لكل السوريين

ماذا بعد المواجهة في إدلب؟

حسن مصطفى

شهد الأسبوع المنصرم تطورات خطيرة على الساحة السورية، وتحديداً في منطقة خفض التصعيد في إدلب، تمثل بالمواجهة العسكرية غير المسبوقة بين القوات التركية والفصائل المتحالفة معها من جهة، وبين قوات الحكومة السورية وبإسناد ودعم مباشر من القوات الروسية وصل إلى حد المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية ضد القوات التركية، من خلال استهداف أرتال القوات التركية، وهي محمولة على الناقلات، بشكل يوحي بأن هناك محاولة جادة روسية لكسر الإرادة التركية، والحد من التدخل التركي في الشأن السوري.

من خلال هذه الرسائل الشديدة اللهجة والوضوح، وهذا مؤشر خطير يدل على أن قواعد اللعبة الدولية في منطقة خفض التصعيد قد تغيرت لغير المصالح التركية، بعد أن أيقن العالم بأن النظام التركي يسعى جاداً لضم المزيد من الأراضي السورية بذرائع واهية لا تستند للواقع بصلة، مدفوعا برغبات وأحلام توسعية لاستعادة أمجاد إمبراطورية عفا عليها الزمن.

ومن جانب آخر، يسعى النظام التركي لفرض إرادته عبر التلويح الدائم والمستمر بالقوة العسكرية حيناً، وأحياناً أخرى اللجوء إلى استخدام القوة في العديد من المناطق, وهذا الموقف التركي المتشدد مرده أن الحكومة التركية استشعرت تغير بعض المواقف الدولية لا تصب في المصلحة التركية، إضافة إلى أن الداخل التركي يعيش أزمة سياسية حقيقية أدت إلى تصدع بيت العدالة والتنمية من الداخل، الأمر الذي يدل على أن مستقبل العدالة والتنمية في السياسة التركية لا يبشر بالخير، وباتت أيامه في حالة تراجع.

من هنا نتفهم هذه السياسة الأردوغانية فيما يخص الأزمة السورية، والهادفة إلى نقل الأزمة الداخلية التركية إلى خارج الحدود، وافتعال حرب لعلها تستطيع إعادة تحشيد المجتمع التركي، وتوحيده بذريعة الأمن القومي التركي التي يتوافق عليها جميع الترك في الظروف الطبيعية والاعتيادية.

أما الآن فالواقع يدل على الكثير من شرائح المجتمع التركي وقواه السياسية باتت تدرك أكثر من أي وقتٍ مضى أن دوافع أردوغان هي كلمة حق يراد باطل، ولم تعد تنطلي على أي من الأتراك أفراد ومؤسسات وأحزاب سياسية.