لكل السوريين

العنف ضد النساء.. ثقافة مجتمعية متجذرة تجميها العادات والتقاليد

تقرير / جمانة الخالد

احتارت مريم عبدالله بالذهاب إلى المخفر لتقديم شكوى ضد زوجها الذي ضربها وكان أن يكسر أسنانها، لكنها قررت الذهاب لبيت أخ زوجها والمبيت عنده ثم عادت لمنزلها في اليوم التالي.

لم تستطع المرأة الذهاب إلى أهلها بسبب الكدمات في وجهها الملون أزرق وأحمر، وعينها المدماة والتورم الحاصل في شفتيها ووجهها، إضافة لإصابة أخرى في أجزاء من جسمها.

تقول المرأة أنها تتحامل “لخاطر أولادها”، ولا ترغب في أن تهدم بيتها بحسب وصفها، وتعول على أن زوجها سيتراجع عن تعينيفها في المستقبل، كذلك إهمال أهلها وصعوبة تفكيرهم كل ذلك يدفعها للبقاء.

ويرتفع العنف ضد المرأة في جميع المجتمعات بنسب متفاوتة، على ركائز الجهل والنظرة الدونية للمرأة والنزعة الأبوية والميل الذكوري للتحكم والسيطرة الكاملة، وتنمّي الظروف الاقتصادية والمعيشية هذه الظاهرة، وتتجذر الدوافع والمسببات عميقاً في حياة الرجل أو المرأة بناء الموروث الاجتماعي السائد.

و”إعلان القضاء على العنف ضد المرأة” الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، يعرّف العنف ضد المرأة بأنه “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.

ظاهرة التعنيف بحق المرأة، لا زالت مستمرة وتنتشر بشكل كبير خاصة في المجتمعات التي يمكن وصفها بالمحافظة، كـسكان حماة وسط البلاد، رغم الحملات لمحاربته والشعارات والجلسات التوعوية، إلا أن الثقافة الجمعية تبقى الطاغية في ذلك.

تقول مريم أن سبب ضرب زوجها لها بسبب انشغالها بتصفح الفيسبوك، عند دخوله للمنزل، هذا الأمر كان كفيلاً بأن ينهال عليها بالضرب والسباب والشتائم.

وغير مريم الكثير من الحالات، التي تسبب لها العنف الأسري وضرب الأزواج بدخول المشافي، وحتى فقدانهن حياتهن نتيجة ذلك، وكذلك التسبب لهن بعاهات مستديمة، وتشوهات.

ليس بالضرورة أن يكون وجود عائلة المرأة المتزوجة بقربها عاملاً مساعداً للحد من العنف الذي تتعرض له، فلكل حالة وضع خاص بها، والتعنيف ليس جسدياً ونفسياً فقط ولا يقتصر على مجتمع معين.

وعلى الرغم من تجريم تعنيف المرأة في القانون السوري، إلا المجتمعات السورية يحكمها العادات والتقاليد والخوف من العيب أكثر من الأمور القانونية، لذلك تلجأ النساء إما لتحمل العنف أو ترك بيت زوجها، وهذه ليست حلول لمواجهة الثقافة المجتمعية المتجذرة، ولا بد من توعية بحقوق المرأة وتوعية النساء والمجتمع.