لكل السوريين

المرأة في الحسكة تكسر العادات والتقاليد البالية

الحسكة/مجد محمد

السيدة الأربعينية صباح محمد ناصر، كسرت جميع العادات والتقاليد العشائرية من خلال قيادة (الطريزينة) لبيع قوالب (الثلج) صيفاً، والمواد الغذائية والألبسة والإكسسوار آت النسائية شتاءً، فهذه المهنة تقتصر على الرجال بشكل تام في مجتمعها، إلا أنها لا تكترث كثيراً لما يلاحقها من قيل وقال، فهي تكرس ذاتها لهدف أسمى، فبعدما ضاقت دروب العيش في المنطقة، بات تفكيرها مركزا تماما على تلبية احتياجات طفلتها الصغيرة ووالدتها المسنة المقعدة منذ سنوات، ومساعدة زوجها الذي يعمل في الأعمال الحرة.

(صباح) من حي خشمان الشعبي في الحسكة، وتعيش في منزل بسيط مع زوجها وابنتها الوحيدة (زينب) وبالرغم من أنها امرأة بسيطة ومتواضعة، لكنها متعلمة وحاصلة على الشهادة الثانوية وخضعت لدورة تمريض لمساعدة أهالي الحي رغبة بعمل إنساني، وليس بدافع الربح، لكن الظروف الصعبة كانت لصباح بالمرصاد، وحرمتها فرصتها بحياة طبيعية مستقرة.

وفي لقاء لصحيفتنا مع السيدة صباح ام زينب ذكرت لنا قصتها منذ بداية عملها، وهذا ما ذكرته :

من عملها على “الطريزينة”، تمكنت ابنة حي خشمان الشعبي الواقع على الأطراف الشمالية للحسكة، من ترميم منزلها الذي أصابه دمار كبير جراء تفجير داعشي بشاحنة استهدف (دوار خشمان) قبل سنوات.

بدأت العمل ام زينب بهدف مساعدة زوجها قبل ما يقارب السبعة سنوات، بعد أن رزقها الله طفلة وحيدة أسمتها زينب، وكانت تحتاج للحليب بشكل يومي، بعد عدم تقبلها الرضاعة الطبيعة، ونتيجة وضعها الاقتصادي السيئ كما حال الكثير من العائلات السورية، ووجود والدتها المريضة معها في المنزل وما يتطلبه ذلك من مصاريف إضافية، قررت الدخول في مضمار العمل من خلال بيع مأكولات الأطفال أمام المنزل.

وبكل فخر وسعادة، قالت : قررت شراء الدراجة ذات ثلاثة عجلات والتي تسمى في لهجتنا “الطريزينة” بعد أن عرض علي صاحبها القديم وهو جارنا في الحي شرائها بمبلغ (5 الاف ليرة سورية/ نحو ١ دولار حاليا) وهو يعتبر مبلغا كبيراً على عائلة فقيرة ومحتاجة مثلنا، وأكملت أم زينب: وافق صاحب الدراجة على بيعها لي وفق نظام الدفعات، واستطعنا أنا وزجي تأمين الدفعة الأولى عبر فتح (المطمورة/ وهي علبة للمدخرات الصغيرة وقطع العملة المعدنية)، التي أضع فيها ما يتيسر لي باسم طفلتي الصغيرة، حيث كنت أنوي شراء حلقات ذهبية لإذنيها، إضافة إلى السلفة التي حصل عليه زوجي من صاحب العمل، لأبدأ بذلك مرحلة مهمة في حياتي عبر خلال بيع التجوال وقيادة الدراجة ذات ثلاث عجلات.

وعن طريقة عملها، ذكرت انه خلال فصل الشتاء كانت تقوم ببيع المواد الغذائية ومأكولات الأطفال والألبسة والإكسسوارات على الأطفال والنساء في مخيمات النازحين القريبة من حيها، وعلى سكان الحي أيضاً، وفي فصل الصيف وباعتبار مدينة الحسكة من المدن المعروفة بحرارة جوها وانقطاع الكهرباء فيه لساعات طويلة، قررت أن تقوم ببيع قوالب الثلج على المخيمات ومراكز الإيواء.

وأكملت قائلة : أصبحت مع مرور الوقت أبيع القوالب على الزبائن الثابتين فهناك اصحاب أفران الفطائر ومغاسل السيارات واللحامين وبيع الأسماك وأصحاب المحال التجارية، وعلى أصحاب المنازل الذي يضطرون بشكل يومي لشراء قوالب الثلج لتبريد المياه لهم ولأسرهم.

وبابتسامة تعلوا وجنتيها أضافت” كان الناس في البداية ينظرون لي باستغراب ودهشة، وكنت أسمع من كلام الاستهجان ما أسمع، لكني لم آبه لهذه الأحاديث فما يهمني في النهاية هو سعادة أسرتي وسترها، واستطعت في نهاية الأمر اقناعهم بأن العمل ليس عيباً، ولا يوجد عمل خاص بالرجل، وآخر خاص بالمرأة، المهم أن يكون العمل شريفاً، وألا أمد يدي للناس، أصبح عملي مصدر رزقي، وتأقلمت معه، وبدأت أتعلم إصلاح بعض الأعطال بنفسي

وأشارت السيدة صباح ام زينب”  بأن رسالتها من العمل واضحة بأن المرأة مثل الرجل تستطيع أن تعمل وأن تكون عوناً لزوجها ولأطفالها، فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة، (أليس وراء كل رجل عظيم امرأة) تقولها وهي ضاحكة ومفتخرة

وهناك الكثير من الأقارب والجيران ساعدوني وقدموا لي العون المعنوي في عملي لمساعدة زوجي وأسرتي، تقولها مع ابتسامة لها صوت، من تحت اللثام الذي لا يفرق ووجها أبداً، وهنا تستدرك نفسها كان هناك عدد من المعارضين من الأقارب وأبناء العمومة على عملي، لكن حياة طفلتي وأمي المريضة أهم من كلامهم جميعاً

والجدير بالذكر أنه يجدر بنا القول إن ام زينب امرأة عربية ابنت عشيرة عربية أصلية، وزوجها رجل كردي من عائلة كردية معروفة، فهي سيدة تحترم وتحب كل مكونات مدينتها، فعندما كانت على مقاعد الدراسة كان بجانبها فتيات كرديات وسريان، في صورة جميلة عن مدينة الحسكة المميزة.