لكل السوريين

تحديات تربية النحل بطرطوس بين الخيال والواقع!

طرطوس/ ا ـ ن

يتنوع الغطاء النباتي وبكثافة في ريف مدينة طرطوس لكن ذلك لم يؤد الى تزايد إنتاج العسل في المحافظة، والسبب الرئيسي يعود الى ان قطاع إنتاج العسل في المحافظة يعاني الكثير من الصعوبات والمعوقات التي تهدد باستمرار هذه المهنة.

وللاطلاع على هذه التحديات قمنا بجولاتنا على عدة مناحل في ريف مدينة طرطوس وكان لصحيفتنا عدة لقاءات.

وقال أبو جورج، من ريف طرطوس، إنه “يقوم دائما بنقل مناحله النحل الخشبية إلى مناطق فيه إلى مساحات زراعية كبيرة يحتاجها النحل للغذاء وصنع العسل، فإن قلة المراعي وتعقيم المزروعات بالمبيدات دون رقابة ومهنية أفقدتني الكثير من المناحل المنتجة”.

ويضيف “النحل يحتاج بيئة خاصة ومساحات واسعة تتنوع فيها الأزهار من أجل إنتاج العسل الجيد، إذ إن مساحات كبيرة، وخصوصا المناطق الجبلية التي تنتشر فيها أزهار الربيع، أصبحت مكانا لتمدد العمران إلى الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف نقل المناحل من مكان لآخر نتيجة غلاء المحروقات، وأن الواقع الاقتصادي المتردي انعكس على حياة النحال، مع انعدام فرص تصريف منتجاتنا خارج سورية”.

ورأى أبو منير، وهو نحال قديم يعمل بالمهنة كما قال لمراسلتنا لمدة تتجاوز الـ 15 عاما، إن “المساحات الجغرافية انحسرت، إذ يضطر النحال لنقل مناحله كل شهر من مكان لآخر بحثا عن المرعى، ولا يمكن وضع المناحل في مكان قريب من سكن الناس”.

ويوضح “نحتاج الى الأدوات بالدرجة الأولى صناديق النحل الخشبية، وكانت تكلفة الخلية الفارغة سابقا ما يقارب الـ 80 ألف ل.س، أما اليوم تضاعفت تكلفتها لتصل إلى ما يقارب الـ 200 ألف ل.س، بغض النظر عن سعر النحل وتكاليفه، بالإضافة للمرعى المناسب, نضطر أحيانا لإطعام النحل سكر في فصل الشتاء ليستمر بالعيش، وهذا يزيد من تكاليف تربية النحل، إذ يصل سعر كيس السكر الى 225الف ليرة”.

عبد المالك نحال معروف في ريف بانياس، توجهنا إليه بالسؤال عن المشاكل التي يعاني منها النحالون, فأوضح لنا: “المشكلة الأبرز التي تواجه النحالين, هي قيام المزارعين بالبخ العشوائي بالمبيدات الحشرية والأدوية العشبية، إذ يقوم بعض الصيادلة الزراعيين ببيع مبيدات حشرية بأرخص سعر وأقل جودة، وهي غير خاضعة للرقابة, ونتيجة الرش بشكل عشوائي وأكثر من اللازم”.

ويشير قائلا “أُلحقت أضرار كبيرة بالنحالين، حيث ماتت في العام الماضي قرابة 3000خلية وقد خسرتها، وأن المزارع يقوم برش مزروعاته بدون أن يخبر النحال الذي سيخسر خسارة كبيرة، ولا يوجد ضبط عملية بيع المبيدات الحشرية، ولا ضبط لعملية الرش بما يتناسب مع حاجة المزروعات وعدم الإضرار بالنحل من أجل المحافظة عليه. ولا يوجد سوق لبيع العسل في المنطقة، ولا توجد إمكانية للتصريف والشحن خارج سورية”.

وبين لنا المهندس رائد وهو مرب للنحل: “المشكلات التي نعاني منها هي عدم استطاعة المربين نقل خلايا النحل إلى المحافظات الداخلية كمحافظتي حمص والرقة بسبب تداعيات وظروف الأزمة الراهنة بالإضافة إلى عدم التعويض على مربي النحل في حال تعرضهم للخسائر برغم تشميل القطاع بصندوق تعويض الكوارث الطبيعية، وكذلك عدم تسهيل حصول المربين على القروض وتخفيض الفوائد.

ويضيف “الأخطر هو عدم منع استخدام المبيدات الزراعية الخاصة بمكافحة الأعشاب لضررها المباشر على البيئة وعلى المربين، ولا يوجد حتى الآن مركز متخصص لتلقيح ملكات النحل والعمل على تطوير سلالات النحل المحلية, و لا تتوفر خطة لزراعة شجرة الكينا ونبتة (خبز النحل) على جوانب الطرقات وفي الحدائق نظرا لأهمية هاتين النبتتين وزهورهما في تأمين الغذاء للنحل وخاصة في أوقات قلة الغذاء حيث يضطر المربي لإطعام السكر للنحل تلافيا لموته”.

ولعب التغير المناخي دورا كبيرا في انتشار عدة أمراض وأوبئة تهدد مستقبل النحل، وتثقل كاهل النحال، وأبرز تلك الأمراض هي النوزيما والفاروا، والتي تحتاج لتأمين علاج وأدوية وقاية من خارج البلاد، وهو ما لا يستطيع تأمنيه النحال، وسط عدم مبالاة من قبل الجهات المعنية.