لكل السوريين

التعليم ما بين التجارة ومجانيته

استحقاق العودة للمدارس، وضع المواطن في مدن الساحل في حالة من الارتباك والإحباط، وهو يحاول حل معادلة تأمين بقية لوازم أولاده المدرسية على راتبه المتواضع، خصوصا وأن التعليم الرسمي مضى على بدايته أكثر من ثلاثة أسابيع، بينما الارتفاع غير المسبوق في أسعار المستلزمات المدرسية والكتب مؤخرا تكبل يديه اللتان لا تجدان سبيلا لشراء أهم عناصر الدراسة وهي الكتب.

ان أرباب أسر عديدة في مدن الساحل والريف، يجدون صعوبة بتأمين مستلزمات أبنائهم المدرسية، على أن هذا العام قد يبدو أصعب بعد ارتفاع متواصل على أسعار كافة المستلزمات ومنها مستلزمات الدراسة.

أبو محمد من ريف جبلة ولديه ثلاثة طلاب بالمدرسة الثانوية قال لنا: قبل بدء العام الدراسي الجديد، فإن مؤسسة المطبوعات باغتتنا بأسعار كاوية جديدة، حيث وصل سعر نسخة الكتب لطلاب البكالوريا مثلا للعام الدراسي 2022-2023 إلى ما يقارب ال70 ألف ليرة، أي ما يعادل اكثر من ثلثي راتب شهري للكثير من العاملين في الدولة, إنه رغم شكاوى الأهالي من ارتفاع كلفة اللوازم المدرسية، إلا أن أسعار الكتب المدرسية التي أقرتها المؤسسة العامة للمطبوعات لم تواكبها، وكأن حديث الأهالي على وسائل الإعلام كان غائبا عن أعين المسؤولين.

اضافت الانسة سلوى مدرسة لغة عربية قائلة: بين أوجاع الأسر وقرارات الحكومة، يبدو أن التعليم المجاني بات حبرا على ورق، رغم أنه في هذه المرحلة وفق الدستور السوري هو مجاني وإلزامي تتحمل الدولة تكاليف التعليم في أثناء هذه المرحلة، فإن تكلفة شراء الكتب لأولادي الاربعة، تبلغ حوالي 120 الى 140ألف ليرة سورية، أي أكثر من راتبي الشهري.

الانسة ملك وهي معلمة صف في احدى مدراس جبلة , قالت ان المؤسسة العامة للمطبوعات، رفعت أسعار الكتب المدرسية للمرحلة التعليمية الأولى (الابتدائي)، وبحسب نشرة الأسعار الجديدة، وصل سعر نسخة صف الأولى إلى 34800 ليرة سورية، إذ ارتفع سعر كتاب اللغة العربية من 1000 ليرة إلى 4600 ليرة، ونسخة الصف الثاني وصل سعرها إلى 35300 ليرة، ونسخة الصف الثالث 36300 ليرة، ونسخة الصف الرابع 31400 ليرة، ونسخة الصف الخامس 38500 ليرة، ونسخة الصف السادس 41800 ليرة, كما بلغ سعر نسخة الكتب للصف السابع 52 ألف وللصف الثامن تتجاوز الـ 55500 ل.س، وللصف التاسع 57300 ليرة سورية، فيما بينت المؤسسة وفق لائحة الأسعار الموقعة من مدير عام المؤسسة أن هذه الأسعار يعمل بها منذ منتصف الشهر الجاري.

أبو اسعد من مدينة بانياس، وهورب عائلة ولديه ثلاثة أولاد في المدرسة، قال : ان ارتفاع أسعار مستلزمات الأدوات المدرسية، أثقل كاهل بعض الأسر في مجمل المدن و في الأرياف ، خاصة من لديها أكثر من 3 أو 4 أطفال على مقاعد الدراسة.

رفع أسعار الكتب المدرسية لم يقف عند هذا الحد، بل رفعت المؤسسة أسعار المطبوعات الأخرى لـ 144 نوع من المطبوعات والكتب المستخدمة في التعليم لمرحلة التعليم الأساسي، ومن هذه الكتب على سبيل المثال لا الحصر أصبح سجل لا مانع من قبل التلميذ للتعليم الأساسي 2500 ليرة والورقة الامتحانية بـ50 ليرة، وبطاقة تقويم طفل روضة 1000 ليرة، ودفتر الأنشطة والتدريبات 2800 ليرة، والبطاقة المدرسية 800 ليرة، ودفتر علامات المدرس 1300 ليرة.

وتؤكد السيدة نظيرة من ريف طرطوس,، وهي أم لولدين يرتادون مدرسة عامة ، أنها أثناء وقوفها أمام رف إحدى المكتبات علت الصدمة على وجهها من أسعار المستلزمات الأساسية، أرقام ولا في الخيال، هناك حقائب مدرسية يصل سعرها إلى 250 ألف ليرة ومليون ليرة، أما الشنطة الأرخص فيتجاوز سعرها 50 ألف ليرة، وهنالك لوازم مدرسية على الحكومة توفيرها بالمجان.

الأسواق في طرطوس واللاذقية شهدت هذا العام، مضاعفة أسعار المستلزمات المدرسية، إذ سيجد المتسوق في الأسواق المشهد نفسه؛ وهو تشكيلة واسعة من الملابس المدرسية التي حرص أصحاب المحلات على إبرازها، والتركيز على ما يسمى بالموديل الجديد لهذا العام؛ ما سيكون بلا شك تبريرا لرفع سعر القطعة بآلاف إضافية، والأمر ينطبق أيضا على الحقيبة المدرسية، حيث تبدأ الأسعار من 20 ألف ليرة سورية، وتصل إلى 30 ألفا في المناطق الشعبية, وكل محل له أسعاره , بدون أي رقيب ولا حسيب, فمثلا: يتراوح سعر البطال المدرسي، بين 35 الى 75ألف ليرة، وكذلك القميص، لتتجاوز أقل تكلفة للباس المدرسي مع الحذاء 175 ألفا، وتصل أحيانا إلى 350 او الى 400ألف، وتختلف الأسعار بين الصعود والهبوط تبعا للأسواق، وتصنيفها إما شعبية أو غير شعبية، إضافة إلى المولات والماركات.

ام جمال سيدة التقيناها في سوق الشيخ ضاهر باللاذقية، وهو سوق شعبي, قالت لنا: تراوح سعر دزينة أقلام الرصاص  4500 الى 600 ليرة، وأقلام الحبر تراوح سعرها بين 7-10 آلاف ليرة، أما أسعار المقلمة فتراوحت بين 3599 الى 26000ألف ليرة، وقد تراوح سعر الممحاة، والمبراة بين 600 الى 1000ليرة، وسعر علبة الهندسة بين  7 الى 17ألف ليرة.

السيد الفاضل أبو منصور وهو مدرس قديم متقاعد , في مدراس طرطوس قال لنا حرفيا: أن معاناة جميع أهالي الطلاب, بما يخص الموضوع التعليمي, وخاصة في مدن الساحل السوري, يثبت أن قطاع التعليم في كل سورية يعاني من تدهور كبير على صعيد المستوى التعليمي الحكومي بعد هجرة الكثير من الكوادر من جهة، وعلى صعيد التأمين المجاني لمستلزمات الدراسة، فبعد إقرار أسعار مرتفعة للكتب لم يعد هنالك فرق بين التعليم الحكومي أو الخاص، إلا إن الاخير بات مفضلا للعديد من الأسر رغم غلائه لما يقدمه من خدمات تعليمية ترضي الأبناء والأبناء على حد سواء، ولو أن ذلك يجعله يبدو أقرب إلى التجارة منه إلى التعليم.