لكل السوريين

أسعار زيت الزيتون ما بين اغراء التهريب وأسعار التجار المحليين بالساحل السوري

 اللاذقية/ سلاف العلي

تغنت الجهات الحكومية وتغنى المواطنون بموسم وفير من الزيتون وما سيصبح الامر من وفرة أيضا في زيت الزيتون في ريف الساحل السوري، واستبشر المواطنون الخير بموسم خير حيث سيتوفر زيت اراضيهم إلى موائدهم، لكن بقدرة قادر تحولت الأمور باتجاه معاكس تماما من الوفرة الى القلة وذلك تحت ضغط التجار ومغرياتهم التي تسعى في منحى مغاير للمأمول، فالوفرة بالمادة والخطط وقرارات التصدير المشروطة بحجم العبوات لم تفلح بخفض سعر المادة على مدار العام الجاري، بل على العكس شهد ارتفاعا غير مسبوق.

إن ارتفاع سعر زيت الزيتون ليس مرتبطا بسعر الصرف فقط ولكن بتهريبه أيضا وبكميات كبيرة عبر الحدود من قبل شبكة تجار، فقد بلغ سعر التنكة المباعة لتجار التهريب عبر الحدود اللبنانية ما بين 500-700 ألف ليرة، وخلال الفترة الماضية، شهد سعر زيت الزيتون المحلي بورصة حقيقية ارتفعت مع كل ارتفاع في سعر الصرف، بحيث تجاوز سعر التنكة منه اليوم نصف مليون ليرة سورية، لاسيما وأن ارتفاع سعره لم يعد مرتبطا بسعر الصرف فقط وسط تهريبه على قدم وساق عبر الحدود من قبل شبكة تجار، دون حسيب أو رقيب.

ووصل سعر بيدون زيت الزيتون بسعة 16-17 كيلو، إلى أكثر من 700 ألف ليرة اليوم، ما يعني زيادة بنحو 60 بالمئة عن العام الماضي، وبالتالي هذا مؤشر خطير ولا يبشر بالخير، فهذا الأمر حتما سيولد مخاوفا لدى المواطنين من وصول الغلاء إلى سلع أخرى، خاصة المواد التي يتم تخزينها للتموين والتي تعتبر من أساسيات المطبخ في مدن وريف الساحل السوري مثل زيت الزيتون.

إن تسويق زيت الزيتون يتم عبر عدة قنوات، سواء تسويقه في السوق المحلية أو التصدير إلى السوق العالمية، أما التهريب فهي ظاهرة لتصريف الإنتاج بطرق غير قانونية، وان مراقبة هذه الطرق تقع على عاتق الجهات المعنية بمكافحة التهريب، خاصة وأن وزارة الزراعة معنية فقط بالإنتاج”، وأرجعت سبب ارتفاع الزيت محليا لارتفاع السعر العالمي، إضافة إلى ارتفاع تكاليف إنتاج المادة.

السيد أبو غيث من ريف جبلة أخبرنا بما يلي: “إنه في ظل غلاء المعيشة وصعوبة تدبر جميع متطلبات الأسرة، من الصعب على عائلة متوسطة الدخل أن تشتري بيدون زيت بسبب ارتفاع سعره بهذا الشكل اللامنطقي، حيث تجاوز سعر البيدون الـ 500ألف ليرة، بينما يقارب راتب الموظف الحكومي قرابة الـ 156 ألف ليرة، وقد وصل سعر تنكة زيت الزيتون في الأسواق الى ما بين 400-450 الف ليرة سورية، وهذه الأسعار التي كما يبدو اتفق عليها تجار الزيت فيما بينهم لتسعير الزيت، وهي أسعار مجحفة بحق الأهالي ولا تتناسب مع ميزانيتهم التي ادخروها لشراء الزيت الذي يعد مادة أساسية في كل منزل ولا يمكن الاستغناء عنها”.

السيد أبو جمال وهو مزارع لشجر الزيتون رأى: “أن سبب ارتفاع أسعار زيت الزيتون يعود لعدة عوامل منها: تأثير التغيرات المناخية بطريقة سلبية على المحاصيل كافة بشكل عام، بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف المتعلقة بمستلزمات الإنتاج كالحراثة والتقليم وجني المحصول، وتعرض محصول الزيتون للكثير من الجانحات المرضية وأهمها عين الطاووس وارتفاع تكاليف عصر الزيتون، وان سعر بيدون زيت الزيتون العام الماضي سجل وسطيا 250 ألف ليرة وبلغ إنتاج اللاذقية من محصول الزيتون للموسم الماضي 210 آلاف طن، إذ تعد زراعة الزيتون في اللاذقية الزراعة الأولى من حيث المساحة، وتمتد على مساحة 45 ألف هكتار، وعدد أشجار الزيتون يبلغ نحو 10 ملايين شجرة مثمرة، وان تكاليف الزيتون لا تقتصر على الري والفلاحة والأعمال التي تسبق القطاف، وإن كانت أساسية ومهمة، فعند الوصول إلى موسم عصر الزيتون بعد منتصف تشرين الأول من كل عام، تبدأ تكاليف أخرى بالظهور ويتم التعامل معها بشكل مختلف بين شخص وآخر من المزارعين”.

السيد عاطف وهو مزارع في ريف الشيخ بدر بطرطوس قال لنا: “أن زيادة سعر زيت الزيتون وتوجه المنتجين لطرق التهريب بغية الحصول على تكاليف إنتاجهم على الأقل يعود لغياب الدعم الحكومي للمزارعين، سواء من حيث الوقود أو الأسمدة والمبيدات وغيرها من مستلزمات زراعة أشجار الزيتون، خاصة وأن العناية بأشجار الزيتون أصبحت مكلفة للغاية ، وان الارتفاع غير المسبوق في تكاليف إنتاج زيت الزيتون، يترك آثاره على سعر مبيع ليتر الزيت، وهناك أرقام كبيرة ندفعها لقاء كل عبوة زيت، حيث يشعر غالبية المستهلكين بوطأة سعرها، حيث أن تكاليف إنتاج الزيت تتوزع على أكثر من مرحلة، فهي تصل إلى أكثر من 400 ألف ليرة لكل دونم زيتون، وتتوزع بين تكاليف حراثة الدونم التي تصل إلى 80 ألف ليرة، وأجرة عامل التقليم 25 ألف ليرة يوميا، ويصل سعر كيس السماد الواحد إلى 250 ألف ليرة. وعلى الرغم من انخفاض قيمة الليرة وارتفاع سعر تنكة الزيت لحوالي ربع مليون ليرة خلال العام الماضي، إلا أن دخل الأهالي متدني، وشراء تنكة الزيت يحتاج راتب شهرين تقريبا”.

الأهالي في سوريا اعتادوا على تخزين العديد من المواد الغذائية، دعما لمخزونهم الغذائي طوال فصلي الشتاء والربيع، بغية الإسهام في تخفيف النفقات والمصاريف المعيشية اليومية، ذلك لأن هذه الأصناف الغذائية غير متوفرة في فصل الشتاء وفي حال توافرت فستكون غالية الثمن وطعمها غير جيد مثل مواسمها الطبيعية.

بالتزامن مع هذا السعر المرتفع لزيت الزيتون، يبدو أن نسبة كبيرة من السكان ستمتنع عن شرائه والاكتفاء بالزيوت النباتية ذات الجودة المنخفضة، سواء في الطبخ أو في صنع المونة وتحديدا المكدوس.