لكل السوريين

العراق يدور في حلقة مفرغة.. واحتمالات التصعيد قائمة

أثارت التحصينات التي أقامتها القوات الأمنية العراقية في المنطقة الخضراء التي تضم مقرات حكومية ودولية، العديد من التساؤلات حول أسبابها وفيما إذا كانت الأجهزة الأمنية تستبق شيئاً ما، أو تتخوف من طارئ أمني متوقع.

وتسببت هذه الإجراءات برفع مستوى القلق لدى العراقيين نتيجة التوقعات بحدوث تصعيد بعد انتهاء مراسم زيارة الأربعين لدى الشيعة.

وأثار ريبة العراقيين اقتصار التحصينات على المنطقة الخضراء التي تضم الدوائر الرسمية والوزارات، دون الالتفات لاحتمال أن تحدث تصفية حسابات بين الأطراف السياسية المتنازعة في مناطق بغداد الأخرى، مع تلويح هذه الأطراف باستخدام القوة نتيجة إصرار الإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة قبل حل البرلمان والانتخابات المبكرة، وهو ما يرفضه التيار الصدري ويتوعد بأن أي حكومة جديدة لن تشكل بدون تحقيق الإصلاحات التي يطالب بها، وهو ما يشي بإمكانية اندلاع مظاهرات جديدة قد تترافق بصدامات عنيفة بين التيارات المتنافسة.

معضلة البرلمان

أكدت أعلى سلطة قضائية في العراق على عدم وجود نصوص دستورية تتيح لها التعامل مع الأوضاع المتوترة السائدة.

وقال رئيس مجلس القضاء إن “القضاء يدرك تماما الآثار السلبية للخروقات الدستورية التي حصلت بعد الانتخابات التشريعية في تشرين الأول سنة 2021، المتمثلة بعدم الالتزام بالتوقيت الدستوري لتشكيل السلطة التنفيذية بشقيها رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء”.

ورغم مرور عدة أشهر على وجود البرلمان الجديد، لم ينجح في اختيار رئيس للحكومة وللجمهورية، بسبب حالة التجاذبات السياسية بين الأطراف المتنازعة التي بلغت حد الاشتباك المسلح خلال الفترة الماضية، وسط مطالبات متزايدة بحل البرلمان.

ووفقا للدستور العراقي، لا يمكن حل البرلمان إلّا بناء على طلب من ثلثي أعضاء المجلس، أو بطلب من رئيس الوزراء وموافقة رئيس الجمهورية، وهو ما أشارت إليه المحكمة الاتحادية العليا في البلاد، وأكدت أنه لا يوجد لديها ما تستطيع الاستناد إليه لتقوم بحل البرلمان.

تعديل الدستور

يرى خبراء دستوريون أن الدستور العراقي يحتاج إلى تعديل مواده المتنازع عليها، وخاصة تلك التي تتعلق بالبرلمان.

ويشيرون إلى أن القصور في الدستور ناتج عن تفسير المحكمة الاتحادية العليا لبعض مواده، مثل تفسيرها بتحديد الكتلة الأكبر في البرلمان، وأنها تتشكل من قائمة أو قائمتين داخل مجلس النواب وذلك لترضية بعض الكتل السياسية.

ويعتقدون أن بعض تفسيرات المحكمة الدستورية تسببت بالشلل السياسي، وجعلت من مهمة تشكيل حكومة جديدة، مهمة صعبة بسبب وجود “الثلث المعطل في البرلمان”.

ويؤكدون على ضرورة تعديل العديد من مواده التي تفسح المجال للاجتهاد، وهو ما يسبب أزمة سياسية بعد كل انتخابات.

وعلى أن الأزمة السياسية الحالية تستوجب حل البرلمان الحالي، وإجراء انتخابات مبكرة، على أن تكون أولوية البرلمان المقبل تعديل الدستور.

حلقة مفرغة

يتخوّف متابعون للشأن العراقي من دخول البلاد في “حلقة مفرغة”، إذ يحتاج تعديل الدستور إلى البرلمان الذي يصعب انعقاده في المرحلة الحالية، ولهذا لابد من حله وإجراءات انتخابات مبكرة، ليتمكن البرلمان الجديد من تشكيل لجنة لتعديل الدستور تتوافق عليها غالبية الأطياف السياسية والاجتماعية، ويتم عرضها على الشعب للاستفتاء عليها، على أن يوافق عليها نصف المصوتين زائد واحد، وهو ما يعني الحاجة لحكومة انتقالية، فالبرلمان الحالي لا يمكنه تعديل الدستور ضمن الظروف السياسية السائدة.

وفي خطوة بهذا الاتجاه، اتفقت السلطات التنفيذية في العراق مع غالبية القوى السياسية على إجراء انتخابات مبكرة لتسوية الأزمة السياسية التي تضرب البلاد منذ أشهر.

وجاء الاتفاق خلال لقاء ضم الرئيس العراقي، ورئيس الوزراء، وممثلي الأحزاب السياسية الكبرى في إطار جلسات “الحوار الوطني”.

ولكن مقاطعة التيار الصدري لهذا اللقاء يجعل هذه الخطوة بلا جدوى.

يذكر أن إصرار الإطار التنسيقي للقوى الشيعية العراقية على تشكيل الحكومة قبل حل البرلمان، ورفض التيار الصدري القاطع لذلك، أدخل البلاد بما يشبه “هدنة غير معلنة” فرضتها مناسبة الأربعينية الحسينية التي انتهت يوم أمس.

ومن المتوقع أن يحدث تصعيد سياسي بوتيرة أعلى هذه المرة، وقد يؤدي إلى مواجهات بين الطرفين بسبب تمسك كل منهما بشروطه رغم محاولات التهدئة والعمل على تشكيل حكومة جديدة مغايرة يمكن أن يرضى عنها الصدر.