لكل السوريين

شتاء قارس ينتظر أوروبا.. هل يوقف الحرب في أوكرانيا

ينتظر أوروبا شتاء قارس على وقع أزمة الغاز التي ضربت دول الاتحاد الأوروبي في ظل تبعات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث تشكل واردات الغاز الروسي إلى دول الاتحاد الأوروبي نحو أربعين بالمئة من احتياجاتها.

وبعد العقوبات التي فرضتها هذه الدول على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، بادرت موسكو إلى تقليص إمدادات الغاز لأوروبا، مما هددها بشتاء قارس ومظلم، ما لم تتخذ إجراءات قادرة على تعويض مخزونها من الغاز، رغم كل الصعوبات التي قد تواجهها في تحقيق ذلك .

ويرى محللون سياسيون أن شتاء أوروبا سيكون عاصفاً هذا العام، ويشيرون إلى ردات فعل شعبية متوقعة تحت وطأة الأزمة الراهنة، والضغوطات التي تواجه دول الاتحاد الأوروبي،

حيث بدأت بعض الأوساط السياسية فيها تتحدث عن ضرورة تغيير البوصلة باتجاه إيجاد حلول دبلوماسية للأزمة الأوكرانية، بما يفرض تغيير المواقف من هذه الأزمة التي تسببت بوجود نقص كبير في العديد من المواد في أوروبا نتج عنه تذمر شعبي قد يتحول إلى احتجاجات وتظاهرات تعم الشوارع.

قلق وتحذير

قال رئيس وكالة الطاقة الدولية إن شح أسواق الغاز الطبيعي المسال في العالم وخفض إمدادات النفط، وضع العالم في خضم “أول أزمة طاقة عالمية حقيقية”.

وأشار إلى أن زيادة واردات أوروبا من الغاز الطبيعي المسال وسط أزمة أوكرانيا وانتعاش محتمل في طلب الصين على الوقود سيزيدان من شح السوق.

وأعرب عن قلقه من أن يشكل ارتفاع الأسعار والتقنين المحتمل خطراً على المستهلكين الأوروبيين الذين يستعدون لفصل الشتاء قارس.

وعن أمله في أن تجتاز أوروبا هذا الشتاء سالمة رغم بعض الأضرار، إذا ظل الطقس طبيعيا.

وأضاف “ما لم نواجه شتاء شديد البرودة وطويلاً، وما لم تكن هناك أي مفاجآت فيما يتعلق بما مر بنا، على سبيل المثال انفجار خط أنابيب نوردستريم، ينبغي أن تجتاز أوروبا هذا الشتاء مع بعض الأضرار السطحية الاقتصادية والاجتماعية”.

وتوقع خبراء اقتصاديون أن يتزايد الطلب على الغاز والنفط في العام القادم مما سيبقي العالم بحاجة إلى النفط الروسي لتلبية الطلب.

مرحلة حرجة

حذر عمدة كييف السكان من أنهم يجب أن يستعدوا للأسوأ هذا الشتاء إذا استمرت روسيا في ضرب البنية التحتية للطاقة في البلاد، مما يعني احتمال عدم وجود كهرباء أو مياه أو تدفئة في البرد القارس.

واعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أن الغزو الروسي لأوكرانيا يدخل مرحلة حرجة، مشيراً إلى أن فصل الشتاء سيكون صعباً على دول الغرب نتيجة تقنين إمدادات الطاقة الروسية،

وقال في مقال صحفي “تدخل الحرب في أوكرانيا مرحلة حرجة.. الشتاء آتٍ وسيكون صعباً.. صعب على الشعب الأوكراني والقوات المسلحة الذين يقاتلون من أجل حريتهم، وعلى الذين يدعمونهم منا”.

وأشار إلى أن دول الحلف ستواجه ستة أشهر صعبة، وربما اضطرابات مدنية بسبب التهديد بقطع الطاقة.

وأقرّ بأن الغربيين يدفعون ثمن دعمهم لأوكرانيا قبل أن يستدرك قائلاً “الثمن الذي ندفعه محسوب بالدولار واليورو والجنيهات، وسندفع جميعاً ثمناً أعلى بكثير إذا اعتقدت روسيا وأنظمة استبدادية أخرى أنها تستطيع غزو جيرانها والدوس على القانون الدولي من دون عقاب”.

الحرب وبرد الشتاء

مع اقتراب فصل الشتاء واستمرار ارتفاع فواتير الطاقة، والأزمة المعيشية المتصاعدة، تتراكم الضغوط على الأوروبيين، ويتزايد سخطهم على حكوماتهم التي ستجد نفسها في وضع صعب كلما طال أمد الحرب الأوكرانية.

فبعد الحماس الشعبي لدعم أوكرانيا، أثقلت الحرب فيها على الناس وتراجع اهتمامهم بأخبارها، وأصبحت الأزمة المعيشية وأزمة الطاقة تتصدر نشرات الأخبار في أوروبا.

ومع أن تيار المتشددين مازال يضغط لاستمرار الحرب بهدف استنزاف روسيا، إلّا أن تغير المزاج الشعبي في أوروبا قد يفرض على الحكومات تعديل مواقفها والسعي لوقف الحرب.

ومع تصاعد أزمة الطاقة والضغوط الاقتصادية على الدول الأوروبية، قد يكون هذا الشتاء حاسماً في تحديد مسار الحرب أوكرانيا، حيث بدأ الحديث في كثير من الأوساط السياسية بأن أوكرانيا وإن نجحت في إلحاق خسائر متزايدة بالقوات الروسية بفضل الأسلحة الغربية، إلّا أنها لن تتمكن من استعادة كل أراضيها، مما قد يفتح الباب أمام تسوية على طاولة المفاوضات، بعد أن تم إجهاد روسيا في حرب الاستنزاف التي وجدت نفسها فيها.