لكل السوريين

دراسة: العنف الأهلي في سوريا يتصاعد بفعل هشاشة الهويات وتآكل الثقة بالمؤسسات

أصدر مركز عمران للدراسات الاستراتيجية دراسة تحليلية جديدة بعنوان “مؤشرات العنف الأهلي في سوريا.. مقاربة نفسية اجتماعية لبنية الصراع المحلي”، أعدّتها الباحثة حلا حاج علي، كشفت فيها عن أبعاد نفسية واجتماعية عميقة للعنف الأهلي المتزايد في سوريا خلال السنوات الأخيرة.

وأشارت الدراسة إلى أن تصاعد العنف يأتي في ظل انقسام اجتماعي وسياسي حاد، يتقاطع فيه البعد الطائفي مع عوامل اقتصادية وثقافية وأمنية، ما يعكس هشاشة البنية المجتمعية السورية واستمرار تداعيات الصراع الداخلي.

واعتمدت الدراسة على تحليل 50 حادثة عنف أهلي خلال فترة زمنية محددة، شملت أشكالاً مباشرة من العنف مثل الاشتباكات المسلحة، وأخرى غير مباشرة كالعنف الرقمي والتحريض عبر وسائل التواصل. وتبيّن أن 56% من هذه الحوادث ذات دوافع طائفية، وهو مؤشر خطير على تدهور النسيج الاجتماعي في البلاد.

وركزت الدراسة على الأدوار السلبية التي تلعبها بعض الخطابات الرسمية وغير الرسمية في تعزيز الانقسام، كما تناولت تأثير غياب سلطة القانون، وضعف المؤسسات الأمنية، وتضارب مصالح القوى المحلية، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية، كعوامل رئيسية تغذي مظاهر العنف الأهلي.

وتوصي الدراسة بمجموعة من السياسات والإصلاحات الرامية إلى تعزيز السلم الأهلي، أبرزها، إصلاح العقيدة الأمنية عبر تحويل وظيفة المؤسسات من “فرض الأمن” إلى “حماية المواطن”، وهندسة هوية وطنية جامعة من خلال حوارات وطنية شاملة تضمن العدالة والتمثيل.

كما أوصت الدراسة بتفكيك العنف الرمزي بمراجعة الخطابات التعليمية والإعلامية وتعزيز سرديات جامعة، وتفعيل عدالة انتقالية حقيقية عبر معالجة ملفات المغيبين والضحايا وجبر الضرر.

ودعت الدراسة تمكين المجتمع المدني ودعمه بمصادر مستقلة، إلى جانب إشراك الجاليات السورية في جهود المصالحة، وتنظيم الفضاء الرقمي وسن تشريعات صارمة ضد خطاب الكراهية والتحريض عبر الإنترنت.

وتخلص الدراسة إلى أن غياب الحرب لا يعني بالضرورة تحقق السلام، مشددة على أن الطريق نحو التعايش والاستقرار في سوريا يتطلب مشروعاً وطنياً جامعاً يعيد بناء الثقة، ويواجه الهويات القلقة والخطابات الإقصائية، من أجل عقد اجتماعي جديد ينطلق من الإنسان كمرتكز لبناء الدولة.

- Advertisement -

- Advertisement -