لكل السوريين

اهالي قرى الساحل مازالوا يشتغلون بالباطوس والرحى

ما زالت بعض العائلات في قرى الساحل السوري، تحتفظ بالرحى وطاحونة الحجر والذي يسمى ب “الباطوس”.

ويتم صناعة حجر الرحى يدويا، ففي البداية يحضرون الحجر الأزرق ثم يقومون بنقر الرحى التي تتألف من طبقتين، بالإزميل والمطرقة ويعملون على تدوير الحجر بحيث يتكون لديهم حجر دائري يشبه الغربال مثقوب في الوسط ويضعون له قلبا من الخشب، والطبقة السفلى لها فتحة بالوسط والطبقة العليا يتم إجراء فتحة لها بالحرف ويتم وضع عصا من خشب حيث تستخدم لتدوير الرحى.

وكانت ربات البيوت يقمن بطحن كل أنواع الحبوب التي تحتاجها الأسرة كالبرغل والحنطة والعدس وكانت عملية الطحن تستغرق وقتا طويلا.

السيدة الخمسينية ام مزيد، وهي من قرية اسقبله في ريف القدموس، قالت لنا: لقد كان لعملية طحن الحبوب في السابق طقوسا خاصة فكانت النسوة يجتمعن في بيت من يمتلك مطحنة ويتساعدن في العمل فكل واحدة منهن كانت تطحن حاجتها وكن يتسامرن وينشدن الأغاني والأهازيج الشعبية، والرحى الحجري تحافظ على مكانة خاصة في قرى الساحل، إذ يفضله الأهالي كونه يحافظ على نكهة مميزة للحبوب، فضلا عن الإبقاء على قيمتها الغذائية.

ام إسماعيل سيدة في الستينيات، قالت لنا : قبل طلوع الشمس نبدأ الشغل في طحن الحبوب بالرحى الحجري القديم، ومنذ أكثر من 40سنة اشتغل انا وزوجي بطحن الحنطة وباقي الحبوب على مطحنة حجرية ضخمة، في البداية تأتي الحنطة الخام ثم نعمل على غربلتها وننظفها من الشوائب، ثم غسلها ووضعها في حلة (طنجرة نحاسية كبيرة) ثم نسلقها، ومن ثم نأتي بها للطاحون, ونحول الحنطة إلى برغل والسميد، تتميز الحنطة المطحونة بطاحونة الحجر برائحتها المميزة التي تعطي البرغل الطعمة الأصلية الحقيقية، ونقوم بتقشير البرغل بداية، ثم ننشر البرغل، ثم نجرشه فيخرج لدينا نوعان: ناعم للكبة، وخشن للمأكولات المطبوخة كالمجدرة والبرغل بالحمص, وهي ارخص من الطاحونة الالية واقل تكلفة في وقت لا يوجد فيه لا كهرباء ولا مازوت.

اما الطاحونة الكبيرة والذي يدعى بالباطوس، والمستعمل بطحن الزيتون، فكانت تستعمل الدواب من اجل دوران حجر الرحى، وأحيانا يساعد الدواب بعض الأهالي لتسريع الدوران، وخاصة بمواسم الزيتون، لتنتج زيت زيتون اسود جدا، والاهم انه صحي جدا، وذلك بعد ان يتم سلق الزيتون ليتم جرشه وطحنه بالطاحونة، وتجتمع الأهالي نساء ورجال وأطفال، اثناء عملية الطحن ويخضرون معهم خبز التنور والزيتون والسلطات، لتناوله فورا.

وكانت الرحى والباطوس في السابق من أساسيات المنزل، ولكن تم حاليا الاستغناء عنها وباتت تركن في زوايا المنزل كنوع من التحف، وإذا احتاج الأهالي بالقرى لطحن أي شيء فهنالك نساء ورجال يشتغلون بالأجرة والحجر من عند الأهالي.