لكل السوريين

تدهور الأوضاع الاقتصادية يتسبب بتدهور الصناعات الصغيرة

تشهد مدينة حمص ركوداً غير مسبوق في الصناعات النسيجية والحرف اليدوية، إذ أجبرت الظروف الأمنية والاقتصادية المتردية، أعداداً كبيرة من أصحاب ورش الخياطة على الإغلاق، وبات الآلاف من الصناع المهرة والعاملين في القطاع من دون عمل، ما دفع معظمهم للتفكير بالسفر والخروج من حلب التي تعيش أسوأ حالاتها.

قبل بدء الأزمة السورية والحرب التي دارت رحاها في حمص التي شهدت دماراً واسعاً، كانت الورش تتوزع على معظم أحياء المدينة، عدا المصانع والورش الكبيرة التي كانت متركزة في عدد من المناطق الصناعية.

كانت مدينة حمص نوعاً مدينة صناعية لكنها ليست بشهرة مدينة حلب، يتم تصريف إنتاجها في السوق المحلية وجزء صغير كان يصدر إلى بلدان مجاورة كالعراق، لكن ومع مطلع العام 2023 شهد القطاع انهياراً شبه كامل مع الهبوط الكبير في قيمة الليرة السورية، وضعف القدرة الشرائية لدى الناس، وارتفاع أسعار المواد الخام، وبسبب الضرائب والإتاوات التي يدفعها الصناعيون وأًصحاب الورش للحواجز الأمنية.

بشكل كبير شهدت مهنة الخياطة وقطاع الألبسة الجاهزة بالعموم في حمص تدهوراً ملحوظاً خلال الأشهر القليلة الماضية، كما زادت أوضاع العاملين في هذا القطاع سوءاً، فضلاً عن ازدياد الصعوبات التي تواجه الشركات والورش الصغيرة والمتوسطة المصنعة للألبسة، سواء كان إنتاجها مخصصا للأسواق المحلية أو للتصدير.

يرجع صناعيون أسباب التدهور إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، من أسعار الأقمشة والمواد الكيميائية في الطباعة والخيوط، وغياب المواد الخام المحلية كالقطن، وصعوبة استيراد الخيوط التي كان يأتي معظمها من تركيا، وهذا يتسبب في تقليل هامش الربح للشركات والورش المصنعة ويعرضها لضغوط مالية كبيرة.

شراء الألبسة الجاهزة بات حلماً لغالبية الحماصنة بسبب الارتفاع المهول في أسعارها، وربما بات شراؤها بالنسبة لأبناء الطبقة المتوسطة أيضاً في أوقات محددة، فأسعار الألبسة ارتفعت عن العام الماضي ضعفين وثلاثة أضعاف، حتى وصل الجاكيت الشتوي بين 800 ألف والمليون ليرة سورية، والقميص الرجالي بين 150 و250 ألف ليرة سورية، والبدلة الرسمية يتراوح سعرها بين مليونين و3 ملايين، وطبعا الألبسة الرجالي هي الأرخص بالمقارنة مع النسائية والأطفال، فكسوة طفل للشتاء تزيد على مليون ليرة سورية، وهي أرقام لا تقوى عليها جيوب غالبية أهالي المدينة.

يعاني أهالي حمص كما باقي السوريين في باقي المحافظات من تحول في عاداتهم الاستهلاكية مع تراجع قدرتهم على شراء الملابس الجديدة وارتفاع الأسعار الباهظ، مع قلة الدخل للعمالة والموظفين الحكوميين نتيجة الاقتصاد المنهار، فالملابس وفق المنظور الاقتصادي المستجد تعتبر ثانوية أمام متطلبات المعيشة الأساسية من طعام وشراب وخدمات لا يمكن الاستغناء عنها.

في المقابل يواصل قطاع خياطة الألبسة الجاهزة النزيف في ظل الانهيار الحاصل في الأسواق المحلية، وصعوبة تصريف الإنتاج نحو الخارج، ويسود اعتقاد بأن تختفي مهنة الخياطة بحمص في حال استمر الانهيار وغادر البلاد من تبقى من صناعيين وحرفيين.