لكل السوريين

ســـوريا.. التي نريد

لطفي توفيق

في سوريا وجدت أول أبجدية متكاملة وشاملة منذ حوالي3500 عام في أوغاريت التي كانت مركز إشعاع حضاري تميز أهله بإنجاز كتابة ساهمت في انتشار العلم والمعرفة، وجعلت القراءة والكتابة في متناول الجميع، وليست حكراً على الحكام أو الكهان.

في سوريا نمت وتعمّقت حالة العيش “لا التعايش” المشترك بين كافة مكونات الشعب.. واحترم كل مكون فيها خصوصية وقناعات المكونات الأخرى، فقبل 2500 سنة  كُتبت عبارة.. “لا تشتم إلهاً لا تعبده”.. في معابد تدمر السورية.

هذه العبارة التي حفرها على الصخر أجدادنا التدمريون.. لعلهم كتبوها كرسالة إلى الأجيال التي ستأتي بعدهم لتعلمها روح التسامح.

وقبل هذه الرسالة.. جاءت رسالة الإله السوري ” بعل” منذ5000عام “حطم سيفك.. وتناول معولك.. واتبعني لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض.. أنت سوري وسوريا مركز الأرض”.

وهذه المقولة التي تلخّص الثقافة السورية الضاربة في أعماق التاريخ.

لعلها كتبت أيضاً كرسالة إلى الأجيال التي ستأتي.. لتعلمها روح المحبة والسلام.

ولعل هذا.. وغيره.. ما دفع بعالم الآثار الفرنسي شارل فيرلو.. ليقول بعد قراءة النصوص الأوغاريتية ” لكل إنسان متحضر في العالم وطنان.. وطنه الاصلي.. وسوريا “.

هذا غيض من فيض عبق الماضي ولكنا.. كما يبدو لم نحسن القراءة ..في الماضي.. كما ينبغي.

هذا الغيض يجتاحنا كلما أطبق على بلادنا فيض المحن.. والكوارث.. والتناحر.

سنحسن القراءة.. في الحاضر.. ونرفع صوتنا.. ليكون هذا الحاضر لنا.. والقادم لأجيالنا التي ستأتي بعدنا.

نريد سوريا لكل سوري.. ومن أجل كل سوري.. دون تمايز.. أو إقصاء.. أو تهميش مهما كانت الذرائع منمقة.. وخادعة.

نريد سوريا التي تتناغم كافة مكوناتها لتصنع سيمفونية الحب والنماء.. وترسم البسمة على وجه أطفالها.. والآمل بعيون شبابها.

نريد سوريا التي يتعانق فيها الجامع.. والكنيسة.. والمركز الثقافي.. والمسرح.

فلا لا تشتموا إلهاً لا تعبدونه..

وحطموا سيوفكم.. وتناولوا معاولكم.. ولا تخذلوا بعل.