لكل السوريين

رحيل الملكة إليزابيث الثانية.. يعيد الجدل حول النظام الملكي في بريطانيا

أعادت وفاة الملكة إليزابيث الجدل حول إلغاء الملكية إلى الواجهة في بريطانيا، وفي الوقت الذي وقف فيه مئات الآلاف من البريطانيين في صفوف طويلة لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمان الملكة الراحلة، واحتشدوا في الشوارع لتشييع جثمانها الذي جاب مدن المملكة، ظهرت بين الحشود فئة محدودة العدد لتعبر عن موقفها من الملكية في بريطانيا.

وسلطت جنازة الملكة الضوء من جديد على “الجمهوريين البريطانيين” الذين يرفعون شعار إسقاط الملكية في المملكة المتحدة والانتقال إلى النظام الجمهوري.

وتداول العديد من البريطانيين مقاطع فيديو وصور أشخاص تعرضوا للاعتقال، بعد أن رفعوا شعار “ليس مَلِكي” بدلاً من شعار “ليحفظ الرب الملك” الذي ردده الناس احتفاء بالملك الجديد تشارلز الثالث.

وتصدر وسم “ليس مَلكي” التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي في بريطانيا، حيث دخل المغردون في نقاشات حادة تستنكر الطريقة التي تم التعامل بها مع الجمهوريين البريطانيين، وتصر على عدم المساس بحرية التعبير.

جدل سياسي

أثار التعامل الأمني مع الأشخاص الذين رفعوا شعارات تطالب بإلغاء الملكية خلال تشييع الملكة، الكثير من ردود الفعل السياسية والإعلامية ووصلت أصداؤها إلى البرلمان والحكومة،

وانتشر مقطع لشاب ينتقد الأمير أندرو خلال مرافقته لجثمان والدته، قبل أن يتم جرّ الشاب بعنف من قبل أحد الأشخاص ويتم واعتقاله.

ودفع هذا السلوك بالكثيرين إلى التحذير من المس بحرية التعبير، وعدم المفاضلة بين حرية التعبير وبين الملكية.

وطالب عدد من البرلمانيين رئيسة الحكومة ووزير الداخلية التوقف عن اعتقال الأشخاص الذين يرفعون شعارات مؤيدة للجمهورية، واحترام حرية التعبير، دون ان يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة.

وبالمقابل انتقد زعيم حزب العمال هجوم البعض على أفراد الأسرة الملكية أو رفع شعارات تطالب بإلغاء الملكية خلال مراسم نقل نعش إليزابيث الثانية، وقال “يجب على الناس احترام حالة الحزن التي يعيشها أفراد الأسرة الملكية، واحترام آلاف الأشخاص الذين يقفون ساعات طويلة من أجل تشييع الملكة”.

الحملة الجمهورية

تأسست “مجموعة الجمهوريين البريطانيين” في لندن سنة 1983، وضمت مجموعة أشخاص يطالبون بإلغاء الملكية في بريطانيا، والانتقال إلى نظام حكم جمهوري فيها.

واستمرت هذه الحركة بنشاطها السلمي بحيث لم يسجل تاريخها أي أعمال عنف أو صدام مع الشرطة أو أي جهة أخرى.

وفي عام 2006 أصبحت هذه المجموعة قانونية بعد تأسيس “الحملة الجمهورية”، وتسجيلها رسمياً لدى السلطات، وكان عدد المنتسبين لها آنذاك بحدود خمسة آلاف عضو، وارتفع هذا العدد إلى 35 ألف عضو سنة 2016، وحسب تقديراتها يتجاوز عدد أعضائها حالياً الثمانين ألف عضو.

ويتزايد نشاط “الجمهوريين” ويزداد الاهتمام بهم خلال أي مناسبة كبيرة تهم الأسرة المالكة، كما حدث خلال وفاة الأميرة ديانا، والاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة، حيث يصبح النقاش حول النظام الملكي محتمداً بين البريطانيين.

وخلال مراسم وداع الملكة الراحلة الحالي، ظهر الجمهوريون بقوة إلى العلن هذه المرة، حيث وقفوا في أكثر من مكان يمر فيه موكب تشييعها وهم يرفعون لافتات تطالب بإلغاء الملكية، مما أدى إلى اعتقال عدة أشخاص لم يعرف عددهم.

يذكر أن إنجلترا شهدت “فترة جمهورية” تم خلالها إلغاء النظام الملكي على يد القائد العسكري أوليفر كرومويل، الذي انتصر على الملكيين في الحرب الأهلية بالقرن السابع عشر، وأعدم الملك تشارلز الأول.

وحاول وضع دستور جمهوري، ولكن علاقته بالبرلمانيين كانت مضطربة بسبب الصراع على الصلاحيات.

وفي عام 1653 حل البرلمان، ورفض تسليم العرش لخليفة للملك تشارلز الأول وأعلن الحكم العسكري.

وفي عام 1685 توفي كرومويل، وفشل ابنه في الحفاظ على السلطة، فقرر الجيش دعوة ابن الملك تشارلز الأول ليصبح الملك تشارلز الثاني، وتعود لإنجلترا الملكية التي ورثها الملك الجديد تشارلز الثالث عن والدته الراحلة إليزابيث الثانية.