لكل السوريين

النحل السوري من أفضل أنواع النحل عالمياً.. إلى ما يحتاج لتستمر الجودة؟

حلب/ خالد الحسين

يعمل النحال “طارق نزال” من حي “الجميلية” بمدينة “حلب”، في مهنة تربية النحل منذ أكثر من 40 عاماً، وتوارث هذه المهنة أباً عن جد، فهي -كما يقول- من المشاريع الاقتصادية المربحة التي تؤمّن مصدر دخل جيد في حال الاهتمام الكافي بها.

صحيفة السوري التقت النحال “طارق نزال” الذي حدثنا عن تاريخه وخبرته في تربية النحل واستخلاص العسل.

يقول “نزال”: “تربية النحل واستخلاص العسل منه ليس بالأمر السهل بل يحتاجان إلى خبرة وهدوء تامين في طريقة التعامل مع الخلايا، وبالنسبة لي فإن هذه المهنة ورثتها عن والدي قبل أكثر من أربعين عاماً من خلال مناحلنا المنتشرة في أكثر من مكان بريف المحافظة، فقد كان والدي يصطحبني معه أثناء موسم جني العسل، حيث كنت أراقب طريقة عمله خطوة بخطوة، وأحفظها حتى تشكّلت عندي الخبرة والدراية في جني العسل والتعامل مع الخلايا ومعالجة أمراض النحل وأهمها مرض “الفاروا”، ويضيف: “من أهم مقومات نجاح عملنا هو اختيار المكان المناسب لوضع الخلايا قريباً من البساتين والأزهار، وتوفير المياه النقية للشرب إلى جانب الخلايا وبعيداً عن المستنقعات التي تحتوي على الحشرات الضارة التي تعد العدو الأول لخلايا النحل، وكذلك وضع البراويظ الخشبية مع الشمع داخل الخلية كي ينسج النحل عسله عليها”.

وحول الصعوبات التي يعانيها النحالون بيّن “نزال” بأنها تتركز في ارتفاع أسعار الخلايا الخشبية وصعوبة تسويق الإنتاج، إضافة إلى تراجع المساحات الزهرية وارتفاع تكاليف نقل الخلايا من مكان لآخر، داعياً إلى دراسة ومعالجة ظاهرة هجرة النحل، وإعادة منح القروض المادية للنحالين كما كان سابقاً لتمكينهم من الاستمرار بهذه المهنة التي توفر فرص عمل للعديد من العائلات.

وعن أنواع النحل ومراحل القطاف أوضح “نزال” بأنّ هناك أصنافاً مختلفة من النحل، منها (كرنيولي- بكفاست-كارنيكا- بيانا- كردفان- إيطالي)، وهي تختلف عن النحل البلدي بإمكانية جمع أكبر قدر من العسل، إلا أن النحل الأجنبي ضعيف في مقاومة الأمراض والظروف الجوية التي يعتاد عليها النحل البلدي.

وعن مراحل قطاف العسل قال نزال أنه يعتمد بالأساس على توفر المواسم الزهرية، وقد يتم القطاف خلال أشهر الربيع وفق الخريطة الرعوية المتوافرة وأماكن توافر المراعي، مشيراً إلى أنه من الصعب على أي إنسان عادي التمييز بين العسل الطبيعي والمغشوش إلا عن طريق المخابر، وعسل النحل له أنواع وذلك حسب مرعى الزهور والنباتات، ففي الساحل يمتص رحيق وزهور الحمضيات والعجرم، وفي ريف “القلمون” أزهار البركة، وفي ريف “حلب” و”حماة” و”حمص” أزهار اليانسون والكزبرة والشفلح والجاجان، وفي المواسم الجيدة يقارب إنتاج الخلية ثلاثة إلى خمسة كيلو غرامات، ويتميز العسل السوري بجودته وسمعته في الأسواق المحلية والدولية.

يتابع النحال حديثه بالقول إنّ النحالين السوريين تميزوا بخبرتهم في إدارة خلايا النحل، ما أعطاهم النوعية الجيدة من إنتاج العسل السوري الشهير على مستوى العالم، ومن خواصه أنه لا يتلف ولا يحتاج أثناء حفظه لثلاجة، وكل ما يحتاجه هو وضعه بوعاء محكم الإغلاق وتخزينه بحرارة الغرفة العادية، والعسل الصحي والنظيف الناضج يجب أن يكون مختوماً بالشمع أي كما يقال (عسل بشهدو)، أي أنه تمت عملية تجفيفه بالهواء، ويحفظ دون عناء للإبقاء على خواصه وفوائده، شريطة أن لا تتجاوز نسبة رطوبته الـ15 بالمئة، لافتاً إلى أن حال هذه المهنة كحال الكثير من المهن، فيها الربح والخسارة وتحتاج لتوفر عدة ظروف مناخية وطبيعية ملائمة لتحقيق النجاح، مع ضرورة توفر عامل الخبرة للنحال، وعكس ذلك يوقعه بخسائر فادحة.

يقول السبعيني ” عباس الطه ” الخبير بمجال تربية النحل : “يعيش نحل العسل حياةً اجتماعية ضمن مجموعة تسمى الطائفة (colony)، وتتكون طائفة النحل من ملكة واحدة وعدة مئات من الذكور وعدة آلاف من العاملات، وجميعها تعيش في مسكن واحد تسمى الخلية Hive، ويقوم كل فرد من أفراد الطائفة بمهام محددة ضمن الخلية لأجل عيش الجميع بحالة توازن ديناميكي وبما تتطلبه استمرارية الحياة لديهم”.

ويشرح “الطه” في حديثه مراحل من حياة النحل، ويقول: تضع الملكة البيض في قاعدة الخلية من القرص الشمسي، وتفقس تلك البيوض بعد ثلاثة أيام من وضعها، لتبدأ بعدها مرحلة اليرقان في العيون السداسية المفتوحة، حيث يتم تغذيتها بالغذاء الملكي من أفراد النحل الحاضنة ثم بمزيج من العسل.

ويشير إلى أنّ للنحل أنواعاً مختلفةً فهو لا يتشابه مع بعضه بعضا، فهناك أنواع أفضل من الأخرى في إنتاج العسل وبعضها أكثر مقاومة للأمراض وبعضها أكثر هدوءاً، ومن أنواع النحل (الهندي والآسيوي والسوري والأوكراني والقوقازي والإيطالي والأفريقي والقرطاجي)، ويفضل عند تربية النحل تجديد الملكة كل سنتين لتفادي حدوث ظاهرة التطريد، كما ينصح بقلب الخلايا في بداية الربيع والحفاظ على الطوائف المتماثلة بالقوة وتهوية الخلايا.

ويعد نحل العسل بحسب “الطه” من الحشرات النافعة التي يستفيد منها الإنسان في حياته بإنتاج العسل والشمع والغذاء الملكي وغبار الطلع وتلقيح الأزهار والنباتات بمساحات شاسعة من المحاصيل والبساتين والأزهار .