لكل السوريين

لمحات من تاريخ المسرح السوري

عرف السوريون التجارب المسرحية العفوية منذ منتصف القرن التاسع عشر على يد رواد عصر النهضة العربية آنذاك.

وأرجع الباحثون بداية المسرح السوري إلى العام 1871، عندما عرض أحمد أبو خليل القباني أول مسرحية له بمدينة دمشق “الشيخ وضاح ومصباح وقوت الأرواح”، وهي أول مسرحية عربية توافرت فيها شروط وعناصر العرض المتكامل.

واعتبر القباني المؤسِّس الفعلي لفن المسرح في بلاد الشام، حيث أسس أول مسرح عربي في دمشق وقدم من خلاله العديد من العروض المسرحية والغنائية.

وفي عام 1959، اجتمعت الفرق المسرحية والفنية في سوريا تحت إشراف مديرية الفنون التابعة لوزارة الثقافة، وأسست المسرح القومي الذي اعتبر الولادة الثانية للمسرح السوري.

القباني في مصر

بعد إحراق مسرحه، غادر أبو خليل القباني إلى مصر عام 1884، مع مجموعة من الفنانين السوريين، ليتحول من رائد المسرح السوري إلى أحد أهم رواد المسرح العربي في تلك الفترة.

واستقبل الفنان وفرقته باحترام في الإسكندرية، وكتبت جريدة الأهرام تدعو الجمهور المصري إلى حضور مسرحيته الأولى “أنس الجليس”.

وقدم القباني في الإسكندرية أكثر من ثلاثين مسرحية غنائية ارتبط معظمها بقصص من التراث كقصة عنترة وقصص ألف ليلة وليلة، وقصة مجنون ليلى، إضافة إلى نصوص معربة مثل روايتي: الخل الوفي وعايدة، وأدخل صيغة جديدة على المسرح، وهي الفواصل الغنائية التي كان يقدمها بين المشاهد أو بعد انتهاء المسرحية.

ثم انتقل مع فرقته إلى القاهرة، حيث قدم  مسرحيته الأولى “الحاكم بأمر الله” على مسرح دار الأوبرا، حيث سمح له الخديوي توفيق بتقديم مسرحياته فيها لمدة عام مجاناً.

وروى أحد المقربين من الخديوي عن لسانه، أن القباني عندما دخل المسرح وجلس على عرش الملك مجسدا دور الحاكم بأمر الله، أثرت عظمة التمثيل في الخديوي فشردت أفكاره ثم وقف، ووقف الجمهور معه، ثم إذ شعر بنفسه جلس وقال لمن حوله: “خلت أني في قصر أقجه قلعة، وأن السلطان عبد العزيز قد دخل ووقف على عرشه فوقفت إجلالا له”.

وتتابعت نجاحات القباني فأنشأ مسرحه الخاص في القاهرة، واستمر على هذه الحال سبعة عشر عاماً يلحّن ويخرج ويمثل مع فرقته التي رافقته من دمشق، إلى أن أجهز الحريق الثاني على مسيرته الإبداعية في مصر.