لكل السوريين

الفخار.. عنصر مهم في تكوين ثقافات الحضارات القديمة

إعداد/ الباحث محمد عزو

استخدم خزافو الفخار القدامى الطين لصنع الكثير من الأواني الفخارية المتنوعة، بينها تلك الأواني المستخدمة في حفظ الطعام ونقله وأنواع أخرى عديدة ومنها الأسرجة الفخارية. والفخار يعد عنصراً مهماً في تكوين ثقافات الحضارات القديمة.

تزخر المتاحف العالمية بمعروضات من اللقى الأثرية التي عثرت عليها بعثات التنقيب الأثرية في أنحاء شتى من العالم، لا سيما في سورية وبلاد الرافدين، وهذه المعروضات تتمتع بأهمية تاريخية وأثرية لكونها تعود لعصور موغلة في القدم، وفي متحف “الرقة” الوطني قبل سرقته كانت هناك معروضة فيه نماذج فخارية تعود لعصور مختلفة كالأسرجة الزيتية وقناديل الإضاءة.

وهذا النوع من المنتج الفخاري يعتبر شاهد مادي يدل على النشاط الصناعي للإنسان، ومدى تطور الفكري والديني، كما أنه يُعد مرآة عاكسة لحياة المجتمعات القديمة نظراً لانتشار هذه المادة في مختلف المواقع الأثرية، ومن الأدوات الفخارية نجد الأسرجة التي يطلق عليها أهل “الرقة” عدة مسميات مثل قولهم السكروجة والمصباح والسراج.

وقد أكدت الدراسات الآثارية على أن بداية تصنيع هذا النوع من المنتج الفخاري  أي بداية تصنيع الأسرجة الفخارية كانت خلال عصر البرونز الرابع المبكر وبداية عصر البرونز الوسيط الأول بين عامي/2200 – 2350/ قبل الميلاد.

ونجد أن الأسرجة الفخارية الزيتية قد أولاها الإنسان اهتماماً كبيراً، حيث تمكنت حضارات قديمة مثل الحضارة “المصرية” و”السورية”و”الاغريقية” ولا سيما “الرومانية” من تطوير صناعة هذه الأسرجة، وذلك أنها استعملت مادة الطين الخفيفة وصنعوا منها أشكالاً ذات أحجام متنوعة ومختلفة وفق فضاء الأمكنة التي ستستعمل فيها، وصنعوا الفتيلة التي تسمح بإطالة مدة الإنارة وذلك باستخراجها من مادة” الْجْنابْ، أي “الكتان” و” البردي”. هذا وكان للسراج الزيتي أهمية كبيرة لدى الإنسان في حياته الدنيوية والدينية. من جهة أخرى لقد تم العثور على كميات كبيرة في موقع” تل أبو علي” الواقع بإزاء الرقة عند الدائر الشمالي لحي” المشلب” على كميات كبيرة من هذه الأسرجة تعود للعصر “العباسي” ، كما تم العثور على مثل هذه الأسرجة في موقع “تل صبي الأبيض” شمال مدينة “الرقة” وفي “تل طاوي حلاوة” الواقع على الضفة اليسرى لبحيرة “سد الفرات”.

كانت جميعها معروضة في متحف “الرقة” الوطني قبل سرقته من قبل الجماعات المسلحة. وكان متحف “الرقة” يحتوي أيضاً على عدد كبير من الأسرجة الزيتية الرومانية، عليها رسوم حيوانية أو نباتية وأشكال أخرى لا رسوم عليها تعود لعصور وعهود مختلفة مثل الفترة “الرومانية” و” البيزنطية” والعربية “الإسلامية”.