لكل السوريين

في الذكرى الثانية عشر.. الفاجعة مستمرة، والفقد يزداد زينب قنبر: السوريات يعشن حالة كارثية، ويتعرضن لانتهاكات داخل سوريا وخارجاها

منذ الصرخة الأولى لثورة آذار 2011، كان للمرأة السورية انخراط واضح فيها، متحدّية المخاطر والقتل اليومي والقمع في ميادين الحراك من شمال البلاد إلى جنوبها، جاءت ثورة المرأة السورية ضدّ الممارسات والقوانين التي أهدرت كرامتها لعقود وقيّدتها، لتجد نفسها مع موجات القمع تصارع مصيرا مجهولا وصعبا، متأرجحة بين مسؤولياتها الأسرية الثقيلة سواء في مناطق الحرب أو في مخيمات اللجوء والنزوح.
تجاربهنّ، ومآسيهنّ، وشجاعتهنّ، وإحباطاتهنّ، ومفاهيمهنّ، وآمالهنّ كثيرا ما قادتهنّ إلى معتقلات النظام وغيره والموت تحت التعذيب، وفي ساحات القتال أحيانا متصدية لقمع مورس ضد ذويها.. قصصهن تكتب في مجلّدات سيخلّدها التاريخ ويحكيها برغم مرارتها وآلامها، مجسدة تلك القوة الخارقة التي استمدتها من دموع دماء ترجف حبّا لوطن ينزف.

الإدارية في مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية “مركز حلب” زينب قنبر تحدثت لـ”السوري”:

أن نظرنا إلى الواقع السوري منذ بداية الأزمة؛ نرى أن قضية المرأة ومعاناتها خلال الأزمة تحظى بأهمية بالغة، لجهة ضرورة إيلائها في البحث عن كوامنها ودوافعها والأسباب التي ولدتها، ليتسنى لها طرح الحلول الايجابية والواقعية الكفيلة بوضع حد لها، لطالما شكلت ركناً اساسياً في أي حل مرتقب ومنظور للأزمة السورية، ومن وجهة نظرنا لا يمكن لأي حل سياسي أن يرى النور دون حل قضية المرأة وانهاء معاناتها، بأبعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والنفسية.

فالمرأة السورية وطيلة سنين الأزمة نالت القسط الأكبر من المعاناة والتشظي في مواقعها المختلفة التي تحتلها فهي تحملت معظم أعباء الانقسام المجتمعي والاسري في كل مراحلها وصولاً لمرحلة الحرب الاهلية والطائفية والمذهبية.

والحالة التي مرت بها وتمر بها تمثل جلاء عمق هذه الازمة، وصعوبة حلها في الوقت ذاته.

فالمرأة التي هي نصف المجتمع وعليها تحديات أمام القوى الساعية لحل الأزمة لتفعيل دورها والمشاركة في تقديم مشاريع لحل الأزمة، وهذه حقيقة علينا النظر لها في إطار وطني شامل، والبناء عليه في الانطلاقة نحو انهاء الأزمة بشكل جاد.

بداية يجب الاعتراف بأن الانقسام السياسي، وليس الاختلاف انعكس وبشكل قوي على وجود المرأة، باعتبارها الكائن الاكثر ضعفاً في خارطة الازمة السورية، نظراً لتجردها من وسائل الدفاع عن نفسها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

فغياب دور المرأة في التمثيل في صفوف الحركات السياسية بشكل أو بآخر جعلها ضحية القوى السياسية حيث سلب حقها في المشاركة في صنع القرار ضمن كافة هياكل المعارضة وحتى الدولة السورية.

وهذا الاقصاء جعلها غير قادرة على النهوض وطرح أفكار ورؤى ومشاريع جديرة بأن تتحول لحلول واقعية على الارض حتى المرأة الممثلة تحولت لما يشبه لنوع من الفانتازية السياسية دون فاعلية سياسية لتمتلك الجرأة في طرح قضايا المرأة ومعاناتها والبحث عن حلول جذرية لها.

ففي حالات النزوح التي تعرضت لها المرأة نتيجة احتدام المعارك بين قوى الصراع على الجغرافية السورية دفعت المرأة اكلافاً باهظة لها وعلى اختلاف مواقعها الأم والزوجة والاخت والابنة كانت الضحية الاولى في الصراع، حيث جعلوها مطية لتنفيذ مآربهم، فألتفت للم شمل أسرتها وتوفير مستلزمات الاستمرار والبقاء فكانت الموئل للأسرة سواء في بيت مهجرة إليه غير بيتها أو في مخيمات النزوح، حتى في بلاد اللجوء القاسية.

فمنهم من جعلها أداة ورهينة يتفاوضون عليها للنيل من الطرف الآخر، وأطراف أخرى استخدم تعذيب المرأة والانتقام كجزء من عملية الانتقام من خصمه.

أي ان استهداف المرأة بشكل خاص يعبر عن منهج تكرس في القتال البيني ضمن من يدعون أنهم يمثلون (الثورة السورية).

فانتشرت عمليات خطف المرأة والابتزاز وانتهاك كرامتها والتهديد بقتل أولادها وزوجها أن لم تلبي رغبات الجهة الخاطفة.

وكذلك التعذيب نال من معاناتها وكرامتها من قبل تنظيم داعش أيام سيطرتهم على مناطق سورية سابقاً، ولكن هذا النمط من التعذيب والقمع والاذلال ما زال موجوداً في المناطق التي تحتلها تركيا وبمساعدة ممن تحولوا لأجندة لها من السوريين من فصائل موجودة في تلك المناطق، منهم في مناطق سيطرتهم وحتى ضمن المخيمات يغذون المرأة بأفكار قرو وسطية تحت شعارات دينية لا تمت في الدين بصلة.

أما حالة المرأة في معتقلات الاختطاف في مناطق الاحتلال فهي تتعرض للاغتصاب ولكافة صنوف الانتهاكات بما فيها التصفية الجسدية، بالإضافة إلى زواج القاصرات إما بدافع الخوف أو السترة التي يدعيها الأهل.

وبالحديث عن واقع المخيمات لا يسعنا دون التطرق إلى واقع النساء في مخيم الهول المخيم الذي يمكن القول عنه قنبلة موقوتة، لما يضم عدد كبير من النساء الداعشيات من مختلف الجنسيات واللواتي تحملن الفكر الارهابي الخطير وتحاولن الحفاظ عليه ونقله إلى أشبال الخلافة (الاطفال والمراهقين) مما يزيد من خطورة الوضع واستمرار ذهنية الفكر المتطرف بالأجيال القادمة مع عدم اعتراف دولهن بهن.

هذا كله والمنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق المرأة لم تحرك ساكناً، ففي مخيمات النزوح في دول الجوار التي لجأت لها المرأة لم تكن المرأة بأفضل حال من تلك التي بقيت متشبثة بأرضها والتي عانت من ويلات الحرب، فهي الأخرى كانت ولا تزال تعاني من حالات الابتزاز والانتقاص من كرامتها، حتى في الدول الاوربية التي لجأت إليها المرأة السورية لم تستثنى من المعاناة فقد خضعت لقوانين صارمة تلزمها بالعمل وفق مشيئة الدولة التي نزحت إليها ومع إجبارها في التعليم بلغة الدولة لتنسى مع ذلك هويتها السورية وتنصهر ضمن المجتمع التي تعيش فيه، دون اعتبار لخصوصيتها وبالتالي تحولت حياتهن لروتين ممل دفع العديد منهن للانتحار وازدياد حالات الطلاق.

أما وضع المرأة السورية في مناطق شمال وشرق سوريا مختلفٌ عن باقي المناطق النفوذ السياسي، حيث أن المرأة استطاعت تحقيق معادلة تكافئيه مع الرجل في جميع الميادين وبات دورها التاريخي الذي تقوم به صرحاً من صروح التاريخ وعودة المرأة إلى موقعها الحقيقي في الحياة العملية من خلال تطوير دورها وموقعها وممارساتها في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية إلى جانب مشاركتها في الرئاسة المشتركة ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية، والتي هي انطلاقة لترسيخ مفهوم الامة الديمقراطية وأخوة الشعوب.

وأخيراً فالمعاناة التي مرت وتمر بها المرأة السورية في عموم الوطن لن تنتهي ما دام الاحتلال يضرب بأطنابه جنبات الوطن السوري، وما دام الصراع العسكري يحصد يومياً أرواح السوريين وما زال العنف الممارس ضدها مرهون بإنهاء الازمة السورية وعلى كافة المستويات والمرأة لتأخذ مكانتها الطبيعية ضمن المجتمع ولتمارس دورها بعد أن تسترد كامل حقوقها وكرامتها التي هدرت على أيدي أطراف الصراع، ويجب على المرأة أن تمارس دورها الريادي في المجتمع من خلال مشاركتها الفعالة في جميع مجالات الحياة وخاصة السياسية على ان تكون المرأة مؤثرة في صنع القرار وجامعة في للملة جراح السوريين وتوحيد صفوفهم للوصول إلى سوريا ديمقراطية تعددية لا مركزية.