لكل السوريين

التقاربات الأخيرة هدفها خلق أزمة سوريا جديدة سياسي سوري: “الاتفاقات هي عملية هدفها القضاء على تطلعات الشعب السوري الذي يناضل منذ 11 عام”

حاوره/ مجد محمد 

بعد سلسلة اجتماعات، عقدت بين الدول المتدخلة في الأزمة السورية، كقمة مدريد واجتماعي طهران وسوتشي، كثفت دولة الاحتلال التركي من هجماتها ضد شمال وشرق سوريا، باستخدام الطائرات المسيّرة والحربية، ومؤخراً وضعت دولة الاحتلال التركي على أجندتها إجراء تصالح وتقارب مع حكومة دمشق.

وللاطلاع بشكل أوسع على أهم التطورات السياسية كان لصحيفتنا “السوري” حواراً موسعاً مع عضو حركة التجديد الديمقراطي في مدينة الحسكة المحامي جورج صومي وجاء الحوار على الشكل التالي:

بشكل عام كيف تقيمون تكثيف تركيا لهجماتها وقصفها على عموم شمال وشرق سوريا، بعد اللقاءات والمحادثات الدولية الأخيرة؟

أن الهجمات التركية وتهديداتها المستمرة لمناطق الشمال السوري هي السبب الرئيسي لعرقلة مسار التسوية السياسية ومأساة الشعب السوري، وكذلك عرقلة عمليات مكافحة الإرهاب وحماية سجون داعش ومخيم الهول الذي يتفق العالم على خطورته على الأمن الإقليمي والدولي.

وكذلك أن هجمات دولة الاحتلال التركي على مناطق شمال وشرق سوريا ليست بالجديدة، وهي وضحا وضوح الشمس ان دولة الاحتلال التركية تدعم الإرهاب عسكرياً منذ بداية الثورة السورية. ثم بدأت في المرحلة الثانية باحتلال عدد من المناطق، ثم قامت ببناء جدار فاصل على طول الحدود واحتلت مناطق كثيرة وهي تستخدم الأن الطائرات المسيرة كاستمرار لعملياتها الإرهابية وتخفيف الضغط عن فلول الإرهاب الموجودة في شمال وشرق سوريا.

المناطق الأخيرة التي كانت تنوي استهدافها منبج وتل رفعت، هل ما منع تركيا هي تلك اللقاءات الدولية؟

المخطط التركي هو احتلال منبج وتل رفعت ومنغ، وتصفية الكرد على وجه الخصوص في تلك المناطق وبشكل خاص النازحين الموجودين في مناطق الشهباء الذين يبدون مقاومة كبيرة من أجل العودة إلى منطقتهم عفرين المحتلة، ومن ثم تنفيذه مخططه ضد عفرين بشكل كامل.

ولكن بعد اللقاءات لم توافق الجهات الدولية وذلك لأسباب عدم موافقة كل من روسيا وإيران لشن تركيا هجوم ضد مناطق منبج والشهباء، فعدم السماح لتركيا بشن هجوم ليس من منطلق أخلاقي أو ما إلى ذلك، في الحقيقة لأن الهجوم التركي يؤثر على مصالح إيران في تلك المناطق نتيجة وجود عدة قرى شيعية، وتؤثر على مصالح النظام السوري المرتبط بروسيا، حيث سيتم محاصرة حلب.

روسيا وإيران هم الحلفاء لحكومة دمشق، لترى انهم السبب في التقارب بين تركيا وحكومة دمشق؟

نعم بالتأكيد، فخطوة التقارب جاءت بعد اجتماعي طهران وسوتشي، ومن ثم كشف زعيم حزب العدالة والتنمية أردوغان نواياه المتعلقة بسوريا، وبدأ بالسعي لإقامة علاقات جديدة وهذا وضع جديد. وحقيقة أن العلاقات مع حكومة دمشق أصبحت إلزامية حسب زعمه تشير إلى فشل سياسات الدولة التركية في سوريا، فلو كان هناك انتصار عسكري وسياسات من شأنها أن تعود بفائدة طويلة الأمد لتركيا لما احتاجت تركيا للحوار مع نظام الأسد، فعندما لم يتحقق هدفهم في سوريا عكسوا موقفهم وقالوا: هدفنا في سوريا ليست المنطقة، بل وحدة سوريا.

حبذا لو تحدثت لنا عن اساس هذا التقارب، ام هل هو لعبة سياسية؟

لا يوجد جواب شافي إلى الآن، الأمور لاتزال ضبابية، ولكن لو كان التقارب مبنياً على جدية الوضع، لكن الموقف الحالي الذي تحتله الدولة التركية في سوريا لا يقدم أساساً للحوار مع الأسد. حتى لو اجتمعوا بوساطة روسيا في اجتماع شنغهاي في أيلول المقبل فسيبقى الأمر كرسالة يوجهها بوتين إلى الخارج، لأن وجود أردوغان في سوريا التي يتحدث عنها حالياً متناقض، إنه يتحدث عن ضم مجموعات المرتزقة الإسلامية لإدارة الأسد، وبغض النظر عما يقوله الزعيم أردوغان فإن مسؤولو حزب العدالة والتنمية يصطفون واحداً تلو الآخر وكأن أقوالهم قد قالها الشخص ذاته، وليست الأوساط المحيطة به فقط، بل من المحتمل أن يرحب حزب الشعب الجمهوري وأحزاب أخرى بالعلاقات مع سوريا.

في حال حدوث التقارب، ما النتيجة؟

الاتفاق لن يحصل بين عشية وضحاها ولكن أن حصل فأن ذلك سوف يخدم مصالح الحكومة التركية والسلطة في دمشق فقط وستكون ضد تطلعات الشعب السوري بمختلف مكوناته، الذي يناضل منذ أكثر من ١١ عاماً من أجل التغيير والتحول الديمقراطي وتحرير الأراضي السورية.

في خضم التقارب نرى قوات الاحتلال تستهدف قوات الحكومة موقعا العشرات من القتلى والجرحى، ماذا بشأن هذا؟

سوريا تتوزع بين مناطق ونفوذ قوى دولية وقوى إقليمية، فالقوى الدولية هي صاحبة النفوذ الفعلي على الأرض، روسيا هي صاحبة النفوذ على الحكومة السورية، وبما أن مصلحة روسيا تتقاطع مع تركيا، فبدون شك لن يتمكن النظام من الرد لا اليوم ولا حتى قبل سنوات.

لنستذكر قبل سنوات عندما احتلت تركيا الشريط الحدودي، الباب وإعزاز وعفرين ثم رأس العين وتل ابيض هذا من جهة، ومن جهة أخرى هذا الصمت وعدم الرد ناتج عن الاتفاقات بين الطرفين كاتفاقية أضنة التي تثبت تقاطع مصالحهما ضد القضية الكردية ومكونات شمال شرق سوريا، حيث اللقاءات الاستخباراتية لم تنقطع بين الطرفين، ما يثبت أن دمشق لا تعنيها حماية الحدود بقدر ما يهمها استمرار التنسيق والالتزام بما تقوم بها روسيا من سياسات تقايض، حيث يدرك النظام جيداً أن بقاءه مرهون بالوجود الروسي.

كما هو معلوم أن أي اتفاق بين تركيا وحكومة دمشق، سيكون ضد الإدارة الذاتية، ما هو موقف الحلفاء وخصوصا الحليف الأمريكي بشأن هذا التقارب؟

على الرغم من عدم انقطاع العلاقات بين تركيا وسوريا، غير أنها اليوم تدخل إطارها العملي، وكلا الطرفين متفقان على نقطة محورية وهي محاربة قسد والإدارة الذاتية إلى جانب أن تأخذ هذه النقطة شكلها الأوسع، حيث محور آستانا، متفق على محاربة هذه التجربة في شمال شرق سوريا، أما أميركا فسياساتها لا زالت ضبابية تجاه هذه التطورات، ما بين دعم قسد من جهة وعدم الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية، وما بين اتخاذ موقف الصمت حيال ما تقوم به تركيا من هجمات بربرية كونها حليفة في الناتو، على الرغم من قدرتها على أداء دور أكبر في اتجاه آخر، ما يخلق لدي رأياً أبعد من ذلك بأن مشروعها، أي المشروع الأميركي، يتطلب خلق فوضى أكثر في المنطقة لتفرض سيناريو آخر لمواجهة السيناريو الروسي التركي والنظام وإيران باستغلال ما يخطط له الروس من تقارب بين النظامين التركي والسوري بدعم القوى السورية الرافضة لهذا التقارب.

وبالتالي تشكيل قوة ثورية حقيقية تنسق مع قسد وتعيد مفهوم الثورة إلى مسارها طبعاً لمصالحها، وبذلك أتوقع أن تدخل الأزمة السورية مرحلة جديدة، لأن قوى التحالف الدولي بقيادة أميركا تدرك جيداً مدى خطورة التقارب الروسي والتركي والنظام في سوريا وكذلك إيران على مشروعها.

برأيك، هل ستستمر دمشق في سياسة الإقصاء وإبادة الشعب السوري في خضم اتفاقاتها ما المحتل التركي؟

على دمشق أن تعلم أن لديها مشاكل مع الشعب السوري، ويجب أن تحل مشاكلها مع السوريين عن طريق الحوار للوصول إلى اتفاقات سياسية، ليس ممكناً أن تحل هذه المشاكل باتفاق مع دولة معادية لسوريا مثل تركيا، إذا طورت دمشق هذه السياسات واتفقت مع نظام فاشي مثل تركيا ضد جزء من شعبها، فأنا ارى أن هذه السياسة لن توضع في خدمة الاستقرار والحل السياسي داخل سوريا، ولن تكون في خدمة الحل الوطني السوري.

ختاماً، هل الإدارة الذاتية في خطر، وما المطلوب مننا نحن هنا في المنطقة؟

الأمر الذي لا يهدد الإدارة الذاتية فقط، بل العالم أجمع، فتركيا أصبحت بهمجيتها وزعرنتها السياسية بالتوسع الاحتلالي خطراً على المنطقة، ومستقبلاً ستشكل خطراً على الدول الأوروبية وغيرها، وهذا ما أكده أردوغان في تصريحاته قبل سنوات، بأن الأوروبيين لا يمكنهم العيش بسلام، وبعدها مباشرة رأينا ما جرى في باريس وبرلين وبريطانيا من عمليات إرهابية، ما يفرض على العالم الحر التحرك ضد هذه الدولة الفاشية، والمطلوب من السياسيين في المنطقة ممارسة الدبلوماسية بطريقة فائقة وحنكة عالية، وكذلك تقوية وتمتين علاقة الإدارة مع الشعب، وسماع متطلباتهم وشكاويهم كي لا يكبر الشرخ بين الإدارة والأهالي.