إعادة النظر بالنظام اللبناني، وطرحت نظام الفدرالية أو اللامركزية الموسعة كبديل عنه.

ويرى محللون سياسيون أن سياسة الرئيس الفرنسي التي تركّز على مصالح فرنسا الاقتصادية في لبنان أثبت عدم جدواها.

وتباينت تحليلاتهم بين من يرى أن فرنسا قد تغير مبادرتها في لبنان على صعيد الشكل أو المضمون، وبين من لا يرى ذلك في ظل إدارة ماكرون لسياسة فرنسا الخارجية، مما يشير إلى فشل اختيار رئيس جديد في المدى المنظور، ويعزز مخاوف اللبنانيين من تعميق التوترات الطائفية في بلادهم التي تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية، وتواجه شللاً سياسياً غير مسبوق في ظل غياب رئيس للبلاد، ومجلس وزراء كامل الصلاحيات، وبرلمان يعاني من انقسامات حادة.

الشغور الرئاسي مستمر

تزامنت زيارة لودريان إلى بيروت مع تساؤلات المتابعين للشأن اللبناني عن مدى تنسيقها مع القوى الإقليمية المؤثرة بالملف الرئاسي، وخاصة مع اللجنة الخماسية التي تضم أميركا وفرنسا وقطر ومصر والسعودية.

وتوقع بعضهم أن تكون الزيارة منسّقة مع أطراف الخماسية، وأن تكون نتائجها على طاولة دولها، ولم يستبعدوا أن تكلّف الخماسية أحد أطرافها بالحوار مع الإيرانيين، حيث تعتبر إيران الطرف الغائب الحاضر بالتنسيق، باعتبارها المظلة الإقليمية لحزب الله وحلفائه.

بينما يرى آخرون أن الرياض غير متحمسة للانخراط في العملية اللبنانية، ولم تنجح باريس في الحصول على غطاء سعودي لدورها في لبنان بصورة كافية.

ويقولون إذا بقيت المعادلات المحلية والإقليمية على ما هي عليه، فقد يستمر الشغور الرئاسي لفترة طويلة، وينسحب على كافة المؤسسات اللبنانية.

ورغم أن جميع الأطراف اللبنانية تدعو إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، إلّا أن المتابعين للشأن اللبناني يرون ما يشبه الاتفاق الضمني بينهم على فوائد الفراغ الرئاسي، فحزب الله يريد سلطة تنفيذية تؤمن له السيطرة على البلاد، بينما يرى الفريق المناوئ له في محاولات حل أزمة الشغور الرئاسي إحياء للمعادلات التي كانت تتحكّم بلبنان طوال ولاية ميشال عون.

كما أن العواصم الإقليمية والدولية باتت مقتنعة بأن إنهاء حالة الشغور الرئاسي يجب أن تبنى على أسس واضحة، ولذلك يوجد توافق ضمني بينها على أن تترافق هذه المرحلة مع العمل على إيجاد قيادة لبنانيّة قادرة على الالتزام بالمبادرة العربية التي أوصلتها الكويت الى لبنان.