لكل السوريين

وسط استنكار محلي ودولي.. إسرائيل تنكر وجود الشعب الفلسطيني وتسعى لابتلاع الأردن

تتوالى خطوات الحكومة الإسرائيلية الاستفزازية ضد الفلسطينيين والعرب، وبعد المجازر التي ارتكبتها بحق المواطنين والبلدات الفلسطينية، ألغى الكنيست الإسرائيلي قانون “فك الارتباط” الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية عام 2005، وينصّ على منع المستوطنين من الإقامة بالضفة الغربية، ولكن تعديل القانون الجديد سيسمح لهم بالعودة إلى المستوطنات في شمال الضفة.

وأنكر وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش وجود الشعب الفلسطيني، وقال “إنه اختراع وحركة عمرها 70 عاماً خلقت لمناهضة الصهيونية”.

وواصل مزاعمه بتجريد الشعب الفلسطيني من هويته بناء على مبادئ القانون الدولي التي ترتكز على التاريخ الحضارة واللغة والعملة والقيادة التاريخية، وتساءل بوقاحة “من كان ملك الفلسطينيين الأول؟ وهل كانت لهم عملة؟ هل هناك تاريخ أو حضارة فلسطينية؟ لا يوجد”.

وتابع وقاحته بقوله “هذه هي الحقيقة التاريخية، هذه هي الحقيقة التوراتية التي يجب أن يسمعها العرب في إسرائيل وكذلك بعض اليهود المشككين في إسرائيل، هذه الحقيقة يجب أن تسمع هنا في قصر الإليزيه، وفي البيت الأبيض في واشنطن، والجميع بحاجة لسماع هذه الحقيقة، لأنها الحقيقة، والحقيقة ستنتصر”.

وفي لقاء أجري معه قبل سنتين أكد رئيس كتلة “الصهيونية الدينية” أن حزبه لن يكون شريكاً بأي حكومة تدعمها الأحزاب العربية “لأن هذه الأحزاب ترفض تعريف إسرائيل دولة يهودية وديموقراطية”، ولن يشارك بأي حكومة تسعى للتوصل لحل نهائي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

ومنذ انضمامه إلى حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة، يسعى جاهداً لتضييق الخناق على الشعب الفلسطيني وقمعه، ويدعو لضم الضفة الغربية المحتلة وطرد الفلسطينيين من بلادهم.

ردود فعل دولية

واجهت تصريحات سموتريتش موجة غضب واستنكار محلية ودولية، حيث رفض اليسار الإسرائيلي هذه التصريحات وهاجمها.

وعلقت وزارة الخارجية الأميركية على إنكار الوزير المتطرف لوجود الشعب الفلسطيني بقولها إن “للفلسطينيين تاريخ وثقافة ثريين، والولايات المتحدة تقدر تقديراً عالياً شراكتنا مع الشعب الفلسطيني”.

وجدد المتحدث باسم الوزارة الإشارة إلى تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن في بيت لحم العام الماضي، التي أكد خلالها التزام الولايات المتحدة “بدولتين لشعبين، لكل منهما جذور عميقة وقديمة في هذه الأرض، يعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن”، على حد وصفه.

كما أعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه الشديد لتصريحات الوزير الإسرائيلي المتطرف ووصفها بـ “الخطأ، وغير المحترمة، والخطيرة، وتؤدي إلى نتائج عكسية في وضع متوتر للغاية بالفعل”.

ودعا مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل الحكومة الإسرائيلية إلى التنصل من هذه التصريحات، والبدء في العمل مع جميع الأطراف لنزع فتيل التوتر.

الأردن يتحرك

استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي في عمّان احتجاجاً على استخدام وزير المالية المتطرف خريطة لإسرائيل تضم المملكة والأراضي الفلسطينية، وإنكاره وجود شعب فلسطيني، وسلمته رسالة احتجاجٍ شديدة اللهجة لنقلها على الفور إلى حكومته.

و”أكدت الرسالة على إدانة الحكومة الأردنية للتصريحات العنصرية التحريضية المتطرفة إزاء الشعب الفلسطيني الشقيق وحقه في الوجود، وحقوقه التاريخية في دولته المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني”.

وحذّرت من “خطورة استمرار هذه التصرفات العنصرية المتطرفة الصادرة عن ذات الوزير الذي كان قد دعا سابقاً إلى محو قرية حوارة الفلسطينية”.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأردنية “تم إبلاغ السفير بضرورة قيام حكومته باتخاذ موقف صريح وواضح إزاء هذه التصرفات المتطرفة، والتصريحات التحريضية الحاقدة المرفوضة من وزير عامل في الحكومة الإسرائيلية”.

وطالب المجتمع الدولي بإدانة هذه التصرفات مؤكداً قيام الوزارة بكافة الإجراءات القانونية للتصدي لها.

ومن جهته صوّت مجلس النواب الأردني لصالح توصية لطرد السفير الإسرائيلي من عمّان،

وطالب رئيس مجلس النواب الحكومة “بإجراءات فاعلة ومؤثرة تجاه استخدام وزير مالية إسرائيل لخريطة مزعومة تضم حدود المملكة والأراضي الفلسطينية المحتلة”.

ودعا الحكومة الأردنية والشعب الأردني إلى الاستعداد لما هو أسوأ، وشدد على أن الأردن مهدد بنفس الدرجة التي تهدد مشروع الدولة الفلسطينية.

برنامج سياسي جديد

أكد باحث أردني مختص في الشأن الإسرائيلي، أن ما صدر عن سموتريتش بشأن الشعب الفلسطيني هو بمثابة “إعلان برنامج سياسي جديد” يعكس قناعة الإسرائيليين بضرورة إنهاء مسألة حل الدولتين”.

وقال إن التيارات الدينية والتيار القومي في إسرائيل يؤمنون بأن الأردن يجب أن تكون جزءاً من دولة إسرائيل.

واعتبر وزير الداخلية الأردني الأسبق سمير الحباشنة الأمر إعلان حرب، ودعا لتسليح الشعب، وحذّر من المشروع الصهيوني الذي يعتبر أن فلسطين والأردن هما جزء لا يتجزأ منه.

ودعا إلى إعادة فورية للخدمة الإلزامية في المملكة، وقال “أدعو الشعب الأردني بكل أطيافه في بواديه ومخيماته ومدنه وأريافه إلى أن يخزن السلاح والذخيرة”.

وأكد أن المشروع الإسرائيلي الصهيوني يسير ضمن محطات ومراحل مدروسة، وأعرب عن اعتقاده بأنهم “يتحضرون لمرحلة جديدة لن يكون الأردن بعيدا عنها”.

وأن ما يصدر من وزراء الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو يأتي في سياق “التحول السريع والمتنامي لدولة إسرائيل إلى الداعشية اليهودية”.

وأشار إلى أن “المشروع الصهيوني يطرح اليوم بلا رتوش ولا مكياج، كما كان في بداياته، إذ كان يعتقد الصهاينة أن الأردن وفلسطين هما جزء لا يتجزأ من هذا المشروع”.

ردود فعل عربية

استنكرت مصر تصريحات الوزير الإسرائيلي، وقال المتحدث بلسان وزارة خارجيتها “إن هذه التصريحات تحمل إيماءات عنصرية تنكر حقائق التاريخ والجغرافيا، وتؤجج مشاعر الغضب والاحتقان عند جموع الشعب الفلسطيني، وشعوب العالم الحر وأصحاب الضمائر الحية حول العالم”.

وأشار المتحدث إلى أن “تلك التصريحات تقوّض المساعي الرامية إلى تحقيق التهدئة بين  الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ونحن على مشارف شهر رمضان المبارك الذي يتزامن هذا العام مع الأعياد المسيحية واليهودية، وجميعها أعياد ترسي معاني التسامح والسلام واحترام الآخر”.

كما أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة تصريحات الوزير الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني، واستخدامه لخريطة دولة إسرائيل تضم حدود الأردن والأراضي الفلسطينية.

وفي بيان لوزارة خارجيتها، شددت على ضرورة مواجهة خطاب الكراهية والعنف، ونوهت بأهمية “تعزيز قيم التسامح والتعايش الإنساني ضمن الجهود المبذولة للحد من التصعيد وعدم الاستقرار في المنطقة”.

ودعت لوضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

وأدانت مملكة البحرين تصريحات الوزير الإسرائيلي، واستخدامه خريطة لإسرائيل تضم المملكة الأردنية الهاشمية والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأكدت وزارة الخارجية رفض مملكة البحرين لخطاب التحريض والممارسات التي تسهم في نشر خطاب الكراهية والعنف وتقوض الجهود والسلام الدولي.

وأكدت الوزارة موقف مملكة البحرين الثابت بدعم الجهود الدولية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية على أساس مبادرة السلام العربية، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

خطوة استفزازية جديدة

في خطوة استفزازية جديدة، ألغى الكنيست الإسرائيلي القانون الذي أقرته الحكومة الإسرائيلية عام 2005، وينصّ على منع المستوطنين من الإقامة في مناطق بالضفة الغربية.

وبموجب هذا القانون، أشرف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون على انسحاب إسرائيل من أربع مستوطنات في شمال الضفة وهي غانيم وكاديم وحومش وسانور، إضافة إلى غوش قطيف جنوبي غزة، كجزء من خطة “فك الارتباط الإسرائيلية” التي اتخذت خلال عهده.

وتعهد خطياً للرئيس جورج دبليو بوش بأن إخلاء هذه المستوطنات والبؤر الاستيطانية “من أجل استقرار الوضع وتقليل الاحتكاك”.

ولكن تعديل قانون “فك الارتباط” الذي تم تمريره في الكنيست مؤخراً، سيسمح لهم بالعودة إلى تلك المستوطنات القريبة من مدينة نابلس في شمال الضفة بعد إخلائها منذ 18عاماً.

وكانت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية قد أشارت إلى أن المستوطنات التي انسحبت منها تل أبيب في قطاع غزة “جزء من أرض إسرائيل، وسيأتي اليوم الذي نعود فيه إليها”.

وقالت إن المرحلة المهمة اليوم هي العودة إلى شمال “السامرة”، وهي التسمية العبرية للضفة،

وأكدت أن “خطيئة فك الارتباط ككل سيتم تصحيحها في نهاية المطاف”.

إدانات دولية واسعة

قال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية  “إن تعديل قانون إخلاء المستوطنات استفزازي ويؤدي إلى نتائج عكسية لجهود استعادة الهدوء في إسرائيل والضفة الغربية”.

وأكد أن واشنطن “منزعجة للغاية” من تحرك للكنيست الذي يمهد الطريق لمستوطنين يهود للعودة إلى أربع مستوطنات في الضفة الغربية.

وجدد موقف الولايات المتحدة بقوله “كنا واضحين في أن التقدم ببناء المستوطنات يشكل عقبة في طريق السلام وحل الدولتين، وهذا يشمل إنشاء مستوطنات جديدة، أو إضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، أو السماح بالبناء من أي نوع على أرض فلسطينية خاصة، أو في أعماق الضفة الغربية المجاورة للمجتمعات الفلسطينية، كل هذا سيسهله هذا التغيير القانوني”.

ومن جهته، دعا الاتحاد الأوروبي إسرائيل إلى إلغاء تعديل القانون، وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد إن قرار الكنيست “خطوة واضحة للوراء”، ويؤثر سلبياً على جهود الحد من التوتر، و”يعيق إمكانية اتخاذ إجراءات بناء الثقة وخلق أفق سياسي للحوار”.

وأكد بوريل على أن الاتحاد الأوروبي ينظر للمستوطنات على أنها غير شرعية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة رئيسية أمام السلام وتهدد قابلية تطبيق حل الدولتين.

كما تعرضت إسرائيل لانتقادات حادة في مجلس الأمن الدولي بسبب توسعها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقرار الكنيست الإسرائيلي تعديل قانون فك الارتباط.

وخاطب مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأدنى المجلس بقوله “أدعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن الإجراءات الأحادية الجانب التي تتسبب بتصعيد للتوترات، وعن كل عمل استفزازي في هذه الفترة الحساسة”، في إشارة إلى الأعياد الإسلامية والمسيحية واليهودية.

وعبّر المبعوث الأممي عن قلقه من التوسع الاستيطاني بعد إضفاء شرعية على تسع مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وبناء وحدات سكنية جديدة في مستوطنات قائمة.

ونددت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين بقرار الكنيست الإسرائيلي، وأعربوا عن قلقهم من إلغاء أجزاء مهمة من قانون فك الارتباط العائد إلى العام 2005.