لكل السوريين

مع قرب افتتاح المدارس.. تعليم الأبناء يثقل كاهل ذوي الطلبة بحمص وحماة

باتت التكاليف المترتبة على العملية التعليمية في سوريا، مؤخرا تشكل عبئا ثقيلا على ذوي الطلبة في حماة وحمص وسط سوريا، فالتكاليف المرتفعة لم تعد حكرا على الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة، التي أصبحت رسومها السنوية بملايين الليرات، بل شملت مؤخرا حتى الطلبة المسجلين في المدارس الحكومية.

يعتبر القيّمون على المدارس الخاصّة أنّ هذه المدارس لا يمكن أن تستمرّ من دون اللجوء إلى رفع الأقساط وزيادة نسبة القسم المدولر، وأنّ ما تفرضه من زيادات هو فقط لضمان استمراريّة العام الدراسي واستقراره، وبشكل أساسي للحفاظ على المدرّسين، إلّا أنّ لجان الأهل في المدارس الخاصة يرى أنّ هذا الأمر هو نصف الحقيقة.

الخطير في الأمر إضافة إلى العبء الكبير على الأهل، هو أنّ هذه الزيادات تهدّد مستقبل التعليم فالمدارس الخاصة لا سيّما تلك التي كانت لا تزال أقساطها مقبولة كانت قد شهدت العام الماضي والحالي نزوحًا إليها من المدارس الرسميّة لا سيّما في صفوف الشهادات الرسميّة بسبب تعثّر التعليم الرسمي، ولكنّ رفعها الأقساط سيُسبّب على الأرجح العام المقبل نزوحًا منها يمكن أن يتحوّل إلى تسرّب مدرسي طالما الجهات المعنيّة لا تلتفت إلى أزمة التعليم الرسمي أو أقلّه إلى ضرورة وضع خطة طوارئ.

ارتفاع أسعار القرطاسية وملابس المدرس وغيرها من مستلزمات الطلبة، جعل من اقتراب بدء العام الدراسي كابوسا لأهالي الطلبة، التائهين من ارتفاع تكاليف المعيشة والمواد الغذائية والخدمات الأساسية، لا سيما بعد الانهيار الكبير في قيمة العملة المحلية خلال الأشهر القليلة الماضية.

هذا الارتفاع في تكاليف تجهيز الطلبة لبدء العام الدراسي، جعل العديد من الأهالي يضطرون إلى إخراج أبنائهم من المدارس، خاصة أولئك الذين لديهم أكثر من طفل يدرس في المدارس، الأمر الذي يشكل عبئا ماديا خارج إدارتهم، الأمر الذي يثير مخاوف حول ارتفاع أعداد الأطفال المتسربين من المدارس بسبب الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.

كغيرها من السلع، شهدت أسعار ملابس المدرسة واللوازم الأساسية للطالب، ارتفاعا في أسعارها مع اقتراب موعد انطلاق العام الدراسي الجديد، فسعر الحقيبة المدرسية في سوريا يبدأ من ١٠٠ ألف ليرة بارتفاع بلغت نسبة أكثر 300 بالمئة، مقارنة بأسعار العام الماضي.

وشمل الارتفاع جميع اللوازم المدرسية التي يحتاجها الطالب، حيث يبلغ متوسط سعر دفتر السلك 4500 ليرة سورية، والسعر يزيد بحسب عدد الصفحات، بالمقابل سجلت أسعار الدفاتر العادية 3000 ليرة للواحد منها، أما أسعار أقلام الحبر والرصاص تراوحت أسعارها بين 1000 إلى 3000 للواحد منها، والممحاة والمبراة يبدأ سعرها من 500 ليرة.

الكثير من أهالي الطلبة يعجزون على تحمل تكاليف دراسة أبنائه، فاتجه إلى إخراجهم من المدرسة، اليوم تجهيز طالب بأقل التكاليف يكلف بحدود نصف مليون ليرة سورية، فضلا عن التكاليف الدورية المستمرة حتى نهاية العام الدراسي.

وفي الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية في سوريا من تدني مستوى الخدمات التعليمية المُقدّمة للطلاب، تلجأ بعض العائلات السورية إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، لكن ارتفاع رسوم هذه المدارس جعل معظم العائلات يستغنون بشكل نهائي عن تعليم أبنائهم في المدارس.

عاما بعد آخر تشهد رسوم  تسجيل المدارس الخاصة بمختلف مراحلها، ارتفاعا في الأسعار، حيث أصبح تدريس الأطفال في هذه المدارس يحتاج إلى ميزانية خاصة تُقدّر بالملايين، وذلك رغم وجود قرارات تقضي بوضع أسقف سعرية لرسوم المدارس الخاصة في البلاد.

ولا زالت غالبية المدارس الخاصة لم تعلن بشكل رسمي عن رسوم التسجيل السنوية لديها، لكن يقدر ذوي الطلاب أن رسوم التسجيل في المدارس السورية الخاصة لا تقل عن مليوني ليرة سورية.

خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد زيادة في المدارس التعليمية الخاصة، وذلك بسبب تراجع مستوى الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية المجانية، إذ يقول ذوو الطلاب أن أبنائهم أصبحوا يضيّعون وقتهم في المدارس الحكومية التي لم تعد تقدم خدمات تعليمية جيدة كما كان الوضع سابقا.

المشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

التعليم في سوريا يواجه العديد من العوائق، فقد أكد مركز “حقوق الطفل العالمي“، في نهاية عام 2021، أن النزاع أثّر سلبا على جميع جوانب حياة الأطفال السوريين. بما في ذلك تعليمهم. حيث أُصيب التعليم في سوريا بالشلل بسبب تضرر المدارس أو تدميرها، وقتل أو جرح أطفال، ومعلمون أُجبر البعض منهم على الفرار، فضلا عن تغيير المناهج الدراسية لملايين الأطفال.

بحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سن الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل “1989”.